كشفت دراسة أسترالية جديدة عن أن مساعدة الأشخاص الذين يعانون من آلام أسفل الظهر المزمنة على فهم حالتهم بشكل أفضل يحقق فوائد كبيرة للمريض تمتد حتى 3 سنوات.
وتوصلت الدراسة لذلك من خلال تقديم تدريب خاص في تقليل آلام الظهر في 7 جلسات من العلاج الوظيفي المعرفي (cognitive functional therapy) من قبل متخصصي علاج طبيعي مدرّبين.
كان الهدف من هذه الجلسات منح المرضى المهارات اللازمة للتعامل مع آلامهم، وبناء ثقتهم بأنفسهم ليتحركوا ويمارسوا الأنشطة الروتينية التي تعيدهم للحياة الطبيعية.
يركز العلاج الوظيفي المعرفي على حالة كل مريض بطريقة خاصة تناسبه، ويوجه الأفراد نحو إدارة حالتهم ذاتيا من خلال استهداف العوائق البيولوجية النفسية والاجتماعية التي تحول دون التعافي، ويشجع المريض على مواجهة الخوف من خلال التعرض الموجه للحركات المؤلمة والمخيفة التي يتجنبها المريض.
ويهدف العلاج الوظيفي المعرفي إلى إحداث تغيير دائم، وذلك بتغير نمط حياة المرضى من خلال تدريب الأفراد على ممارسة أنشطة بدنية متدرجة بناء على تفضيلاتهم، وتطوير عادات نوم صحية، وتحسين التفاعل الاجتماعي.
يقول البروفيسور بيتر أوسوليفان، المؤلف المشارك في الدراسة، والأستاذ في كلية جون كيرتن للعلوم الصحية المساعدة بجامعة كيرتن في أستراليا: "يمكن أن تسبب نوبة ألم الظهر القلق والخوف، وتدفع الناس إلى الإفراط في حماية أجسامهم وتجنب الحركات المعتادة".
أجريت الدراسة في مراكز في سيدني وبيرث في أستراليا، ونشرت نتائجها في مجلة لانسيت لطب الروماتيزم في 5 أغسطس/آب الجاري وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
شارك في الدراسة بالغون يعانون من آلام بأسفل الظهر استمرت أكثر من 3 أشهر وقيّدت النشاط البدني للمريض، ومتوسط ألم في الظهر لا يقل عن 4 على مقياس من 0 إلى 10.
وُزّع المشاركون عشوائيا إلى 3 مجموعات، المجموعة الأولى تلقت الرعاية المعتادة، وتلقت المجموعة الثانية العلاج الوظيفي المعرفي فقط، في حين تلقت المجموعة الأخيرة العلاج الوظيفي المعرفي بالإضافة إلى التغذية الراجعة الحيوية وهي طريقة تعمل على تعزيز ردود الفعل الحسية، مما يتيح للأفراد تعديل الوظائف الجسدية التي عادة ما تعتبر غير إرادية بشكل واع.
كان العلاج الوظيفي المعرفي فقط والعلاج الوظيفي المعرفي بالإضافة إلى التغذية الراجعة البيولوجية أكثر فاعلية من الرعاية المعتادة في تقليل تقييد النشاط بعد 3 سنوات.
يقول الباحث المشارك في الدراسة البروفيسور مارك هانكوك، أستاذ العلاج الطبيعي في جامعة ماكواري في أستراليا: "هذه أول دراسة واسعة النطاق وعالية الجودة تبحث في التأثير الطويل المدى للعلاج بالتمارين الرياضية، وتظهر فاعليته واستمرار أثره".
ويضيف البروفيسور هانكوك: "يمكن لأشياء مثل التدليك والعلاج اليدوي والأدوية أن توفر تحكما قصير المدى في الأعراض، ولكن على المدى البعيد، تعتبر أساليب العلاج العقلي والجسدي التي تعطي المرضى المهارات والثقة اللازمة لعلاج أنفسهم أكثر فاعلية بكثير".
لكن ما الذي يسبب آلام الظهر؟ إليك 5 من أكثر أسباب الألم شيوعا وفقا لصحيفة الإندبندنت البريطانية.
من الأسباب الشائعة لآلام الظهر الإصابة، مثل الشد العضلي. تقول سام بهيد، اختصاصية العلاج الطبيعي: "عادة ما ترتبط النوبة الأولى من آلام الظهر بإصابة مفاجئة".
وتضيف "بعد العودة إلى صالة الألعاب الرياضية بعد فترة انقطاع مثلا، يمكن أن تسبب الحركة المفاجئة إصابة وآلاما في الظهر، لأن جسمك قد ينسى ما يجب فعله".
عادة ما يتم تشخيص إجهاد العضلات والتواء الأربطة من خلال الفحوصات البدنية التي يجريها عادة متخصصو العلاج الطبيعي أو الأطباء.
