مشارب فكرية مغربية متعددة يجمعها كتاب جديد حول مشترك دفاعها عن القضية الفلسطينية، من مقاربات متنوعة، في المؤلف الجماعي الجديد أسهم فيه باحثون من انتماءات متعددة يمينا ويسارا وغير ذلك، صدر عن “مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات” ويستحضر رؤى مغاربة راحلين وأحياء، هم: محمد بن عبد الكريم الخطابي، وعلال الفاسي، ومحمد عابد الجابري، وعبد السلام ياسين، وطه عبد الرحمان، والفقيه محمد البصري.
وجاء في تقديم الكتاب الجديد، الذي شارك في إعداده كل من سمير زردة وعبد الباسط المستعين وعبد الله الجباري وعبد الصمد فتحي وحفيظ هروس وأحمد الفراك وعبد الإله المنصوري وأحمد ويحمان وعبد القادر الحضري، أن حضور القضية الفلسطينية في فكر المفكرين المغاربة “تعددت مقارباته، واختلفت مرجعياته؛ لكنه مجمع على مركزية القضية، واعتبارها قضية وطنية، بل إن البعض ارتقى بها إلى مستوى القضية المصيرية للأمة جمعاء، ورهن تحرير الأمة بتحرير فلسطين”.
وسجل تقديم الكتاب الموسوم بعنوان “القضية الفلسطينية عند رواد الفكر المغربي المعاصر” أن ما حظيت به هذه القضية من “حضور خاص في مدونة الفكر المغربي المعاصر يوازي حضورها الميداني الشعبي القوي الذي انطلق مبكرا مع ‘ثورة البراق’ سنة 1929 حسب ما أورده المهدي بنونة، أحد رموز الحركة الوطنية، في مذكراته. وقد اتخذ هذا الحضور أشكالا كثيرة؛ بدءا بجمع التبرعات، والخروج في المظاهرات، والاعتصامات في المساجد، وصولا إلى الدعم العسكري من خلال إرسال المتطوعين”.
وتابع التقديم الذي تصدر هذا الكتاب الجديد: “يرجع هذا الحضور الفكري والميداني إلى المكانة التي تحتلها القضية الفلسطينية في وجدان المغاربة، وإلى الحاجة الماسة التي فرضتها مواجهة ادعاءات وأباطيل الصهيونية، ثم إلى اعتبار ذلك شكلا من أشكال التعبئة والدعم والتوجيه، والمساهمة في رسم معالم المواجهة لخوض معركة التحرير”.
كما قدّر مدخل العمل أن “فلسطين قد ظلت بالنسبة للمغاربة أكثر من قضية قومية أو إنسانية؛ بل قضية عقيدة وانتماء حضاري، تعكس وعيا عميقا بوحدة المصير بين المشرق والمغرب، وتجسد حضور البعد الديني والسياسي والأخلاقي في الفكر المغربي منذ بدايات القرن العشرين”.
وفي مرحلة “انطلاق معركة طوفان الأقصى”، تزداد الحاجة، وفق المنشور، إلى “تفصيل القول، والكشف عن طبيعة هذا الحضور في كتابات هؤلاء العلماء والمفكرين، والتعريف بأطروحاتهم لطبيعة الصراع، ومساهماتنا كمغاربة في النضال من أجل تحرير فلسطين ودعمها ماديا ومعنويا”، خاصة في ظل “فرض القضية نفسها مع ازدياد التحديات، ودخولها منعطفا حاسما بنذر بتغيرات كبرى في المنطقة برمتها، خصوصا مع التحولات المفاجئة والمتسارعة التي تلت عملية الطوفان، وأرخت بظلالها على مستقبل المشهد السياسي الذي أصبح معقدا”.
وإسهاما في الفهم والاستشراف، يأتي كتاب “القضية الفلسطينية عند رواد الفكر المغربي المعاصر” ليسلّط الضوء “على ما بذله المفكرون والعلماء المغاربة من جهود فكرية وميدانية، انتصارا للقضية الفلسطينية، وترسيخا لراهنية الموضوع، التي تفرض علينا التفاعل الإيجابي معه”؛ وهي مبادرة “لا تكتفي بعرض المواقف الحضارية في مواجهة الاختراق الصهيوني من أجل توثيقها فقط، بل من أجل تغذية الذاكرة وتعزيز فاعليتها النقدية، ذلك أنه لا التاريخ ولا الواقع ولا الشرع ولا المنطق ولا الإنسانية تبرر الصمت على أحد أكبر جرائم القرن في حق الفلسطينيين”.
المصدر:
هسبريس