أطلق عمار دويك، المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، تحذيرات شديدة اللهجة بشأن الأوضاع المأساوية التي يواجهها قطاع غزة مع حلول فصل الشتاء، مشيراً إلى أن الظروف المناخية القاسية قد تتطور إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، ومنبهاً إلى احتمالية وقوع وفيات جماعية وموجات نزوح واسعة نتيجة السيول والعواصف.
جاءت هذه التصريحات خلال مشاركته في فعاليات قمة متخصصة حول إعادة بناء منظومة حقوق الإنسان في أوقات الأزمات، والتي عقدت في العاصمة التركية أنقرة، تزامناً مع إحياء العالم لليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وأوضح دويك أن طواقم الهيئة تواصل عملها الميداني في كافة محافظات الوطن، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، حيث تعكف على رصد وتوثيق الانتهاكات الجسيمة والجرائم الكارثية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الهيئة تقوم بجمع الأدلة وتوثيق هذه الجرائم تمهيداً لرفعها إلى الجهات والآليات الدولية المختصة، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية، لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
وشدد على أن الهدف الأساسي من مراقبة الوضع الحقوقي في الأراضي الفلسطينية هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، رغم الظروف القاهرة التي يفرضها الاحتلال.
وفي سياق حديثه عن الوضع في غزة، أكد دويك أن الشتاء ببرودته القاسية قد بدأ بالفعل، مما يحول حياة الغزيين إلى مأساة إنسانية حقيقية تتفاقم خطورتها مع مرور كل يوم في ظل انعدام المأوى.
وحذر المسؤول الحقوقي من أن الأمطار الغزيرة والرياح العاتية قد تتسبب في كوارث حقيقية، بما في ذلك الغرق والوفيات الجماعية، ناهيك عن تشريد الآلاف ممن فقدوا منازلهم.
وأكد دويك أن قطاع غزة يفتقر تماماً للمقومات اللازمة لمواجهة هذا المنخفض الجوي، مضيفاً: "سلطات الاحتلال تتعمد منع إدخال الخيام ومواد الإيواء الضرورية، حيث لم تسمح حتى اللحظة إلا بدخول أقل من 30 بالمئة من الاحتياجات الفعلية للسكان".
وإزاء هذا الوضع، وجه نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري والضغط لضمان تجهيز القطاع بما يلزم للصمود في وجه هذه الظروف الجوية الصعبة.
وتتأثر الأراضي الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة، منذ فجر الأربعاء بتداعيات العاصفة "بايرون"، وهي منخفض جوي عميق قادم من شرق المتوسط، تسبب في هطول أمطار غزيرة ورياح قوية، مما أدى إلى تشكل السيول وإغلاق العديد من الطرق.
ولفت دويك إلى أن حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال لم تترك حجراً على حجر، حيث دمرت البنية التحتية الحيوية بشكل كامل، وشلت قدرات أجهزة الدفاع المدني والبلديات عن القيام بواجباتها في الإنقاذ والإغاثة.
ونوه إلى ظاهرة خطيرة تتمثل في تطبيع وقبول فكرة الإبادة الجماعية في غزة داخل المجتمع الإسرائيلي، والتعامل معها بتسامح مريب.
يذكر أن حرب الإبادة المستمرة منذ أكتوبر 2023، والتي تحظى بدعم أمريكي، خلفت دماراً هائلاً وأعداداً مفزعة من الضحايا، حيث تشير التقديرات إلى سقوط أكثر من 70 ألف شهيد وما يزيد عن 171 ألف جريح، غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء.
وتطرق دويك إلى صعوبة العمل الحقوقي والإنساني في القطاع، موضحاً أن جميع زملائه هناك فُجعوا بفقدان أفراد من عائلاتهم وأحبتهم، كما تعرضوا للنزوح القسري مرات عديدة.
واختتم حديثه بذكر مأساة طاقم الهيئة قائلاً: "لقد استشهد مدير مكتبنا في غزة مع كامل أفراد أسرته في يناير الماضي، كما دمر الاحتلال مكتبين تابعين لنا، ورغم كل هذا الألم والدمار، نحن مستمرون في أداء رسالتنا والحفاظ على وجودنا الميداني".
وفي الختام، وجه الشكر لتركيا قيادة وشعباً، معرباً عن أمله في أن تقود أنقرة حراكاً دولياً فاعلاً لمحاسبة إسرائيل وقادتها على جرائمهم.
المصدر:
القدس