قال باحثون مغاربة إن انتخاب الأكاديمي المغربي أحمد سكونتي عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، يمثل “إنجازاً دولياً هاماً للمغرب”، معتبرين أن “هذا الانتخاب يعكس ثقة المجتمع الدولي في خبرة وكفاءة الأكاديميين المغاربة في تقييم ومتابعة الملفات التي تدخل ضمن هذا الصنف، على المستوى العالمي”.
وحسب الباحثين الذين تحدثوا إلى جريدة هسبريس فإن “هذا الانتخاب، الذي تم أول أمس الجمعة بأغلبية ساحقة في نيودلهي، يكرس مصداقية الأكاديميين علماء الآثار المغاربة على الساحة الدولية”، مسجلين أنه “يمثل أيضاً فرصة لتعزيز التعاون بين المغرب والدول الأخرى في مجال صون التراث، ونقل الخبرات المغربية إلى المنتديات الدولية المتخصصة، ما يسهم في تعزيز حضور الثقافة المغربية ورفع قيمتها في السياق العالمي”.
عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، قال إن “هذا الانتخاب يُعدّ مهماً، لكونه يشكّل اعترافاً دولياً بالكفاءات المغربية في ميدان التراث”، مشيراً إلى أن “عملية التصويت كانت قريبة من الإجماع، إذ إن الحصول على 20 صوتاً من أصل 24 ليس بالأمر السهل؛ فهذه النتيجة تُعدّ شبه إجماع وأغلبية ساحقة، وهو ما يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للكفاءات المغربية، بالنظر إلى الحضور المتميز الذي باتت تحققه”.
وأضاف بوزوكار، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “أحمد سكونتي ليس غريباً عن هذا المجال، إذ يُعدّ من بين الأشخاص الذين ساهموا في تحرير وصياغة اتفاقية سنة 2003 الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو”، مؤكّداً أنه “الشخص المناسب للانضمام إلى هذه الهيئة؛ والاستفادة من خبرته لن تقتصر على المغرب فقط، بل ستشمل الإنسانية جمعاء في ما يتعلق بالتراث الثقافي غير المادي”.
وأوضح المتحدث أنه “رغم أن وجود كفاءة وطنية مغربية داخل هذه الهيئة سيعود بالنفع على المغرب بطبيعة الحال فإن سكونتي يتمتع أيضاً برأي يحظى باحترام كبير وثقة واسعة داخل المجتمع الدولي”، موردا: “عند تناوله ملفات تقييد التراث الثقافي غير المادي فإنه يعالجها بطريقة علمية وموضوعية، كما هو معروف عنه، وكما تجلّى في الملفات السابقة، ومنها الملف الأخير المتعلق بالقفطان المغربي، الذي قُدّم بعيداً عن أي اعتبارات أخرى”.
وبيّن عالم الآثار المغربي أن “التقييم في مثل هذه الملفات يكون موضوعياً، يُنصف العناصر والمجموعات التي دافعت عن هذا التراث وساهمت في حمايته؛ وهذا الجانب يُعدّ جوهرياً، لأن المجموعات الحاملة للتراث غير المادي هي الأساس في عمليات التسجيل والتقييد”، خالصا إلى أن “الانتخاب يُمثّل مكسباً يتجاوز المغرب إلى المستوى الدولي، لما يحمله من قيمة مضافة تضمن تقييماً يقوم على الموضوعية والشفافية، ووفق مقاييس ومعايير متعارف عليها دولياً، وخالية من أي نزعة ذاتية”.
عبد الإله الخضري، ناشط حقوقي وباحث في الثقافة والاقتصاد، قال إن “انتخاب المغرب عضوا في هذه الهيئة التقييمية يشكل دلالة قوية على المكانة المتقدمة التي بات يحظى بها دوليا في مجال حماية التراث الثقافي غير المادي وتثمينه”، مسجلا أن “الانتخاب يعكسُ الثقة التي تضعها الدول الأعضاء في خبرة المغرب وكفاءته المؤسساتية والعلمية في تدبير ملفات التراث غير المادي، سواء على مستوى الجرد أو الحماية أو نقل هذا التراث إلى الأجيال القادمة”.
ومن جهة أخرى أفاد الخضري، في حديثه إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “الأمر يؤكد نجاح الدبلوماسية الثقافية المغربية في جعل التراث رافعة للحوار الحضاري والتعاون الدولي، ويبرز الاعتراف العالمي بالغنى والتنوع الثقافي المغربي، الذي يجمع بين الروافد الأمازيغية والعربية والإفريقية والأندلسية والحسانية”.
وأما من حيث المكاسب فسجل الحقوقي ذاته أن “عضوية المغرب في الهيئة التقييمية ستتيح له الإسهام المباشر في تقييم ملفات الترشيح المقدمة من طرف الدول، والمشاركة في توجيه السياسات الدولية المرتبطة بصون التراث غير المادي، وهي مكانة ستعزز بلا شك حضور الرؤية المغربية داخل منظمة اليونسكو، وبالتالي تقوية شبكات التعاون مع بلدان أخرى، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، فضلا عن دعم ملفات الترشيح المغربية مستقبلا في إطار احترام قواعد النزاهة والحياد المعتمدة”.
وعلاوة على ذلك اعتبر المتحدث أن هذا الإنجاز “سيزيد من تعزيز صورة المغرب في الساحة الثقافية الدولية كفاعل قوي في قضايا الثقافة والتنمية المستدامة، كما يكرس التراث الثقافي غير المادي كرافعة للهوية الوطنية وللتنمية المحلية، وللتقارب بين الشعوب”، موردا أن “الأمر ينسجم مع التوجهات الإستراتيجية للمغرب في جعل الثقافة أحد محركات إشعاعه الدولي”.
المصدر:
هسبريس