في مخيم "كارياري" الواقع شرقي تشاد، يعيش آلاف اللاجئين السودانيين ظروفًا قاسية للغاية، فبعد رحلة نزوح طويلة وشاقة سيرًا على الأقدام، هربًا من القتل والعنف في السودان، يواجهون الآن نقصًا حادًا في الاحتياجات الأساسية مثل المأوى والغذاء والماء.
في قلب الصحراء القاحلة، يضطر اللاجئون السودانيون إلى استخدام أغصان الأشجار والعصي الجافة كمأوى بديل للخيام، ويكافحون لتوفير القليل من الطعام والماء لإطعام أطفالهم الجياع وإرواء عطشهم.
في ظل هذه الظروف المأساوية، تجد فاطمة نفسها وعائلتها في وضع صعب للغاية، حيث تحاول جاهدة خلق حياة جديدة من لا شيء، فهي تستخدم قطع القماش البالية التي تمتلكها وبعض العصي الجافة التي جمعتها من الصحراء لبناء مأوى متواضع لعائلتها المكونة من ثمانية أفراد، وذلك بعد أن أصبح الحصول على الخيام أمرًا صعبًا وتأخر وصول المساعدات.
في مخيم كارياري، تتشابه قصص النزوح والهروب من الحرب في السودان، لكن كل عائلة تحمل تفاصيل مؤلمة خاصة بها.
تتحدث فاطمة بمرارة عن تفاصيل رحلة اللجوء الصعبة إلى تشاد، والتي استغرقت 15 يومًا سيرًا على الأقدام، ولم تقتصر المشقة على طول المسافة فحسب، بل واجهت هي وعائلتها عصابات مسلحة تتربص بالهاربين وتطلب منهم المال مقابل السماح لهم بالمرور.
الضغط الكبير على المنظمات الإنسانية يجعل الاستجابة السريعة للاحتياجات أمرًا صعبًا للغاية، خاصة مع تزايد أعداد اللاجئين يوميًا وتناقص الموارد المتاحة، مما يترك اللاجئين في مواجهة مباشرة مع الطبيعة القاسية.
تصف إحدى اللاجئات الوضع قائلة: "نحن نجلس في الوادي، بلا طعام ولا أي مقومات للحياة"، وتضيف أن الناس "يفترشون الأرض ويلتحفون الشجر".
تتلخص نداءات الاستغاثة التي تطلقها هؤلاء النساء في طلب واحد بسيط: "ساعدونا لنبقى على قيد الحياة".
وإذا كان الحصول على المأوى أمرًا صعبًا، فإن الحصول على الماء النظيف أصبح معركة يومية، وتظهر صور صفوف طويلة من اللاجئين يمتدون لعشرات الأمتار أمام نقاط توزيع المياه.
يقف اللاجئون لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة في تشاد، وفي نهاية هذا الانتظار المرهق، قد لا يحصل الفرد إلا على كمية قليلة من الماء، لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
وسط هذا المشهد المأساوي، تظهر قصص صغيرة تبعث الأمل، حيث تروي لاجئة أخرى تدعى "زينب" كيف تمكنت بعد جهد جهيد من تسجيل اسمها في قوائم برنامج الأغذية العالمي.
تصف زينب البطاقة التي حصلت عليها من برنامج الأغذية العالمي بأنها "بطاقة الحياة"، لأنها ستمكنها من شراء بعض المواد الغذائية من السوق المحلي لإطعام أطفالها بعد فترة طويلة من الجوع.
يقضي هؤلاء النازحون يومهم في مخيم "كارياري" بين محاولات إصلاح مأواهم المتواضع والوقوف في طوابير الانتظار الطويلة.
على الرغم من قسوة الظروف، يظل الأمل هو الشيء الوحيد الذي يدفعهم إلى الأمام؛ الأمل في أن تكون هذه المحطة الصعبة بداية لطريق أكثر أمانًا واستقرارًا، بعيدًا عن أصوات الرصاص التي تركوها خلفهم.
تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، والتي اندلعت بسبب خلاف حول دمج المؤسسة العسكرية، وقد أسفرت هذه الحرب عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص.
المصدر:
القدس