حظي دور تنظيم الإخوان في تأجيج الصراع السوداني بنقاش موسع خلال جلسة خاصة عقدها البرلمان الأوروبي في بروكسل، خُصصت لمتابعة تطورات الحرب الدائرة في البلاد، وسط تحذيرات من نفوذ إخواني متغلغل داخل الجيش السوداني ودعم إقليمي تقوده إيران.
وأشار خبراء أوروبيون تحدثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، إلى تصاعد التحذيرات من أبعاد خفية للصراع في السودان، تتجاوز المواجهة العسكرية المباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لتشمل نفوذا إخونيا منظما ومؤثرا داخل مؤسسات الدولة، معتبرين أن هذا النفوذ لا يقتصر على الميليشيات الميدانية فحسب، بل يمتد إلى أطر رسمية داخل الجيش والأجهزة الأمنية، ما يعقد جهود تحقيق استقرار السودان ويعزز سيطرة الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة على القرار العسكري.
ماذا ناقشت جلسة البرلمان الأوروبي؟
خلال الجلسة، قدم الخبير الأمني الفرنسي كلود مونيكيه وهو رئيس المركز الأوروبي للاستراتيجية والأمن، مداخلة سلط خلالها الضوء على حقبة حكم عمر البشير التي وصفها بأنها المرحلة المفصلية في ترسيخ نفوذ تنظيم الإخوان داخل مؤسسات الدولة، ولا سيما الجيش والأجهزة الأمنية، موضحا أن تحالف البشير مع حسن الترابي، زعيم الإخوان في السودان، أسس لجيش "مُسيس ومؤدلج"، ظل تأثيره قائمًا حتى بعد الإطاحة بالبشير.
وبحسب الخبير الفرنسي، فإن " الجيش السوداني اليوم مخترق على نطاق واسع من قبل عناصر مرتبطة بالإخوان وبقايا جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق، الذي كان بمثابة شرطة سياسية خاضعة بالكامل لحزب المؤتمر الوطني، الذراع السياسية للإسلامويين".
ووفق نص المداخلة التي اطلع عليها موقع "سكاي نيوز عربية"، أشار مونيكيه إلى "اعتماد الجيش المتزايد على ميليشيات إسلاموية غير رسمية، أبرزها كتيبة البراء بن مالك، التي تُعد رأس حربة في العمليات العسكرية، خاصة في استعادة مناطق استراتيجية"، موضحا أن هذه الكتيبة تُعد الامتداد المباشر لقوات الدفاع الشعبي في عهد البشير، ويُقدر عدد عناصرها بنحو 20 ألف مقاتل.
ورأى الخبير الأمني أن "القيادة العسكرية، وعلى رأسها الفريق البرهان، واقعة تحت تأثير مباشر لبقايا النظام الإسلاموي السابق، محذرًا من مؤشرات على محاولة إعادة إنتاج مشروع إسلامي في السودان".
وكشف أن " إيران، عبر وساطة جماعة الحوثي، وفرت للجيش السوداني أسلحة متطورة منذ 2023، بينها طائرات مسيرة، إضافة إلى رادارات عسكرية، تحت غطاء المساعدات الإنسانية، وهذا الدعم أسهم في تحقيق الجيش مكاسب ميدانية، لا سيما في الخرطوم".
وخلص مونيكيه إلى تحذير واضح بأن "انتصار الجيش في هذه الحرب يعني عودة نظام إسلاموي متشدد".
الإخوان.. "رأس حربة" الصراع
من باريس، قالت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي نتالي غوليه، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "تنظيم الإخوان كان القوة الدافعة الرئيسية في صراع السودان، من خلال نفوذه وأعضائه داخل القوات المسلحة السودانية، وقد اتهمت الولايات المتحدة ودول أخرى الجيش السوداني بارتكاب جرائم حرب".
وأوضحت غوليه أن "الإخوان يحتاج إلى السودان لتعزيز حضوره في البلاد، وليمثل تهديدًا حقيقيًا للمصالح الغربية عبر تحالفاته مع إيران وروسيا، وفي سبيل ذلك رفض التنظيم مبادرات متعددة لوقف إطلاق النار".
وأضافت: "أما الطرف الآخر المتمثل في قوات الدعم السريع، فهو أيضا مُتهم بانتهاكات، لكن تنظيم الإخوان كان تاريخيًا المحرك الأساسي للصراع".
وبشأن تأثير حرب السودان على الأمن الأوروبي، قالت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي إن "السودان بعيد عن الاهتمامات الأوروبية حاليًا بسبب المشاكل السياسية الداخلية، لكن كل ما يتعلق الإخوان يمثل مصدر قلق بالنسبة لفرنسا على سبيل المثال".
ومضت قائلة: "علاوة على ذلك، فإن هذه الحرب ستزيد من حالة عدم الاستقرار في منطقة متأرجحة بالفعل، وستدفع أعدادًا كبيرة من المهاجرين نحو الحدود، ثم إلى أوروبا، عبر شبكات الهجرة غير القانونية التي يمتلكها تنظيم الإخوان، والتي تستخدم أيضًا لتمويل أنشطتها الإجرامية".
الإخوان.. يتحكمون بقرارات الجيش
اعتبر مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث، رمضان أبو جزر، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن " الحرب في السودان ليست مجرد صراع بين جنرالين، فالصراع الفعلي يشمل جنرالات تابعين لتنظيم الإخوان يسيطرون على جزء كبير من الجيش السوداني".
وأوضح أبو جزر أن "البداية الحقيقية لهذه الحرب كانت في تغييب الحكومة المدنية التي تم التوافق عليها، وأن الصراع الحالي لن ينتهي إلا بالتخلص من هذا النفوذ الإسلاموي الذي يمتد دعمه من خارج السودان".
وأضاف: "في البداية كان بعض المسؤولين في بروكسل مخدوعين بما يحدث في السودان، ولكن مؤشرات ومعلومات حديثة أكدت الدور الواضح لتنظيم الإخوان في الجيش، ودورهم الواضح في تأجيج الصراع في السودان ومسؤوليتهم المباشرة عن استمرار هذا الصراع إلى الآن"، مشيرا إلى أن "الشبكات الإسلاموية كانت منذ حكم البشير تجد في السودان حاضنة، وأن حكومة البرهان لم تستطع إخفاء حقيقة تغلغل قيادات فاعلة في الجيش السوداني، تتخذ من بورتسودان مقرًا لها وتتحكم في قرارات الحكومة".
وحول دور الاتحاد الأوروبي، أكد أبو جزر أن " الاتحاد الأوروبي يتعامل مع ملف السودان اليوم كقضية مهمة جدًا، لها أبعاد إقليمية ودولية، حيث تدخل لاعبين إقليميين ودوليين بقوة في الصراع، ويرى ضرورة اتخاذ مواقف واضحة".
المصدر:
سكاي نيوز