قال السفير الأمريكي السابق بالمغرب بونيت تالوار، اليوم السبت في الرباط، إن نظرة العالم تختلف إلى أمريكا من زاوية “موثوقيتها” في المشهد الدولي، حيث التواجد في أوروبا أو المغرب ودول الخليج يضع الولايات المتحدة كـ”حليف”، عكس مناطق أخرى من العالم.
وأضاف تالوار، ضمن كلمته خلال ملتقى “الحوارات الأطلسية” حول موضوع “أمريكا أولا وتأثيرها على الشراكات مع دول العالم”، أن من أبرز عناصر القوة في الدبلوماسية الأمريكية القدرة على طمأنة الشركاء، قائلا: “حين نطلب من الدول توقيع اتفاقيات أمنية أو اقتناء معدات عسكرية أمريكية فإنها لا تشتري منتجاً آنياً، بل تدخل في علاقة إستراتيجية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، قائمة على الثقة والضمان، والاستمرار في الشراكة حتى في أصعب الظروف”.
وتابع السفير السابق: “خلال العقود الأخيرة تركزت قرارات السياسة الخارجية والأمن القومي بشكل متزايد داخل البيت الأبيض. والجديد والمقلق اليوم هو غياب الإجراءات المؤسساتية الصارمة في بعض الحالات، وهو ما قد يؤدي إلى قرارات غير مدروسة، كما حدث في ملف فنزويلا، حيث لم تحظَ الجوانب القانونية أو تقييمات الاستخبارات بالاهتمام الكافي”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن دور موظفي مجلس الأمن القومي بأمريكا كان يتمثل في تقديم خيارات متعددة ومدروسة للرئيس، ثم الإشراف على تنفيذ القرار بالتنسيق مع الوكالات المعنية، وزاد: “سحلت محاولات من بعض الوزراء لتجاوز هذه المساطر، غير أن الرئيس أوباما كان حازماً في التأكيد على ضرورة المرور عبر القنوات والإجراءات المعتمدة قبل اتخاذ أي قرار”.
واعتبر تالوار أن إدارة الولايات المتحدة الحالية لا تسعى (غالبيتها على الأرجح) للانخراط في عمليات جديدة لتغيير الأنظمة العالمية، وأن تتحمل مسؤولية إدارة شؤون شعوب أخرى، مردفا: “أما على المستوى الإقليمي فإن الحوار لن يكون تقليدياً، بل سيجري أساساً مع الأطراف التي تتقاطع في الرؤى والتوجهات، ضمن صيغ أكثر انتقائية وواقعية”.
وأشار الدبلوماسي ذاته، لتبيان سعي الولايات المتحدة الأمريكية منذ نشأتها إلى “العمل على مساعدة الشركاء”، إلى أن جورج واشنطن، بعد اعتراف المغرب كأول بلد في العالم بأمريكا، حرر رسالة إلى السلطان محمد بن عبد الله، حيث شدد على سعي هذا البلد حديث النشأة (أمريكا) إلى أن يكون إضافة إيجابية لباقي دول العالم.
وفي السياق نفسه، في محاولة لتفكيك تأثير سياسة “أمريكا أولا” على العالم، وخاصة إفريقيا، اعتبر محمد بيفوغوي، رئيس الوزراء السابق في جمهورية غينيا، أنه مازال ينظر إلى الولايات المتحدة كلاعب مهم جداً في العالم.
وأضاف بيفوغوي أن “الجميع يرغب في إقامة علاقات جيدة مع أمريكا، لكن في ظل الوضع الحالي يواجه العالم بعض الارتباك، إذ إن الدولة التي اعتادت العمل على أساس علاقات يمكن التنبؤ بها وتقوم على القواعد أصبحت الآن تُحدث الكثير من المفاجآت”.
وأورد المتحدث ذاته أن “موجة الصدمة التي تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى القرى في إفريقيا، وتصل إلى الميزانيات والاقتصاد والتجارة؛ وللأسف يتم ذلك بطريقة لا يمكن التنبؤ بها، ولذلك تعتبر أمريكا اليوم بالتأكيد شريكاً مهماً، لكنها تفرض بعض التحديات على المجتمع الدولي، وخصوصا إفريقيا”.
وتابع رئيس الوزراء السابق في جمهورية غينيا: “اعتمدت عدة دول في سياقها الاقتصادي والاجتماعي في إفريقيا على الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات كثيرة، ولا سيما في الصحة والتعليم، وهما جانبان رئيسيان لتنميتها الوطنية؛ وعلى وجه الخصوص تلك الدول التي تضررت من ‘إيبولا’ أو ‘الإيدز’، وكانت لديها برامج طويلة الأجل مدعومة من قبل منظمات عديدة، وفجأة اختفت هذه البرامج بين عشية وضحاها مع قدوم ترامب”.
وقد حقق هذا التراجع أمراً جيداً، وفق المتحدث، “إذ بدأ العالم يفكر في الاعتماد على الذات، وبدأت إفريقيا تبحث عن حلول إقليمية بدلاً من الاقتصار على الحلول العالمية”، وزاد: “ينبغي أن يكون هذا درساً لنا. حان الوقت لكي نمتلك المؤسسات الصحيحة والسياسات الصحيحة، ليس فقط على المستوى الوطني، بل على المستوى القاري”.
المصدر:
هسبريس