آخر الأخبار

نساء كردفان: قصص فقد وأمل في مخيمات النزوح بالسودان

شارك

في زاوية مهمشة من ولاية شمال كردفان، حيث تتداخل مآسي النزوح والفقدان، تقبع نساء سودانيات كسرت الحرب قلوبهن مرتين: الأولى عندما سُلبت منهن منازلهن، والثانية عندما ابتلعت الحرب أحباءهن في طرقات مجهولة.

لا تروي الخيام حكايات الجوع والعطش فحسب، بل تعكس أيضاً صمتًا عميقًا لأمهات وزوجات ينتظرن عودة غائبين لم يتبقَ منهم سوى ذكريات وصور باهتة.

تجلس السيدة خديجة، وقد أثقلتها الهموم، أمام خيمتها التي أصبحت مأواها بعد النزوح القسري. فقدت خديجة زوجها وعددًا من أفراد أسرتها، لتجد نفسها وحيدة في مواجهة مصير ثمانية أطفال يعتمدون عليها بشكل كامل.

بصوت يملؤه الحزن، تروي خديجة تفاصيل مأساتها قائلة: "عانينا ما لا يمكن وصفه؛ هربنا من أتون المعارك في بابنوسة إلى الفولة، ومنها أجبرتنا الظروف على المجيء إلى هنا".

لكن النزوح لم يكن نهاية المعاناة، فالمأساة الحقيقية تكمن في الغياب. وتضيف خديجة: "نفتقد الأب، والأخ، وزوج ابنتي الذي يطلب الخاطفون فدية كبيرة لإطلاق سراحه، بينما لا نعرف شيئًا عن مصير والدنا".

خديجة ليست الوحيدة التي تعيش هذه المأساة؛ ففي كل خيمة حزن عميق، ولكل نازح قصة اختفاء قسري. تحكي السيدة أم شريم عن الصورة الوحيدة المتبقية لابنتها المفقودة، والتي تتمسك بها كأمل أخير، قائلة إنها لا تتمنى سوى معرفة مصير ابنتها: "أريد فقط أن أعرف أين هي.. هل ما زالت على قيد الحياة؟".

نفتقد الوالد، والأخ، وزوج ابنتي الذي يطلب الخاطفون فدية تعجيزية لإطلاق سراحه، بينما لا نملك عن والدنا خبرا ولا أثرا.

غير بعيد عنها، تجلس عزة وهي تتأمل ملامح شقيقها في صورة صامتة، وإلى جانبها يجلس طفله الصغير، يشاركه وعمته مرارة الانتظار.

تقول عزة: "فقدنا أخي منذ يوم الجمعة، وهذا طفله يجلس معنا وينتظر عودته.. لا يوجد أي خبر أو اتصال، ولا شيء يطمئننا عليه".

تتجاوز الفاجعة في شمال كردفان القصص الفردية لتصبح ظاهرة جماعية. وفقًا لمسؤولين في وزارة التنمية الاجتماعية، فإن أعداد المفقودين في ازدياد مقلق، حيث تجاوزت البلاغات 100 أسرة تبحث عن ذويها في الوقت الراهن.

تشير التقارير الرسمية إلى أن الفقد لم يقتصر على الرجال، بل طال النساء والأطفال، حيث اختفت أسر بأكملها في محلية بارا، وسط صعوبة في حصر أعداد المفقودين في دروب الحرب الوعرة.

بينما تتلقى بعض الأسر أخبارًا مفجعة تؤكد لهم حقيقة الفقد، يظل آخرون متمسكين بأمل ضعيف، لا يملكون سوى الانتظار في محطات خالية من المسافرين، ولم يتبق فيها سوى صدى الأسماء.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا