"نأتي إلى هذا العالم ضعفاء، معتمدين كليا على الآخرين لتزويدنا بأدوات التواصل. هذا الارتباط المبكر يحدد كيف سنتعامل مع الناس في مرحلة البلوغ، ويشكل أساسا لنجاحنا أو تعثرنا في بناء علاقات مستقرة طوال حياتنا".
هذا هو الاستنتاج المحوري الذي توصلت إليه دراسة علمية امتدت لعقود، بعنوان: "دراسة تتبعية استشرافية للارتباطات بين التجارب الشخصية في الطفولة والمراهقة وتوجهات التعلق لدى البالغين".
تكمن القيمة الفريدة لهذه الدراسة الطولية في أنها امتدت لأكثر من 3 عقود، عندما كان المشاركون في مرحلة الرضاعة، مرورا بمرحلة المراهقة، وصولا إلى جمع بيانات التعلق في مرحلة البلوغ بين عامي 2018 و 2022، مما سمح بتقديم أدلة مهمة على تأثير التفاعلات المبكرة على نمط التعلق العاطفي.
تعتمد نتائج الدراسة على نظرية التعلق، وهي الفكرة التي تفسر ببساطة سبب اختلاف طريقة كل منا في بناء علاقاته القريبة. يركز الباحثون على بُعدين أساسيين يتشكلان في سنوات حياتنا الأولى ويحددان ما إذا كانت العلاقة آمنة أو غير آمنة:
أكدت الدراسة أن الرابطة الأولى للطفل مع أمه هي التي تضع الأسس لنمط التعلق العام في حياته. وقد أظهر تحليل بيانات المشاركين أن:
وفي حديثها لموقع "سيكولوجي توداي"، تؤكد الدكتورة كيلي دوغان أستاذة علم النفس الاجتماعي والشخصية والمؤلفة الرئيسية للدراسة، أن نتائج البحث لا تعني أن تجارب الطفولة "حكم لا يمكن إلغاؤه"، مشددة "أنت بالتأكيد غير محكوم عليك بالفشل"، وذلك للأسباب عدة، منها:
وأخيرا، تؤكد الدراسة أن الاستثمار في جودة العلاقات يبدأ مبكرا جدا، وأن الأمان العاطفي هو ركيزة النجاح في الحياة الشخصية والمهنية.
لكن الرسالة الأهم التي تحملها هي "حتى إن كانت بداياتك غير مثالية، فإن عقلك ليس سجينا لماضيه. فالقدرة على بناء علاقات ناجحة ومستدامة تظل متاحة باستمرار، بشرط الوعي بأنماط التعلق والعمل بفاعلية لتغييرها".
المصدر:
الجزيرة