آخر الأخبار

الدخول البرلماني.. “ملفات ساخنة” تضع نجاعة أداء المؤسسة التشريعية على المحك

شارك الخبر
مصدر الصورة

على بعد نحو أسبوع من افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، من طرف الملك محمد السادس، تكتنف الدخول البرلماني الجديد، رهانات وتحديات عديدة  على أجندة تشريعية مكثفة تشمل ملفات حساسة ومصيرية، أبرزها أزمة طلبة الطب، وإصلاح أنظمة التقاعد، ومشروع القانون التنظيمي للإضراب، ضلا عن ورش إصلاح منظومة العدالة واستكمال مسار إرساء أسس “الدولة الاجتماعية”، وأبرزها مشروع قانون المسطرة الجنائية في انتظار استكمال مسطرة التصديق على مشروع قانون المسطرة المدنية.

وتأتي هذه الملفات في وقت يشهد المغرب ضغوطًا اجتماعية واقتصادية متزايدة، لاسيما بعد الفيضانات الأخيرة التي نجم عنها خسائر في الأرواح والممتلكات، إضافة إلى تداعيات واقعة “الهروب” الكبير، مما يزيد من التحديات التي تواجه الحكومة والبرلمان في الاستجابة لمطالب الشارع والنقابات العمالية، وهو  ما يضع أساسا نجاعة المؤسسة التشريعية على المحك.

وتتزايد حدة أزمة طلبة الطب في المغرب بعد قرار النيابة العامة متابعة 27 طالباً في حالة سراح بتهم العصيان وعدم الامتثال لأوامر السلطة والتجمهر غير المرخص، وذلك بعد توقيفهم خلال وقفة احتجاجية في الرباط.وقد تم تحديد يوم 23 أكتوبر كموعد لأولى جلسات المحاكمة، مما ينذر بتصعيد جديد في الأزمة التي تعيشها كليات الطب بالمملكة منذ أشهر.

في الوقت نفسه، تواجه الحكومة المغربية تحديات كبيرة في سبيل إصلاح أنظمة التقاعد، حيث تعتبر هذه المسألة من أكثر الملفات تعقيدًا وحساسية.ويأتي هذا الإصلاح في ظل مخاوف من إفلاس صناديق التقاعد، وهو ما يثير قلق النقابات العمالية التي ترى في هذه الخطوات محاولة لتحميل العمال والمستخدمين عبء الأزمة.

وفي هذا السياق، ينتظر البرلمان بدء مناقشات موسعة حول هذا الملف الحيوي خلال الأسابيع المقبلة، فيما تسعى الحكومة إلى التوصل إلى توافق مع النقابات العمالية حول الآليات الممكنة لإصلاح أنظمة التقاعد، دون الإضرار بحقوق المتقاعدين والعاملين.

من جهة أخرى، ينتظر البرلمان مناقشة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي أعلنت الحكومة أنه سيتم طرحه نهاية 2024.ويعد هذا القانون أحد أبرز الملفات التي أثارت جدلاً واسعاً بين النقابات والحكومة، حيث أعربت النقابات عن تحفظاتها بشأن بعض بنود المشروع، وخاصة تلك المتعلقة بتقييد حق الإضراب.

رهانات استراتيجية

وفي هذا الصدد، أكد العياشي الفرفار، عضو الفريق النيابي الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أنه سيتم التصويت على مختلف مشاريع القوانين ذات الأهمية التي تروم تحقيق المصلحة العامة، لكون الأغلبية اليوم، حسب تعبيره، تشكل بنية تشريعية صلبة قادرة على أن تصوت بكفاءة ودفاع موضوعي.

وأضاف الفرفار في تصريح لجريدة “العمق”، أن الرهانات التشريعية القادمة ستكون محكومة بتوجيهات الرسالة الملكية، مع التركيز على مشاريع قوانين استراتيجية تتعلق بمدونة الأسرة، والمسطرة الجنائية، ومشروع القانون التنظيمي للإضراب، وإصلاح صندوق التقاعد.

الفرفار أشار إلى أن مدونة الأسرة بحاجة إلى تحديث شامل لاستيعاب المتغيرات المجتمعية، بينما يهدف قانون المسطرة الجنائية إلى مواجهة التحولات الجرمية وتسريع مساطر التقاضي. أما مشروع قانون الإضراب، فاعتبره البرلماني الاستقلالي أنه يشكل فرصة لتحقيق رهان طال انتظاره منذ دستور 1962.

