آخر الأخبار

لبنان وإسرائيل: ما مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

أثناء تجولنا في العاصمة اللبنانية بيروت في أجوائها الاحتفالية بالأعياد، كان الطقس بارداً وممزوجاً بزخات من المطر، استبشر بها الناس خيراً.

الشوارع التي كانت خالية من مواطنيها أثناء الحرب، امتلأت بالسيارات، والناس، وتزينت الأشجار لاستقبال عيد الميلاد والعام الجديد.

التقينا ببعض المواطنين اللبنانيين نستشرف منهم مستقبل البلاد، بعد حرب قتلت منهم قرابة 4 آلاف شخص، ودمّرت مئات المنازل، وعشرات القرى التي اختفى بعضها، وفق تصريحات رسمية.

أحد المارة الذين استطلعنا رأيهم قال مستنكراً، وكأن الحرب لم تنته: "ما زالت إسرائيل تخترق وقف إطلاق النار بشكل شبه يومي في ظل غياب كامل للمجتمع الدولي". وتدّخل آخر في الحديث بعد أن لاحظ الكاميرا بقوله: "مرّ شهر على اتفاق وقف إطلاق النار، وهناك شكوك حول نوايا إسرائيل في لبنان".

النوايا الإسرائيلية تجاه لبنان

فوق تلة من تلال لبنان الجميل تطل على الضاحية الجنوبية لبيروت يقع منزل العميد منير شحادة المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات اليونيفيل.

استقبلنا الرجل بترحاب شديد لكنه مع السؤال الأول عن مستقبل وقف إطلاق النار بين لبنان واسرائيل تحول وجهه للعبوس وقال لفريق بي بي سي ماذا يدفع إسرائيل للانسحاب من لبنان؟

وأضاف شحادة أن الخروقات الإسرائيلية ربت على 800 خرقاً مشيراً إلى أن "إسرائيل تريد تقنين احتلال الأراضي اللبنانية بالتدمير المتعمد لبعض القرى على الشريط الحدودي".

في السياق ذاته أوردت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية خبراً قالت إنه عن مصادر لم تسمها بإمكانية بقاء إسرائيل في الجنوب اللبناني. في الوقت الذي يرى فيه المحلل العسكري الإسرائيلي موشية إلعاد أن سيناريو "عدم الانسحاب" غير قابل للتحقيق إلا في حال وقوع انتهاكات من جانب حزب الله للاتفاق.

ويقول إلعاد إن "إسرائيل ملتزمة بالاتفاق وستُتمم الانسحاب بالكامل كما هو مقرر، خاصة أنها قد وقّعت الاتفاق تحت إشراف قوى أمريكية وأوروبية، بشرط عدم انتهاك حزب الله للهدنة أو القيام بأي استفزازات جديدة".

وأوضح أنه من بين أبرز الانتهاكات المحتملة التي قد تؤدي إلى تعقيد الموقف هو وصول عناصر حزب الله إلى السياج الحدودي، أو إدخاله أسلحة وذخائر جديدة، أو اختراقه لمنطقة ما وراء نهر الليطاني باتجاه إسرائيل. ومع ذلك، استبعد إلعاد وقوع هذه الانتهاكات في المستقبل القريب، نظراً لانشغال كل طرف بأولويات داخلية أخرى.

الحكومة اللبنانية من جانبها كانت قد رفضت بشكل قاطع استمرار الخروقات الاسرائيلية وضغطت على اللجنة الدولية لمراقبة وقف إطلاق النار لتضغط على إسرائيل لوقف الخروقات.

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أبلغ اللجنة رفض بلاده استمرار الانتهاكات الاسرائيلية وذلك بعد جولة قام بها ميقاتي في الجنوب اللبناني لإبقاء اتفاق وقف إطلاق النار في بؤرة الأحداث العالمية والتأكيد على التزام بلاده بالاتفاق ورسالة إلى الداخل اللبناني بمحاولات الحكومة لإنفاذ هذا الاتفاق.

مصدر الصورة

ماذا يمكن أن تفعل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار؟

مصدر الصورة

اعتدل العميد منير شحادة في جلسته قبل أن يقول لنا أن اللجنة الخماسية التي تشرف على وقف إطلاق النار، عندما كانت مجتمعة في الناقورة، كانت القوات الإسرائيلية على بعد عدة أمتار تقوم بهدم وتفجير بعض المنازل في الناقورة أيضاً.

والأخطر من ذلك هو دخول بعض المستوطنين إلى "مارون الراس" ونصبهم خياماً هناك، برسالة واضحة أن إسرائيل تسعى للاستيطان في لبنان.

والأشد خطورة برأي شحادى، عندما قامت إسرائيل بُعيد قرار وقف إطلاق النار بقصف العمق اللبناني في منطقة البقاع وكذلك دخلت وادي الحجير. وأضاف شحادة "نحن نلاحظ أنه منذ قرار وقف اطلاق النار أي منذ شهر حتى الآن، تتقدم القوات الإسرائيلية في أراض لم تدخلها أثناء الحرب".

وأضاف المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى اليونيفيل بأن تشكيل اللجنة المشرفة تأخر كثيراً، حيث قامت اسرائيل بأعمال "عدائية" كثيرة أثناء تشكيل اللجنة، "وعندما رد حزب الله بقصف كفر شوبا لم يخرق القرار 1701 حيث أن المنطقة ليست ضمن قرار الأمم المتحدة".