يقول ميك ثاكر، اختصاصي العلاج الطبيعي المؤهل، وأستاذ الألم في الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا: "تشمل هذه الفحوصات البدنية عادة اختبارات الحركة والعضلات والأربطة".
يشكّل الفُصال العظمي -المعروف أيضا باسم "التهاب المفصل التنكسي" (Osteoarthritis)- أكثر أمراض العظام انتشارا، وهو عبارة عن تلف غير قابل للتجدد يصيب الأنسجة الغضروفية المفصلية، التي تعمل على تقليل الاحتكاك الناتج من حركة المفاصل الدائمة، وتعمل كوسادة لحماية العظام.
يشار إلى التغيرات المرتبطة بالعمر في العمود الفقري والمرتبطة بالفصال العظمي الشوكي باسم داء الفقار.
يوضح البروفيسور ثاكر أن الفصال العظمي "يؤثر على مفاصل الغضروف الزجاجي. وتحتوي مفاصل العمود الفقري على غضروف زجاجي، ومن ثم تكون عرضة للإصابة بالفصال العظمي".
يقول البروفيسور ثاكر: "يعاني الأشخاص المصابون بداء الفقار عادة من ألم خفيف يتبع النمط التقليدي، ويشعرون بتيبس شديد لمدة نصف ساعة إلى ساعة تقريبا في الصباح، ثم يخفّ الألم عموما، ويتمتعون بدرجة من الحركة الخالية من الألم حتى منتصف النهار، ثم يزداد الألم سوءا مع حلول المساء".
لا تسبب هشاشة العظام عادة ألما إلا بعد كسر العظم، ولكن كسور العظام في العمود الفقري تعدّ سببا شائعا للألم الطويل الأمد، وفقا لموقع هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
يقول البروفيسور ثاكر: "يمكن أن تؤثر هشاشة العظام على العمود الفقري، وتنجم عن انخفاض في كثافة المعادن في العظام".
ويلاحظ هذا المرض غالبا لدى النساء، حيث تميل كثافة المعادن في العظام إلى الانخفاض مع اقتراب سن اليأس، ثم تظهر أعراض هشاشة العظام بعد حوالي ١٠-١٥ عاما، حيث تصبح العظام أضعف بمرور الوقت.
وأضاف "بالنسبة للألم الناتج عن هشاشة العظام، فإن الحركة تفيدها، ولكن يجب توخي الحذر، فالعظام قد تكون هشة وضعيفة، لذلك ينصح عادة بممارسة تمارين منتظمة ومنخفضة الشدة، مع الحفاظ على تحمل الوزن".
يقول البروفيسور ثاكر إن "الأقراص الفقرية في الواقع بنية مستقرة للغاية، ونادرا ما تظهر في العيادة. ولكن عندما تظهر، فإنها عادة ما ترتبط بنوعين من المشاكل".
تتعلق المشكلة الأولى بالالتهاب، يوضح البروفيسور ثاكر أن تمزق القرص الفقري "يمكن أن يسبب التهابا في الأنسجة المحيطة به، فيسبب ذلك نوبة التهاب مناعي طفيفة في الأنسجة المحيطة لأن الجهاز المناعي لا يتعرف على الأقراص. وقد تبقى نوبة الالتهاب المصاحب لذلك بضعة أسابيع حتى تهدأ".
المشكلة الثانية هي أن انتفاخات الأقراص الكبيرة يمكن أن تضغط على الأعصاب في العمود الفقري، فيؤثر ذلك على وظيفة الأمعاء والمثانة.
يقول البروفيسور ثاكر إن مشكلة انتفاخات الأقراص الكبيرة "تكمن في أنها يمكن أن تضغط على النسيج العصبي للعمود الفقري، وقد يكون ذلك خطيرا للغاية إذا ضغطت على ما يسمى ذنب الفرس، وهو النسيج العصبي في أسفل العمود الفقري، مما قد يؤثر على التحكم العصبي في الأمعاء والمثانة".
لذا، قد يرتبط اضطراب وظائف الأمعاء والمثانة بألم الظهر. قد يكون هذا حالة طبية طارئة، لأنه إذا لم تطلب الرعاية الطبية بسرعة، فقد تتفاقم المشكلة ويصاب المريض بسلس البول.
تشير بعض الأبحاث إلى وجود عوامل خطر نفسية محددة مرتبطة بألم الظهر، ويقول البروفيسور ثاكر إن العوامل النفسية مثل التوتر تضخّم الألم، ولكنها لا تولده.
وتوضح سام أن العلاجات الجسدية والنفسية المدمجة فعّالة بشكل خاص، وتقول: "في البرامج النفسية والجسدية المدمجة، يمارس الناس التمارين الرياضية، ولكنهم يراجعون أيضا طبيبا نفسيا يقدم لهم رأيه، ثم يتحدث عن التثقيف بشأن الألم، ويقدم لهم بعض النصائح".