آخر الأخبار

نازحو غزة يواجهون برد الشتاء القارس بخيام ممزقة ومناشدات لإنقاذهم

شارك

مع وصول أولى موجات البرد إلى قطاع غزة، تبددت آخر آمال مئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون في خيام متداعية، غير قادرة على الصمود أمام رياح الشتاء وأمطاره الغزيرة.

في دير البلح، وسط القطاع، تحول الوضع إلى مأساة إنسانية مضاعفة، حيث يواجه النازحون البرد القارس بأغطية بلاستيكية ممزقة لا تحمي أطفالهم من سيول المياه التي تغمر مساكنهم الهشة.

في مشهد يعكس قمة العجز واليأس، تروي نازحة كيف أمضت ليلتها تحاول تدفئة أفراد عائلتها في ظل نقص حاد في الفُرش والأغطية، قائلة بأسى: "قضينا الليل ملتصقين ببعضنا البعض لكي نتدفأ.. كل واحد يريد أن ينام في البطانية".

وتضيف السيدة أن خيمتها لم تصمد أمام الأمطار الغزيرة التي لم تغرق المكان فحسب، بل تسببت في تآكل الأرض من تحتهم، وسط غياب تام لأبسط مقومات الحياة، مؤكدة: "لا يوجد لدينا ملابس ولا فرش".

المعاناة ليست مجرد حالة فردية، فوفقًا لتقارير ميدانية، فإن أكثر من 90% من خيام النازحين في القطاع أصبحت بالية تمامًا، وتتكون من أقمشة مهترئة ونايلون ممزق لا يقاوم الرياح ولا يمنع تسرب المياه، مما يجعل "التلاصق الجسدي" الوسيلة الوحيدة المتاحة للنجاة من التجمد.

المأساة طالت الجميع، حيث وجد شاب نفسه غير قادر على توفير مأوى لزوجته الحامل في شهرها الثامن، وقال وهو يقف أمام خيمته الصغيرة التي غمرتها المياه: "اضطررت لنقل زوجتي إلى مكان آخر حفاظًا على الجنين.. أنا الآن في العراء، لا يوجد مكان يحميني، المياه دخلت علينا وأغرقتنا".

قضينا الليل لحّمنا ببعض عشان ندفى.. هذا بدو ينام في البطانية وهذا بدو ينام فيها.

وفي زاوية أخرى من المخيم المغمور بالمياه، يصرخ أب يحمل هم أطفاله المرضى: "الأولاد غرقوا، لدينا أطفال وكبار سن ومرضى.. الأطفال يسعلون طوال الليل، احتضنتهم لتدفئتهم". ويصف الأب الوضع المأساوي قائلاً: "لا توجد أغطية.. نحن نسبح في الماء".

حاول بعض النازحين احتواء الوضع عن طريق إقامة حواجز رملية لمنع تدفق السيول من الشوارع إلى داخل الخيام، لكن جهودهم باءت بالفشل أمام غزارة الأمطار وضعف البنية التحتية، وأكد عدد من النازحين أن الرمال لم تمنع تسرب المياه، مما حول عشرات الخيام إلى برك موحلة.

تقول سيدة أخرى وهي تشير إلى أطفالها المبللين: "أتمنى الحصول على خيمة.. خيمتي ممزقة من الداخل، لدي فراشان لأربعة أشخاص وكلاهما مبلل".

ومما يزيد الأوضاع سوءًا، سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من 50% من مساحة القطاع، مما أدى إلى اكتظاظ النازحين في مناطق ضيقة جدًا، واضطرارهم إلى نصب خيامهم على الأرصفة وفي الشوارع الموحلة، وفي ساحات المدارس التي تفتقر إلى أدنى مقومات الصرف الصحي.

في ظل هذا الواقع المرير، ومع توقعات بوصول منخفضات جوية أكثر برودة في الأيام المقبلة، يطلق النازحون نداءات استغاثة لتوفير "كرفانات" أو خيام قوية تحميهم من الموت برداً، في شتاء يبدو أنه سيكون الأقسى على سكان غزة، الذين يواجهون حرب إبادة من السماء، وحرب الطبيعة على الأرض بصدور عارية.

تأتي هذه المشاهد المأساوية في وقت يشير فيه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن حوالي مليون و300 ألف شخص في غزة بحاجة ماسة إلى مأوى عاجل، في ظل استمرار الحرب والحصار، وغياب أي حلول حقيقية تلوح في الأفق لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في القطاع المنكوب.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا