آخر الأخبار

هل تغير الضغوط القضائية موازين المعارضة في تركيا؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أنقرة- تتصاعد في تركيا موجة قضائية جديدة تضع رمزين بارزين من المعارضة تحت مجهر الاتهام، في مشهد يزيد من سخونة السجال السياسي قبيل أي استحقاقات انتخابية مقبلة.

فقد منحت وزارة الداخلية إذنا رسميا بفتح تحقيق ضد رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش على خلفية شبهات تتعلق بإساءة استخدام المنصب، في حين وافقت محكمة جنائية في إسطنبول على لائحة اتهام غير مسبوقة ضد رئيس البلدية المعزول أكرم إمام أوغلو ، تطالب بعقوبات تصل إلى أكثر من ألفي عام سجن في قضية يُزعم أنها الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد.

وأشعلت الوزارة فتيل مواجهة جديدة مع المعارضة بإصدارها قرارا يخول النيابة العامة في أنقرة فتح تحقيق رسمي بحق يافاش وسكرتيره الخاص، على خلفية مزاعم تتعلق بـ"سوء استخدام السلطة" و"الإهمال في الرقابة" المرتبط بإنفاق البلدية على حفلات موسيقية خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2024.

مصدر الصورة أكرم إمام أوغلو يواجه لائحة اتهام تطالب بعقوبات تصل إلى أكثر من ألفي عام من السجن (الأناضول)

تفاصيل القضية

وبحسب ملف التحقيق الذي فتح رسميا في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، فإن الاتهامات تتركز على شبهات هدر للمال العام في تنظيم 32 فعالية فنية، قُدرت خسائرها بنحو 154.5 مليون ليرة تركية (نحو 3.68 ملايين دولار).

وقد أفضى التحقيق إلى توقيف 14 موظفا حاليا وسابقا من العاملين في المديرية الثقافية للبلدية، من بينهم مديرو فروع ورؤساء أقسام، إضافة إلى أصحاب شركات تعاقدت مع البلدية. ويواجهون تهما تتعلق بالتلاعب في المناقصات وسوء استخدام المنصب. و في حال إدانتهم، قد تصل عقوباتهم 18 عاما سجنا لكل فرد.

من جانبه، رفض يافاش بشدة هذه الاتهامات، واعتبر منح الإذن بالتحقيق ضده بمثابة استهداف سياسي محض. وقال في بيان نشره على منصة " إكس "، إنها "ازدواجية معايير سافرة، وسنطعن في القرار أمام مجلس الدولة دون تأخير".

إعلان

وأوضح أن وزارة الداخلية كانت قد أوفدت مفتشا سابقا للتحقيق في الملف نفسه، وقدم حينها إفادة خطية شاملة دون أن يُستدعى للتحقيق المباشر، مشيرا إلى أن إعادة فتح الملف اليوم يمثل انتقائية صارخة في تطبيق القانون.

لم تمر هذه الخطوة القضائية دون ردود غاضبة من المعارضة، حيث اعتبر رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل أن ما يتعرض له يافاش لا ينفصل عن السباق نحو الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال "يافاش واحد من أقوى المرشحين الذين نعتزم الدفع بهم إذا لم يتمكن إمام أوغلو من الترشح، وما يجري بحقه الآن ليس سوى محاولة استباقية لإبعاده من المشهد السياسي".

عاصفة اتهامات

في تطور قضائي هو الأضخم من نوعه في تاريخ الجمهورية، تواجه بلدية إسطنبول وقيادتها السابقة عاصفة اتهامات تقف على رأسها شخصية رئيس البلدية المعزول أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز وجوه المعارضة التركية.

وقدمت النيابة العامة لائحة اتهام ضخمة من 3 آلاف و900 صفحة إلى المحكمة الجنائية العليا الأربعين في إسطنبول، وُصف فيها إمام أوغلو بأنه "زعيم تنظيم إجرامي هدفه تحقيق مكاسب غير مشروعة"، ضمن شبكة يزعم أنها اخترقت مفاصل البلدية على مدى عقد كامل.

