رحب مربو الدواجن، خصوصا الصغار منهم، بالخطوة الأخيرة لمجلس المنافسة المتعلقة بالقيام بعمليات زيارة فجائية وحجز متزامنة لخمسة فاعلين في سوق الأعلاف المركبة، فيما قالت مصادر لجريدة “العمق” إن السوق عرف في عدة فترات تواطؤات بين مصنعين لرفع الأسعار، و”غشا وتلاعبات” في تركيبة بعض الأعلاف المركبة.
وكان مجلس المنافسة قد أعلن يوم 6 دجنبر 2025 أنه نفذ عمليات مداهمة وحجز فجائية يوم 4 دجنبر شملت خمسة فاعلين في السوق الوطنية للأعلاف المركبة الموجهة لقطاع الدواجن والأسواق المرتبطة بها، وذلك بناء على شكوك قوية حول وجود ممارسات منافية لقواعد المنافسة.
وفي تصريح لجريدة “العمق” أشاد رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، محمد أعبود، بخطوة مجلس المنافسة، قائلا إنها “تبرز أن مؤسسات الرقابة حاضرة وتشتغل”، متوقعا أن تكون لها نتائج إيجابية على السوق من حيث الجودة والأسعار، “لأن المصنعين سيشعرون بأن هناك رقابة، ما سيحول دون عدد من الممارسات”.
وأفادت مصادر لجريدة “العمق” أن سوق الأعلاف المركبة يعرف “تواطؤات بين عدد من الفاعلين للرفع من الأسعار” بشكل متزامن، وهو ما يؤثر سلبا على مربي الدواجن، كما نبهت إلى أن الإعفاءات الضريبية على المدخلات الإنتاجية، وأموال الدعم العمومي التي تم ضخها في القطاع، بالإضافة إلى التراجعات الكبيرة في أسعار المواد الأولية عالميا، لم تنعكس بشكل منطقي على أسعار الأعلاف المركبة بالمغرب.
وكان مربو الدواجن يلمسون ممارسات منافية للمنافسة من خلال الأسعار المرتفعة مقارنة بالانخفاضات الكبيرة التي عرفتها أسعار المواد الأولية في السوق، كما لمسوا أيضا “تلاعبات” في تركيبة بعض الأعلاف المركبة، بالإضافة إلى جودتها “الرديئة” التي سببت أمراضا وتسممات للدواجن، لكن لا يملكون أي دليل إثبات على ذلك، تقول المصادر ذاتها.
وأوضحت المصادر ذاتها أن تركيبة عدد من الأعلاف المركبة المعلنة على أكياسها من قبل بعض الشركات، “لا تعكس بالضرورة التركيبة الحقيقية لها” من حيث الطاقـة والبروتينات والأحماض الأمينية وغيرها من المركبات المضافة، وهو ما ينعكس سلبا على مردودية الإنتاج بالنسبة لمربي الدواجن، ويرفع تكاليف إنتاجهم.
وكان مجلس المنافسة قد أعلن في دجنبر من السنة الماضية أن سوق تصنيع الأعلاف المركبة بالمغرب تتسم بنسبة عالية من التركيز، إذ يستحوذ عليها عدد قليل من الشركات الكبرى بالرغم من وجود 48 شركة فاعلة تمارس أنشطتها داخل هذه السوق.
وأوضح المجلس، في تقرير له، أن ثماني شركات تستفرد بنحو 75 في المائة من حصص السوق، فيما تبلغ حصة المجموعتين الرئيسيتين الفاعلتين في المجال بنسبة 50 في المائة تقريبا، مفسرا هذه الوضعية بأنها نتيجة لإعادة هيكلة السوق، حيث توقفت عدة شركات عن مزاولة أنشطتها، بينما أنجزت شركات أخرى عمليات تركيز اقتصادي.
وتابع المصدر ذاته أن إمكانيات التنويع والابتكار في السوق تتضاءل بسبب هيمنة بعض الفاعلين الرئيسيين، وينعكس ذلك سلبا على مربي الماشية باعتبارهم أبرز مستهلكي الأعلاف المركبة، كما يؤدي تركّز السوق في يد عدد محدود من الموردين إلى تقليص الخيارات المتاحة وتطبيق أسعار أقل تنافسية.
تدخل مجلس المنافسة، يقول أعبود، جاء بعدما راسله صغار المربين في سنة 2022، حيث طالبوا هذه المؤسسة بالتدخل بسبب استمرار الشركات في رفع الأسعار رغم تراجع أثمان المواد الأولية المستوردة، كما اشتكوا من إقرار زيادات في أثمان الأعلاف بطريقة موحدة دون احترام قواعد المنافسة.
وقال المتحدث ذاته، إنهم راسلوا مرارا وزارة الفلاحة بشأن هذا الوضع “المختل” منذ سنة 2013، لكن عدم تجاوبها مع مراسلاتهم دفعهم إلى اللجوء إلى مجلس المنافسة، الذي عقد معهم، ومع كل الفاعلين، جلسات استماع، قبل أن يصدر تقريره حول وضعية المنافسة بسوق الأعلاف المركبة.
المصدر:
العمق