وحينما رد حزب الله على الخروقات الإسرائيلية كان رداً تحذيرياً ربما أجبر الدول العظمى على إرسال الضابط الفرنسي الذي تأخر على اللجنة، وبالتالي بدأت اللجنة عملها.

وبالرغم من كل هذه الخروقات يضيف شحادة بأن اللجنة لم تجتمع سوى مرتين والمرة الاخيرة كانت بطلب من رئيس الحكومة اللبنانية، وبدلاً من أن تكون اجتماعاتها مكثفة لتواكب الخروقات الكثيرة التي تحدث فهي تعمل ببطء "وكأنها تغض الطرف لتحقق إسرائيل ما لم تحققه أثناء الحرب".

وأوضح الرئيس السابق لفرع المخابرات اللبنانية في الجنوب، العميد علي شحرور لبي بي سي، أن صلاحيات لجنة الإشراف على تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار تتضمن فقط رصد تنفيذ الاتفاق، ولكنها لا تستطيع الضغط لتحقيق وقف إطلاق النار بالقوة حيث أنها تشكلت بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على اتخاذ التدابير المناسبة دون استخدام القوة المسلحة للتنفيذ.

قرار 1701 بين "الخروقات الإسرائيلية" وآليات التنفيذ

القرار 1701 تبناه مجلس الأمن في أغسطس / آب 2006 ينص على وقف شامل للأعمال القتالية بين إسرائيل ولبنان، وسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان بالتزامن مع نشر القوات اللبنانية بالتعاون مع اليونيفيل.

ودعا القرار إلى منطقة خالية من السلاح بين الخط الأزرق الحدودي ونهر الليطاني شمالاً.

من جانبها، أعربت قوات اليونيفيل عن "بالغ قلقها" إزاء استمرار "التدمير الإسرائيلي للمناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان"، مؤكدةً أن هذه الانتهاكات تشكل خرقاً واضحاً للقرار 1701. ودعت اليونيفيل إلى ضبط النفس والالتزام ببنود الاتفاقية، مشددة على أهمية التعاون بين الأطراف المعنية لضمان استقرار المنطقة.

مصدر الصورة

وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد تقدمت بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، منددة بـ "الاعتداءات الإسرائيلية التي تقوّض تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 وتهدد جهود الاستقرار في المنطقة."

وتضمنت الشكوى تفاصيل دقيقة حول الخروقات المستمرة، مؤكدة أن تكرارها يعيق أي تقدم نحو سلام دائم وأن لبنان ملتزم بتنفيذ القرار.

ويرى الخبير العسكري الإسرائيلي موشيه إلعاد أنه يجري الحفاظ على إتفاق وقف إطلاق النار ولكن مع استثناءات قليلة وخلافاً لمرات عديدة، حيث أنه لدى الطرفين مصلحة في الحفاظ على وقف إطلاق النار سواء في إسرائيل أو حزب الله الذي أصبح وضعه صعباً أكثر من ذي قبل.

و رغم اتفاق وقف إطلاق النار، فلا يزال سكان جنوب لبنان غير قادرين على العودة إلى ديارهم، فقد دعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي النازحين اللبنانيين من القرى الحدودية إلى عدم العودة حتى إشعار آخر، مشيراً إلى أن الوضع الأمني لم يستقر بعد.

وفي الوقت ذاته، تستمر القوات الإسرائيلية في تنفيذ عمليات هدم للمنازل في تلك القرى بشكل شبه يومي، ما يعمّق من معاناة السكان النازحين ويثير مخاوف بشأن إمكانية العودة إلى حياتهم الطبيعية قريباً.

سيناريوهات ثلاثة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار

مصدر الصورة

وفقاً للعميد منير شحادة هناك ثلاثة احتمالات لوضع الجنوب اللبناني بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.

السيناريو الأول: يتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية الكامل ووقف إطلاق النار بشكل مستدام، ويتطلب هذا السيناريو تعاوناً دولياً وإسرائيلياً جاداً، مما قد يؤدي إلى استقرار طويل الأمد.

أما السيناريو الثاني: فيتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية مع استمرار الخروقات، بحيث قد تستمر إسرائيل في خرق الاتفاق بطرق مختلفة.

السيناريو الثالث: هو الأخطر وأيضاً المرجح، برأي شحادة، يتضمن عدم انسحاب القوات الإسرائيلية واستمرار التصعيد، وفي هذا الوضع، قد يجد لبنان نفسه مضطراً للجوء إلى خيارات أكثر حدة، تشمل التصعيد الدبلوماسي وقد تضطر "المقاومة" للرد، ما قد يُدخل المنطقة في حالة حرب ثانية، لتعود المنطقة إلى النقطة رقم واحد.

وقال رئيس فرع المخابرات اللبنانية في الجنوب سابقاً العميد علي شحرور إن القرار 1701 ينص على تسلّم الجيش اللبناني منطقة جنوب الليطاني مع انسحاب "المقاومة" والقوات الإسرائيلية، ولكن إسرائيل "لا تريد تطبيق القرار، وتسعى لفرض واقع جديد باحتلال الأراضي جنوب الليطاني، وهو ما يناسب المصالح الأمريكية الإسرائيلية ويزعزع أمن المنطقة"، بحسب تعبيره.

وأضاف بأن إسرائيل "قد تتحجج أو تدعي بأن الجيش اللبناني يتباطأ في استلام الأراضي المحررة، أو بعدم قدرته على القيام بمهامه"، لكنه أكد أن الجيش اللبناني لديه القدرة والإرادة السياسية لتنفيذ كافة بنود الاتفاق.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب حماس اسرائيل

إقرأ أيضا