آخر الأخبار

من الصيدليات إلى الموت.. أدوية مغشوشة تضرب دارفور

شارك

في الريف الشرقي لمدينة الضعين، كاد ابن حليمة سعيد أن يفقد حياته بعد أن تعرض للدغة ثعبان، بسبب مصل منتهي الصلاحية منذ أكثر من عام، كان قد صرف لها من إحدى الصيدليات.

وقالت حليمة لـ(دارفور 24): “ابني كاد أن يفقد حياته بعد أن حُقن بمصل ثعابين منتهي الصلاحية، أعيد تغليفه بتاريخ إنتاج جديد، قبل أن تكتشف الممرضة ذلك لاحقًا”.
هذا الحادث ليس منعزلاً، بل يعكس واقعاً تعيشه ولايات دارفور منذ اندلاع حرب أبريل، علي إبراهيم من حي شمال السكة الحديد بالضعين يواجه تحديات مماثلة في علاج زوجته المصابة بالملاريا، بعدما جربت أربعة أنواع من العلاج دون جدوى، فيما أخبر( دارفور 24) أن الطبيب نصحه بحقن فعالة تتجاوز سعر الواحدة منها سبعة آلاف جنيه، وتحتاج إلى خمس جرعات على الأقل، بينما تتراوح أسعار الحقن الأخرى بين ثلاثة وأربعة آلاف جنيه.
ومع استمرار القتال، تتدفق يومياً كميات كبيرة من الأدوية غير المصرح بها إلى مدن دارفور الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، لتتحول إلى سلعة متداولة في الأسواق وتشكل خطراً على صحة المواطنين. وبدخول الحرب عامها الثالث، فقدت مؤسسات الدولة، بما فيها مجلس الأدوية والسموم والإمدادات الطبية، قدرتها على الرقابة والإشراف.

المعابر الحدودية مع جنوب السودان وتشاد اصبح المصدر الرئيسي لدخول الأدوية إلى إقليمي دارفور وكردفان وفق ما ذكره الصيدلاني محمد عيسى في حديثه مع (دارفور 24)، وقال: “لا خيار أمام الموردين سوى التعامل مع هذه المعابر الحدودية”، مضيفاً أن معظم هذه الأدوية تُجلب عبر تجار المحاصيل وتصل إلى الصيدليات، حيث تُحول مبالغ الصادر إلى سلع متنوعة، من بينها الأدوية، دون معرفة المسار الذي سلكته حتى وصولها إلى ارفف البيع.

وتطابقت رواية الصيدلاني مع إفادة مسؤول في وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور، أكد فيها دخول أدوية غير مطابقة للمواصفات إلى دارفور وكردفان عبر تشاد وجنوب السودان، وبأسعار أقل من تلك القادمة من شرق وشمال البلاد. وحذر المجلس القومي للأدوية والسموم في وقت سابق من انتشار أدوية مخالفة للمواصفات في الولايات المتأثرة بالقتال، إلى جانب الخرطوم والجزيرة وسنار والدمازين ودارفور، نتيجة صعوبة الرقابة في ظل الحرب.

وصنف أحد أصحاب وكالات الأدوية بمدينة الضعين، فضل حجب هويته، الأدوية المتداولة في أسواق شرق دارفور إلى ثلاثة أنواع، حسب حديثه مع (دارفور 24): النوع الأول أدوية ذات فعالية أقل أو مغشوشة، تدخل عبر الحدود الغربية والجنوبية وتلقى رواجاً واسعاً لرخص ثمنها. أما النوع الثاني، فهو أدوية مطابقة لمواصفات وزارة الصحة، لكنها فقدت فعاليتها بسبب ظروف التخزين السيئة، إذ جرى نهبها من مخازن الإمدادات الطبية الحكومية والوكالات في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار ونيالا، وظلت متداولة رغم فقدان فعاليتها.

وأوضح مصدر صيدلاني آخر خلال إفادته لـ(دارفور 24) أن معظم الأدوية المعروضة في الأسواق غير مسجلة في السودان، وتشمل أدوية مخدرة وغير مخدرة وأخرى مجهولة التصنيع، وقد أثبتت التجارب العملية عدم فعاليتها.

وأشار المصدر إلى أن توقف عمل مجلس الأدوية والسموم في الولاية بعد 15 أبريل، إلى جانب خروج الإمدادات الطبية والتوكيلات الخاصة عن الخدمة نتيجة النهب والسرقة، ساهم في تفاقم الأزمة.

من جهته، اعتبر الصيدلاني عبدالعظيم صالح من نيالا أن غياب الرقابة على إنشاء الصيدليات الجديدة وفق المواصفات المطلوبة، فضلاً عن توقف حملات التفتيش منذ اندلاع الحرب، أدى إلى بيع بعض الصيدليات لأدوية منتهية الصلاحية ودخول كوادر غير مؤهلة لمجال الصيدلة، ما تسبب بأخطاء خطيرة في صرف الأدوية للمرضى. وأضاف لـ(دارفور 24) : “لا توجد أي وسيلة لمنع التجار من تداول الأدوية غير الصالحة بسبب غياب الرقابة والقوانين أو الملاحقة الجنائية.

ويؤكد خبراء المجال الصحي أن استمرار الحرب سيبقي أزمة الأدوية المغشوشة قائمة، مما يشكل خطراً كبيراً على صحة المواطنين، ويبرز الحاجة الملحة لإيجاد حلول جذرية لضمان سلامة الأدوية والحد من المخاطر الصحية.

دارفور 24

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا