في ظل تقديم رئيس حكومة الاحتلال طلبًا للرئيس يتسحاق هرتسوغ للعفو عنه في قضايا الفساد التي يحاكم بشأنها، يتبنى نتنياهو مواقف تثير الانتباه، حيث يظهر عدم نيته الاستقالة أو "التضحية" بالتعديلات القضائية، ويؤكد مرارًا عدم استعداده لدفع أي مبلغ مقابل العفو، مما يزيد من صعوبة موافقة الرئيس على طلبه. هذا الأمر يثير تساؤلات حول الاحتمالات المتاحة أمامه، وما إذا كانت هذه التطورات تشير إلى انتخابات قريبة.
إيتمار آيخنر، المحلل السياسي، ذكر أن "نتنياهو استبعد أي اعتبار آخر كان يمكن أن يقدمه لهرتسوغ، حيث صرح بأنه لن يعتزل الحياة السياسية، ورفض إمكانية التنازل عن التعديلات القضائية مقابل العفو. وبهذه الطريقة، لا يترك رئيس الوزراء للرئيس خيارات كثيرة لتقديم تنازلات مقابل الحصول على العفو، مما قد يصعب عليه اتخاذ القرار المناسب".
وأضاف آيخنر أن "تصريحات نتنياهو تعكس رغبته في الحصول على العفو دون تقديم أي تنازلات، فهو لا يعرب عن أسفه، ولا يقبل أي وصمة عار، وبالتأكيد لا ينوي الاستقالة مقابل العفو. إنه يسعى للخروج منتصرًا بقبول العفو، حتى أمام النيابة والقضاة. ولكن، إذا كانت هذه هي المواقف التي يعرضها في المفاوضات مع الرئيس بشأن قضية العفو، فإن ذلك سيزيد من صعوبة الأمور على الرئيس في المستقبل".
وأوضح أنه "من المحتمل أن تكون تصريحات نتنياهو موجهة للاستهلاك الخارجي، وأن يقدم محاموه موقفًا أكثر مرونة وواقعية خلال المفاوضات. وهناك احتمال آخر بأن تكون هذه خطوة تكتيكية لاستعراض القوة قبل بدء مفاوضات صفقة الإقرار بالذنب، بهدف إيصال رسالة قوية للجمهور وللطرف الآخر بأنه لا ينوي الاستسلام. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أنه إذا استمر نتنياهو على هذا المنوال، حيث لا يقدم لهرتسوغ أي شيء، فسيجد الأخير صعوبة في تبرير قراره بالموافقة على طلب العفو للجمهور".
وأكد أنه "بالإضافة إلى ذلك، سيصعب هذا الأمر على الرئيس في حال رفضت المحكمة العليا العفو. ولعل تصريحات نتنياهو تأتي لأنه يعتقد أن هرتسوغ سيرفض طلبه على أي حال، أو أن المحكمة العليا سترفضه في النهاية. لذلك، إذا كان هذا هو موقفه المبدئي حقًا، فمن المفهوم عدم إظهاره أي مرونة، ففي تصريحاته، يفترض أن القرار سيكون في نهاية المطاف بيد المحكمة على أي حال، وأن رفض طلب العفو سيعزز حجته في اضطهاد النخب".
وأشار إلى أنه "علاوة على ذلك، يحتمل أن يكون الهدف من استعراض القوة الآن هو كسب المزيد من الوقت، ومراقبة ما سيحدث بعد الانتخابات. وفي الواقع، ليس على نتنياهو اتخاذ قرار الآن، وإذا فاز في الانتخابات، فسيكون وضعه أفضل، وستزداد فرصة حصوله على العفو، لكنه من ناحية أخرى، إذا خسر الانتخابات، فقد يظهر مرونة أكبر في المفاوضات، وفي كل الأحوال، سيكون كل شيء في النهاية بيد المحكمة العليا".
وأكد أنه "بعد كل هذا، وفي سياق التغييرات التي يسعى هرتسوغ للحصول عليها من نتنياهو، لم يتبقَّ الكثير من الخيارات أمامه، فلابد من توضيح نتنياهو أنه لا ينوي اعتزال الحياة السياسية، ويبدو أنه لا ينوي التخلي عن قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية للحريديم أيضًا، ولا يتوقع اعترافه بالذنب، أو ما شابه، لذلك، في هذه المرحلة، من الصعب أن نرى كيف سيقبل هرتسوغ حتى بالحد الأدنى اللازم لمنح نتنياهو العفو، وهو أمر قد لا يكون مهتمًا به على الإطلاق".
يشير هذا التحليل لخيارات نتنياهو وهرتسوغ حول مسألة العفو، إلى أن الأول يسعى لإظهار نفسه كضحية في نظر قاعدته الانتخابية، أما الثاني فلن يتمكن من الاستجابة لطلب العفو الذي لا يستوفي فيه نتنياهو شروط التأهل، مما قد ينظر لهذه التطورات على أنها مقدمة لرفض العفو، وبداية للتحضير للانتخابات.
المصدر:
القدس