بالموازاة مع تحقيق نمو اقتصادي مرتفع نسبيا سنة 2024، عرف “الادخار الوطني” تحسنا بتسجيله ارتفاعا بـ11,6 في المائة مقارنة مع سنة 2023، وفق ما أفادت المندوبية السامية للتخطيط، اليوم الاثنين، ضمن بيانات حديثة، مستقرا بذلك في 461,7 مليار درهم خلال السنة المالية المنصرمة.
الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية لسنة 2024 كشفت عن تحقيق الاقتصاد المغربي طفرة إيجابية خلال السنة الماضية؛ إذ بلغ الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية 1596,8 مليار درهم، مسجلا نموا لافتا بلغ 7,9% مقارنة بعام 2023.
أما الشركات المالية وغير المالية فواصلت لعب دور “المحرك الأساسي” للنشاط الاقتصادي، مساهمة بـ 45,7 بالمائة من الثروة الوطنية، و16,6 بالمائة من الدخل الوطني المتاح، إضافة إلى استحواذها على أكثر من 60 بالمائة من الادخار الوطني و59,2 بالمائة من الاستثمارات الثابتة.
في التفاصيل، أشارت المؤسسة الإحصائية الوطنية في تقرير مفصل حول “الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية” إلى أن “الشركات المالية وغير المالية” مازالت المساهم الأوّل في دينامية الادخار بالمغرب بنسبة 60,3 بالمائة، متبوعة بـ”الأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر” بنسبة 26,8 بالمائة، بينما حلّ قطاع “الإدارات العمومية” ثالثا بنسبة 12,9 بالمائة.
الحسابات الوطنية ذاتها حصَرت إجمالي تكوين رأس المال الثابت، من جهته، في 422,5 مليار درهم سنة 2024، مرتفعا بـ 13,9 بالمائة مقارنة مع سنة 2023، فيما عزت المندوبية ذلك إلى “الارتفاع الملحوظ في استثمارات الشركات بـ 19,9 بالمائة، وزيادة بنسبة 7,9 بالمائة في إجمالي تكوين رأس المال الثابت للأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر”، فضلا عن رصدها “ارتفاعَ إجمالي تكوين رأس المال الثابت للإدارات العمومية بـ3,2 بالمائة”.
وفي تفاصيل المساهمين في تكوين رأس المال الثابت الوطني، تصدرت أيضا الشركات المالية وغير المالية بنسبة بلغت 59,2 بالمائة في إجمالي تكوين رأس المال الثابت الوطني سنة 2024. كما ساهمت كل من الأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر بنسبة 26,1 بالمائة، والإدارات العمومية بنسبة 14,7 بالمائة.
أظهرت بيانات حسابات 2024 أن “الحاجة إلى تمويل الاقتصاد الوطني” مازالت قائمة بـ 18,5 مليار درهم، وشكلت في السنة نفسها 1,2 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي بدل 0,9 بالمائة قبل سنة، تؤكد المندوبية السامية للتخطيط.
هذا التراجع يُعزى في جزء كبير منه إلى “انتقال رصيد الشركات غير المالية من قدرة تمويلية بـ 11,9 مليار درهم إلى حاجة تمويلية بلغت حوالي 8,2 مليار درهم”.
كما تفاقمت الحاجة التمويلية لقطاع الشركات المالية مسجلة 9,1 مليار درهم سنة 2024، في حين انخفضت الحاجة التمويلية للإدارات العمومية بقيمة 12,2 مليار درهم، كما تحسّنت القدرة التمويلية للأسر (متضمنة المؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر) بـ 10,9 مليارات درهم.
من أجل تغطية حاجته التمويلية، “يلجأ قطاع الدولة دائما إلى الديون الداخلية والخارجية”، تورد المندوبية، مشيرة إلى أن إصدارات الخزينة العامة في السوق الداخلي عرفت ارتفاعا ملموسا، مسجلة تدفقا صافيا قدره 48,8 مليار درهم سنة 2024”.
كما سجلت المديونية الخارجية لهذا القطاع تدفقا صافيا بلغ 19 مليار درهم سنة 2024.
وبهذا المستوى، بلغ صافي تدفق سندات الدين القابلة للتداول المُصدَرة دوليا ناقص 9,4 مليارات درهم سنة 2024.
وبخصوص الشركات غير المالية، فقد سجلت انخفاضا كبيرا في القروض البنكية، حيث سجل صافي تدفق القروض المقدمة للشركات غير المالية 12,9 مليار درهم سنة 2024، مشكلا بذلك 15,1 من التزاماتها.
في سياق متصل، سجلت مديونية الأسر (بما فيها المقاولون الذاتيون) لدى البنوك “ارتفاعا طفيفا، حيث بلغ صافي تدفق القروض 13 مليار درهم سنة 2024، بينما عرفت الودائع ارتفاعا كبيرا، مسجلة تدفقا صافيا قدره 86,8 مليار درهم.
من جهة أخرى، سجلت الشركات المالية تراجعا مهما على مستوى القروض لتستقر عند 41,9 مليار درهم، مقابل تحسن ملحوظ في الودائع قدره 152,3 مليار درهم.
مساهمة الشركات المالية وغير المالية، التي تعد “المنتج الأول للثروة الوطنية”، في الناتج الداخلي الإجمالي، بلغت 45,7 في المائة، وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “الشركات ساهمت بنسبة 60,3 في المائة في الادخار الوطني، وبنسبة 59,2 في المائة في الاستثمار (إجمالي تكوين رأس المال الثابت)”.
وأضاف أن الإدارات العمومية ساهمت بـ14,8 في المائة في الناتج الداخلي الإجمالي، بينما ساهمت الأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر بـ28,4 في المائة في الناتج الداخلي الإجمالي، مبرزا أن “صافي الضرائب على الإنتاج والواردات” سجل تحسنا بـ 1,2 نقطة مقارنة مع سنة 2023 ليبلغ 11,1 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
وانعكس التحسن على “إجمالي الدخل الوطني المتاح” ليبصم على “ارتفاع” قدره 7,7 في المائة سنة 2024 ويستقر عند مبلغ 1709,1 مليار درهم. ويرجع ذلك-وفق المصدر عينه-إلى ارتفاع إجمالي الدخل المتاح للشركات (المالية وغير المالية) بنسبة 8 في المائة، وللأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر بنسبة 6,9 في المائة، وللإدارات العمومية بنسبة 10 في المائة.
إجمالا، بلغت مساهمات القطاعات المؤسساتية في إجمالي الدخل الوطني المتاح 63,1 في المائة بالنسبة للأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح في خدمة الأسر، و20,3 في المائة بالنسبة للإدارات العمومية، و16,6 في المائة بالنسبة للشركات (منها 2,3 في المائة تعود للشركات المالية).
المصدر:
هسبريس