دينامية “غير مسبوقة” يشهدها ملف رؤساء المصالح والأقسام بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية للتعليم بالمغرب، على خلفية خوضهم، أخيرا، وقفات احتجاجية أمام مقرات عملهم، مع وضع الشارات الحمراء، تعبيراً عن رفضهم “ظروف الاشتغال وتراكم الأعباء والمهام، في ظل منظومة تعويضات غير محفّزة وغياب حركة انتقالية خاصة”.
وأصدرت عدة نقابات تعليمية مغربية، عبر مكاتبها الوطنية والجهوية والإقليمية، بيانات تضامنية ومساندة لاحتجاجات هذه الفئة، مُطالبةً الوزارة بمراجعة نظام التعويضات المخوّلة لرؤساء الأقسام والمصالح وتحسين ظروف اشتغالهم، وزيادة عدد الموارد البشرية بالمصالح اللاممركزة حيث يعملون، مع تمكينهم من حركة انتقالية خاصة شفافية، ومن السكن الوظيفي.
عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطني لموظفي التعليم (Untm)، قال إن “المشاكل التي يواجهها رؤساء الأقسام والمصالح، مركزيا وخارجيا، بوزارة التربية، مُرتبطة بلحظة النظام الأساسي للموظفين؛ لأن مقاربته كانت ناقصة ولم تستوعب كل مكونات المنظومة”، مُشيراً إلى أنه “لم يلب طموح وسقف بعض الفئات المهنية، وخالف مبدأ توحيد المسارات المهنية الذي كان منطلقاً للنقاش حوله”.
وأضاف دحمان في تصريح لهسبريس: “رؤساء الأقسام والمصالح، سواء على المستوى المركزي أو اللامركزي، ظلوا خارج أي مقاربة تُجوّد وضعيتهم المهنية والاجتماعية”، مُبرزاً في هذا الإطار أن “منظومة التعويضات لصالحهم وكذلك نظام إسناد المسؤولية والإعفاء منها يشهدان إشكالات كثيرة”.
وبعد الوقفات التي نظمتها الفئة التربوية، الخميس الماضي، أكد المتحدّث نفسه أن “الجامعة ترى دائما أن الاحتجاج ليس هدفا ولا أفقا”، موردا أن “أفق الموضوع عموما محكوم بمدى استجابة الوزارة لمطالب الأطر سالفة الذكر، على اعتبار أنهم امتداد للإدارة أساسا”، وزاد: “بالتالي كان لزاما تحسين وضعيتهم، كي تكون في مستوى المبادئ المؤطرة للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة”.
قال رضوان رمتي، فاعل تربوي وممثل المتصرفين التربويين بوزارة التربية الوطنية، إن “رؤساء الأقسام والمصالح بالأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية للتربية يحتجون لأول مرة في تاريخ الوزارة على الوضع الذي باتوا يعيشونه منذ سنوات، إذ أصبحت هذه المناصب غير محفزة على الإطلاق من حيث التعويض الشهري (رؤساء المصالح 1700 درهم شهريا ورؤساء الأقسام 3000 درهم شهريا)”.
وأضاف الرمتي في تصريح لهسبريس أن “هذه التعويضات الهزيلة مقارنة بتعويضات رؤساء المؤسسات التعليمية، مثلا، تأتي مقابل الأعباء الثقيلة والمرهقة التي يتحملونها، وفي غياب أي موارد بشرية”، مُوضحاً أنه “منذ سنوات لا يتم تعويض المتقاعدين، كما لا يتم إعلان توظيفات جديدة بالمصالح الخارجية للوزارة باستثناء تجربة يتيمة مؤخرا بتعيين عدد قليل جدا بالمديريات”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “هذه الفئة رغم مساهتها بشكل كبير في تنزيل البرامج الإصلاحية مازالت مقصية من التحفيز، كما أنها لا تستفيد من أي تعويض عن الساعات والمهام الإضافية”، وزاد: “وفضلا عن غياب حركة انتقالية خاصة بهم، إذ يمضي الموظف المعني كافة مساره المهني بمصلحة أو قسم ما، فإن الطامة الكبرى هي أنه بمجرد الإعفاء يصبح موظفا غير مرغوب فيه وتتقاذفه المديريات والأكاديمية، بل يصبح أسوأ من الحالة التي كان عليها قبل التحاقه بالمسؤولية”.
وتابع الفاعل التربوي نفسه: “مثلا بعد نجاح مدير مؤسسة تعليمية في منصب رئيس مصلحة أو رئيس قسم أو مدير إقليمي يفقد بعد إعفائه منصبه السابق ويصبح رهن إشارة الأكاديمية، وإن كان إطاره الأصلي أستاذا فإنه يصبح مُطالباً بالرجوع الى القسم رغم أنه قضى سنوات كثيرة في العمل الإداري”.
المصدر:
هسبريس