خيمت أجواء من الحذر والترقب على المشهد العام بجهة الدار البيضاء-سطات، عقب الفاجعة الإنسانية المؤلمة التي هزت مدينة فاس مؤخرا، والمتمثلة في انهيار عمارتين سكنيتين، مما خلف حصيلة ثقيلة بلغت حوالي 22 وفاة وأكثر من 15 إصابة متفاوتة الخطورة.
ولم يمر هذا الحادث المأساوي دون أن يلقي بظلاله القاتمة على العاصمة الاقتصادية للمملكة، حيث علمت جريدة “العمق” من مصادر جيدة الاطلاع أن الولاية تعيش حالة استنفار غير مسبوقة لتفادي تكرار “سيناريو فاس” الدامي.
تعليمات ولائية صارمة
أفادت مصادر الجريدة أن والي جهة الدار البيضاء-سطات سارع إلى إصدار توجيهات استعجالية وصارمة لمختلف عمال العمالات والأقاليم التابعة للجهة.
ودعا الوالي في تعليماته إلى ضرورة التحرك الفوري وعقد اجتماعات طارئة، تخصص حصرا لمناقشة ملف “البنايات المهددة بالانهيار”، وتقديم تصورات عملية واستعجالية لتدبير المخاطر المحتملة، خاصة في ظل وجود نسيج عمراني قديم ومتهالك في العديد من أحياء الدار البيضاء.
وتفاعلا مع التوجيهات الولائية، شرع عدد من عمال العمالات والمقاطعات، لا سيما تلك التي تضم كثافة عالية من الدور الآيلة للسقوط، في عقد سلسلة من الاجتماعات الماراطونية.
وعرفت هذه اللقاءات حضورا مكثفا لمختلف المتدخلين، من رؤساء الجماعات والمقاطعات، والباشوات والقياد، وصولا إلى الفاعلين التقنيين المتمثلين في ممثلي الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط، وكذا مكاتب الدراسات والهندسة المعنية.
وتسعى السلطات المحلية من خلال هذه التحركات المكثفة إلى تسريع وتيرة العمل وتجاوز المقاربات التقليدية في التعاطي مع هذا الملف الشائك، الذي بات يوصف في الأوساط الإدارية والتقنية بـ”القنبلة الموقوتة” التي تهدد سلامة المواطنين.
تشخيص دقيق ومعايير جديدة
ووفقا للمصادر ذاتها، فإن الهدف المحوري من هذه الاجتماعات هو وضع “تشخيص دقيق ومحين” لوضعية البنايات القديمة والمتداعية، حيث خلصت الاجتماعات الأولية في عدد من العمالات إلى ضرورة إعداد لوائح إحصاء شاملة للمنازل المهددة، مع اعتماد معايير تقنية جديدة أكثر صرامة في تحديد درجات الخطورة والهشاشة العمرانية، تأخذ بعين الاعتبار ليس فقط حالة المبنى، بل أيضا وضعية البنية التحتية المحيطة به والتغيرات التي طرأت عليها.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر جريدة “العمق” أن التعليمات الجديدة تضمنت شقا زجريا ورقابيا مهما، يتعلق بتشديد المراقبة على رخص البناء والإصلاح.
ويأتي هذا التوجه بعدما رصدت السلطات في السنوات الأخيرة تناميا مقلقا لظاهرة “الإصلاحات العشوائية” وغير المقننة، حيث يعمد بعض الملاك إلى إحداث تغييرات جوهرية في هياكل البنايات القديمة دون استشارة مكاتب دراسات مختصة أو الحصول على التراخيص اللازمة، مما يضعف أساسات المباني ويعجل بانهيارها.
كما تم التأكيد بلهجة صارمة على ضرورة مراجعة مساطر منح “شواهد المطابقة”، والتأكد من استيفاء البنايات لكافة الشروط القانونية والتقنية قبل تسليمها، لقطع الطريق أمام أي تجاوزات قد تساهم في تعريض أرواح البيضاويين للخطر.
المصدر:
العمق