المحكمة وافقت رسميا على اللائحة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فاتحة الطريق لمحاكمة علنية وشيكة لم يعلن عن موعدها بعد. وتضم القضية 402 متهما، منهم 105 قيد الاحتجاز، ويتوزعون على مستويات إدارية مختلفة داخل بلدية إسطنبول.

أما إمام أوغلو وحده، فيواجه 142 تهمة منفصلة تشمل تأسيس وقيادة منظمة إجرامية، والرشوة، والتلاعب بالمناقصات، والاحتيال على المؤسسات العامة، وغسل الأموال، وانتهاك قوانين البيئة والضرائب، إلى جانب اتهامات إضافية بجمع وتسريب بيانات شخصية، وإتلاف أدلة جنائية، وعرقلة الاتصالات الرسمية.

وتطالب النيابة العامة بعقوبات تصل إلى ألفين و430 عاما من السجن بحقه. ووفقا للائحة الاتهام، فإن إمام أوغلو يحمل قانونيا مسؤولية كل الجرائم التي نسبت لأعضاء الشبكة المزعومة بصفته قائدها الأعلى.

وتصور النيابة القضية على أنها "تنظيم هيكلي" متجذر داخل مؤسسات البلدية، أطلقت عليه وسائل الإعلام وصف "الأخطبوط"، ويتهم بتوجيه موارد البلدية لتحقيق منافع غير قانونية. وحسب المدعي العام أكن غورلك، فإن هذه الشبكة تسببت بخسائر قدرت بـ160 مليار ليرة تركية (24 مليون دولار) خلال 10 سنوات.



سياق سياسي

يرى عضو حزب الشعب الجمهوري في مدينة بورصة برهان الدين يلتشين أن تزامن التحقيقات القضائية مع كل من أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش لا يمكن قراءته بمعزل عن سياق سياسي أوسع، معتبرا أنه مسار ممنهج لضرب أبرز رموز المعارضة الذين يتمتعون بثقة الشارع.

وقال للجزيرة نت إن هذا التصعيد يأتي بعد سلسلة من الانتصارات التي حققها الحزب في البلديات الكبرى، مؤكدا أن تلك الملفات لن تدفعه إلى تعديل بوصلته بشأن مرشحيه، بل تعزز القناعة بأن المستهدفين هم الأقدر على قيادة التغيير.

إعلان

وختم "من يظن أنه قادر على رسم خياراتنا باستخدام القضاء، يسيء فهم إرادة هذا الشعب. حزبنا سيبقى داعما لكل شخصية يراها مؤهلة لخوض المعركة السياسية مهما بلغت الضغوط".

من جانبه، يرى المحلل السياسي التركي جنك سراج أوغلو أن فتح الملفات القضائية بحق شخصيات مثل إمام أوغلو ويافاش يحمل تداعيات معقدة على المزاج الانتخابي، مشيرا إلى أن السلطة قد تستفيد تكتيكيا من شغْل المعارضة بمعارك قضائية تضعف تركيزها السياسي.

لكنه في المقابل شدد على أن هذا النوع من التصعيد قد يرتد سياسيا، خصوصا إذا قرأه الناخب التركي على أنه موجه ومسيس، ما من شأنه أن يعزز خطاب "المظلومية" الذي لطالما استخدمته المعارضة لتوحيد قواعدها، وتحفيز قطاعات مترددة من الناخبين، وعلى رأسهم الشباب.

وأكد سراج أوغلو للجزيرة نت أن استبعاد وجوه بارزة لا يضمن للحكومة معادلة انتخابية أسهل، بل ربما يدفع المعارضة إلى مزيد من التماسك، ويحول الغضب الشعبي إلى طاقة انتخابية منظمة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا