قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن وسائل التواصل الاجتماعي صارت بمثابة “مصيبة العصر”، موردا أنه “من الخطير أن تُحمى بنوعٍ من ‘النبل الخبيث’ في إطار ما يُسمّى بحرية التعبير، كتسويغ لانتهاك الحياة الخاصة التي نصّ دستور 2011 على حمايتها. نقطة ضعفنا في الحكومة هي أننا لم نأتِ بقانون يرقى فعليا إلى مقتضيات الوثيقة الدستورية”.
وأضاف وهبي، اليوم الثلاثاء، خلال حضوره ضمن جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس المستشارين، أن السلطة التنفيذية لم تتوفق في طرح “نصوص صارمة وعقوبات رادعة بخصوص ما يجري في هذه الشبكات”، معتبرا أن “الأمر يتعلق بحياة المواطنين، التي تتعرض للقتل المعنوي والأخلاقي أمام الرأي العام”، وتساءل: “أي فرق بين ذلك وقتله جسديا؟”، قبل أن يجيب: “لا فرق”.
وأضاف وزير العدل أن المقلق في الوضع الحالي هو لجوء بعض العائلات إلى نشر خلافاتها الداخلية على العلن، أو خروج جهات قانونية للتحدث إعلاميا عن قضايا الناس، مشددا على أن “القضايا الخاصة لا ينبغي إخراجها إلى الفضاء العام”، داعيا إلى “التعامل مع هذه الظواهر بصرامة أكبر”.
وفي هذا السياق، حمّل المسؤول الحكومي ذاته المؤسسة التشريعية جزءا من المسؤولية، قائلا: “إذا كانت الحكومة عاجزة عن الإتيان بقانون، فأنتم كمستشارين بإمكانكم التقدم به، ونحن سندافع عنه وسنطبقه”، معتبرا أن الطريقة التي ترتكبُ بها مجموعة من الجرائم “لم تعد تُحتمل، حيث بات المواطن غير قادر على الجلوس بأريحية في الأماكن العامة أو الحديث بحرية”.
وأشار وهبي إلى أن القانون الجنائي المقبل يتضمن مقتضيات ذات صلة بالموضوع؛ لكن النص برمته لا يزال محل نقاش وخلاف، مؤكدا “الحاجة إلى توسيع النصوص القانونية من أجل حماية الحياة الخاصة للمواطنين”، مع أن “حرية التعبير في هذا السجال تُستعمل أحيانا كشعار” للتشهير بالأفراد.
ودافع الوزير الوصي على العدل في الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش عن قرينة البراءة بوصفها “أنبل ما يوجد في القانون”، موضحا أن “المواطن مقدّس ويجب أن يُعامل على أساس الاحترام والبراءة ما لم يثبت تورطه في فعل جرمي”، منتقدا ما وصفه بمحاولات “قلب المعادلة”، حيث يتم التشهير بالأشخاص وإدانتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل عرض ملفاتهم على مؤسسة القضاء.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن خروج بعض المحامين للحديث عن “متابعة” موكليهم أمام الرأي العام يتم ترويجها في هذه الوسائط، فيساهم ذلك في ترسيخ فهم خاطئ، إذ “تُفهم المتابعة وكأنها حكم بالإدانة”، منتقدا في ذات السياق “الذكاء المغربي” الذي يروج بشدة وقوة للإثراء غير المشروع بصيغته الحالية، مع أنه “يفترض إدانة المواطن والطعن في براءته إلى أن يثبت العكس”.
وقال السياسي ذاته: “أكره الأشياء إلى قلبي هو موضوع الإثراء غير المشروع؛ لأن فيه نفاقا سياسيا وقانونيا”، معتبرا أن “من حق المواطن أن يملك ما يشاء ويمارس حياته بحرية، مشددا على أن مسؤولية الدولة تتمثل في تعقب المخالفين الحقيقيين وعدم التساهل معهم، وليس في تعميم الشبهة على الجميع”.
وشدد وهبي على أن “دور الدولة أن تحمي المواطن في براءته وحريته، وليس اعتبار الجميع لصوصا. وأن نختار غدا شخصا ونستدعيه قائلين: (تعال أنت، وقل لنا من أين اشتريت هذا ومن أين جاءت تلك؟)”.
وتابع الوزير الوصي على قطاع العدل: “الأشخاص المصرّحون فتُراقَب تصريحاتهم المالية، إذا ظهر فرق بين ما صرّحوا به وما يملكون، يمكن مناقشتهم ومساءلتهم ومتابعتهم”.
وختم تدخله خلال جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس المستشارين قائلا: “إذا كان المواطن بعيدا عن هذه التحايلات ثم فجأة يجد نفسه مهددا بالمساءلة، فهذا أمر غريب”، وزاد: “في النهاية، يقولون إن وزارة العدل ترفض محاربة الفساد؛ لأنها سحبت مشروع قانون الإثراء غير المشروع (من البرلمان)؛ بينما من يقول ذلك هو مع اعتقال واضطهاد وإهانة المواطن، لأن هذا ببساطة ما تعنيه مقتضيات هذا القانون”.
المصدر:
هسبريس