أكد حسن طارق، وسيط المملكة، أن معالجة الفوارق الترابية بالمغرب تقتضي إحداث ثورة حقيقية في المفاهيم الإدارية، تقوم على انفتاح معرفي يتجاوز حدود النصوص القانونية الضيقة إلى آفاق العلوم الاجتماعية والإنسانية.
وأوضح طارق، خلال مشاركته مساء الجمعة 26 دجنبر 2025 في الندوة العلمية الدولية حول “التنمية الترابية والعدالة المجالية بالمغرب” المنعقدة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، أن الإدارة المغربية تعيش تحولات عميقة، انتقلت معها من منطق إدارة التدبير القائم على السلطة إلى إدارة تُجسد تكثيفا وتكييفا للسياسات العمومية والاجتماعية.
وأشار وسيط المملكة إلى أن المواطن بات ينظر إلى المرفق العام باعتباره فضاء للإجابة عن تساؤلاته اليومية، وهو ما أفرز علاقة تتسم بما وصفه بـ”التوتر الصحي”، الناتج عن اتساع الفجوة بين الطلب الاجتماعي المتزايد وقدرة السياسات العمومية على تقديم أجوبة آنية ومستقرة للقضايا المجتمعية.
وبلغة حقوقية وفكرية، شدد طارق على أن السياسة الاجتماعية “إما أن تكون داخل التراب أو لا تكون”، مفضلا اعتماد مفهوم الإنصاف بدل المساواة، معتبرا أن الإنصاف لا يعني المساواة الحسابية الجامدة، بل يقبل التفاوت الاجتماعي متى كان في صالح الفئات الأقل حظا، ويرتكز أساسا على مبدأ تكافؤ الفرص.
ودعا المتحدث، في رسالة موجهة إلى الأكاديميين وطلبة البحث، إلى ضرورة إعادة الاعتبار للعلوم الإدارية بعيدا عن هيمنة المعايير والنصوص الجافة، مؤكداً أن التفكير في العدالة المجالية يستوجب التواضع المعرفي والانفتاح على الحقول المجاورة، خاصة السوسيولوجيا والجغرافيا البشرية.
وفي هذا السياق، استحضر طارق إسهامات الجغرافي المغربي محمد الناصري في فهم علاقة السلطة بالمجال، داعيا إلى الانتقال من منطق “مراقبة المجال” إلى منطق “تنمية ومواكبة المجال”، ومبرزا أن متغير المجال يعد عنصرا حاسما في بناء وهندسة وتقييم نجاعة السياسات الاجتماعية.
واختتم وسيط المملكة مداخلته بالتأكيد على أن تحقيق الإنصاف المجالي يحتاج اليوم إلى “ترافع ومواكبة وتفكير رزين”، مشيدا بدور الجامعة في تأطير النقاش العمومي حول قضايا التدبير والمالية العامة، باعتبارها صمام أمان في مسار بناء الدولة الاجتماعية.
يُذكر أن هذه الندوة، المنظمة من طرف ماستر التدبير العمومي والمالية العامة بتنسيق مع شعبة القانون العام والعلوم السياسية، عرفت كلمات افتتاحية لكل من عميد الكلية حسن الزويري، ورئيس الشعبة جواد النوحي، ورئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم عبد العزيز درويش، ومنسق الماستر ونائب العميد رضوان أعميمي، إضافة إلى المسؤولة البيداغوجية للوحدات العرضانية نبيلة ابن أوحود.
المصدر:
العمق