وإلى تعاطي مكونات البرلمان من منطلق الصلاحيات والمهام المنوطة بالمؤسسة التشريعية في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم ومناقشة السياسيات العمومية، فإن دورة أكتوبر تحفل بأجندة تشريعية عنوانها الأبرز مشروع  قانون المالية الذي من المرجح أن يخضع للتحيين في ضوء الأعباء التمويلية التي ستتحملها الموزانة العامة جراء تداعيات الفياضانات واستمرار الجفاف وتمديد دعم الزلزال.

وفيما يخص مشروع قانون المالية برسم سنة 2025، أكد الفرفار أن القانون سيراعي تنزيل التوجهات الملكية المتعلقة بالاستثمار والتشغيل وبناء الدولة الاجتماعية، مشيراً إلى أن الأغلبية الحالية تشكل بنية تشريعية صلبة قادرة على التصويت بكفاءة ودفاع موضوعي لتحقيق المصلحة العامة.

وعلى المستوى التشريعي، تواجه الدخول البرلماني الجديد وجود انتظارات  تتعلق بإخراج العديد من مشاريع القوانين كالقانون الجنائي “وما قد يطرحه من اختلاف في وجهات النظر بين مكونات الأغلبية نفسها”، إضافة إلى إخراج القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات “في ظل النقاش القائم بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، خاصة ما يرتبط بتنفيذ التزامات الحوار الاجتماعي”.

كما تبرز أيضا في هذا السياق، انتظارات المعارضة فيما يتعلق بالتفاعل الإيجابي للحكومة مع المبادرات التشريعية والرقابية التي تقدمها، وخاصة مقترحات القوانين، لاسيما أن مطلب تقوية تأثير البرلمان على الحكومة عبر الآليات الرقابية وتقييم السياسات العمومية لازال حاضرا في النقاش البرلماني، لاسيما مع وجود توجه نحو قياس مؤشرات قدرة البرلمان على القيام بوظائفه التشريعية والرقابية وتقييم السياسات العمومية والوظيفة الدبلوماسية.

أزمات متعددة

في سياق النقاشات السياسية حول أداء الحكومة المغربية تزامنا مع استحقاقات ورهانات الدخول البرلماني الجديد، وجه رشيد حموني، رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، “انتقادات لاذعة” تجاه الحكومة الحالية، واصفاً إياها بـ”الفاشلة” في حل أزمات متعددة.

وأشار حموني إلى أزمة طلبة الطب كمثال بارز على عجز وفشل الحكومة في تدبير الأزمات، وإضرارها على مواصلة أسلوب العناد وتقديم حلول أحادية ورفض مقترحات الأطراف الأخرى في وقت كان بالإمكان تجاوز الأزمة منذ بدابتها.وشدد حموني، في تصريح لجريدة “العمق” على أن الحكومة تمرر العديد من القوانين دون موافقة الفئات المعنية، مما يؤدي إلى احتجاجات واسعة تشمل قطاعات حيوية مثل العدل والصحة.

كما سيشهد البرلمان خلال الدورة التشريعية الجديدة، مناقشة قضايا أخرى مثل أزمة المياه، التي أكد الملك محمد السادس في خطابه الأخير أنها لا تحتمل أي تأخير أو سوء تدبير، بالإضافة إلى مشروع قانون المالية لسنة 2025، الذي سيعطي الأولوية للتشغيل ومواجهة الجفاف.

وأوضح البرلماني ذاته، أن مشروعي قانوني المسطرة المدنية والمسطر الجنائية يواجهان مقاومة قوية، متهماً الحكومة بعدم البحث عن حلول توافقية، وتهديد السلم الاجتماعي.كما انتقد الأداء الحكومي في مواجهة أزمات الغلاء والجفاف، مطالباً بضرورة الامتثال لتوجيهات الملك محمد السادس بخصوص بناء السدود، والتوجه لدعم الفلاحين الصغار المتضررين من الجفاف، بدلاً من صرف أموال طائلة لدعم الحبوب التي لم يلحظ لها تأثير.

.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا