في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يرى الباحث الإيطالي جوزيبي غاليانو أن الغارة الجوية الأميركية في ولاية سوكوتو شمال نيجيريا تجاوزت كونها عملية تقليدية لمكافحة الإرهاب، إذ استُخدمت كوسيلة لإرضاء اليمين الأميركي الذي كان يطالب واشنطن بالتدخل العسكري تحت ذريعة "حماية المسيحيين".
وأكد -في تحليل نشره موقع لو ديبلومات- أن الهجوم يعكس توترا أعمق بين أمن وسيادة نيجيريا وتنافس القوى الكبرى في أفريقيا، فرغم أن العملية جرت بالتنسيق مع السلطات النيجيرية، إلا أن شرعيتها تواجه جدلا محليا.
حرب أميركا على الإرهاب قد تفضي إلى نتيجة معاكسة، عبر تسريع تحوّل جيوسياسي يصبّ في مصلحة قوى تُعد أكثر احتراما لمبدأ السيادة الوطنية
ويتجلى هذا التوتر -بحسب التحليل- في المناطق الشمالية ذات الغالبية المسلمة، حيث تزداد مشاعر عدم الثقة من الحكومة وشركائها الغربيين، مع مخاوف من أن الضربة لم تعالج جذور العنف المحلي.
وبرأي الكاتب، أعادت الغارة الأميركية إحياء شعور النيجيريين بأنّ تدخل واشنطن في شؤونهم يتجاوز مكافحة الإرهاب، ويطول سيادة بلادهم.
ويُذكر هنا تأكيد خبراء بأن الجماعات المسلحة في نيجيريا تنفذ هجماتها بشكل عشوائي ضد المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وأن معالجة الصراع لا يمكن اختزالها في البعد الديني، بل تتطلب معالجة الفقر والتهميش الإقليمي وانهيار الخدمات العامة.
وأشار الكاتب إلى أن رد فعل الشيخ النيجيري البارز أحمد أبو بكر محمود غومي يحمل دلالات مهمة، فقد وصف الغارة بأنها "حملة صليبية ضد الإسلام"، مما يشير إلى أنه لم يندد بالعملية العسكرية فحسب، بل طعن في أساس تحالف الأمن مع الولايات المتحدة.
كما أن دعوة غومي إلى وقف التعاون العسكري مع الولايات المتحدة والتوجّه بدلا من ذلك نحو الصين أو تركيا أو باكستان، تمثل تحوّلا إستراتيجيا قد تترتب عليه تداعيات واسعة النطاق، بحسب الكاتب.
ولا يعكس هذا الخطاب بالضرورة الموقف الرسمي لأبوجا، لكنه يلتقط بوضوح حالة قلق حقيقية، تتمثل في شعور دولة تواجه انعدام أمن مزمنا، لكنها ترفض أن تُستغل ضمن سرديات دينية أو انتخابية مفروضة من الخارج، وفق التحليل.
وحذر الكاتب في خلاصة مقاله من أن حرب أميركا على الإرهاب قد تفضي إلى نتيجة معاكسة، عبر تسريع تحوّل جيوسياسي يصبّ في مصلحة قوى تُعد أكثر احتراما لمبدأ السيادة الوطنية، مما يجعل أفريقيا ساحة تنافس إستراتيجي أكثر من كونها مجرد شريك أمني تقليدي.
المصدر:
الجزيرة