رفض وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، التعليق على حكم صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة يقضي بإيقاف تنفيذ قرار فرض رسوم مالية على طلبة الدكتوراه الموظفين ضد مجلس جامعة محمد الأول بوجدة، معتبرا أن “قرارات القضاء تحترم ولا يمكن بأي حال التعليق عليها تحت أي ظرف”.
وفضّل ميداوي عدم التعاطي مع سؤال هسبريس “هل سيصبح القضاء هو المدخل الجديد للطعن في التوقيت الميسر والرسوم المالية باعتبارها مساسا بالمقتضيات الدستورية التي تؤكد مجانية التعليم؟ موردا أنه “لن يقدم أي معطى يتعلّق بهذا الحكم أو غيره”، في إشارة إلى استمرار الإدارة في تعميم هذه التعويضات المثيرة للجدل.
وكان المحامي مراد زيبوح قد أعلن الخبر، مسجلا أنه “يعد انتصارا مهما لمبدأ الحق في التعليم ولتكريس مجانية التكوين العالي باعتباره حقا دستوريا، كما يعكس الدور الإيجابي للقضاء الإداري في حماية الحقوق والحريات عندما تتعارض القرارات الإدارية مع المشروعية أو مع المبادئ الدستورية”، مضيفا أن “الإدارة، مهما كانت غاياتها أو تقديراتها، تبقى ملتزمة باحترام قاعدة الشرعية وعدم المساس بالحقوق الأساسية للمرتفقين”.
من جانبه، قال عبد العزيز خليل، محام باحث في القانون، إن “الحكم القضائي الأخير يكرّس من جديد مبدأ مجانية التعليم كحق دستوري أصيل، لا يمكن لأي صيغة تنظيمية أو آلية تقنية، بما فيها نظام التوقيت الميسّر، أن تمسّه أو تقيّده تحت أي ذريعة”، موضحا أن “الدستور واضح في حماية الحق في التعليم وضمان تكافؤ الفرص، ما يجعل أي محاولة للالتفاف على هذا المبدأ غير منسجمة مع روح الوثيقة الدستورية ولا مع الالتزامات القانونية للمؤسسات العمومية”.
وأضاف خليل، في تصريح لهسبريس، أن “المساواة في الولوج إلى التعليم بين جميع المواطنين، موظفين أو غير موظفين، تبقى الأساس الذي لا يمكن تجاوزه في أي إصلاح أو إجراء مرتبط بمنظومة التعليم العالي”، معتبرا أن “خلق فوارق مبنية على الوضعية المهنية أو الاجتماعية من شأنه الإخلال بالعدالة التعليمية وإعادة إنتاج التمييز بطريقة غير مباشرة، وهو ما يتعارض مع المقتضيات الدستورية ومع مبادئ الحقوق الأساسية”.
وشدّد المحامي ذاته على “ضرورة فتح الباب أمام الاختيار الطوعي في ما يتعلق بالتوقيت الميسّر أو غيره من البدائل البيداغوجية، بدل الاتجاه نحو تعميمه أو فرضه بشكل فوقي لا يراعي خصوصيات الفئات المختلفة”، مؤكدا أن “الإصلاح الحقيقي يمر عبر الإنصات للمجتمع وإشراك الفاعلين، وليس عبر اعتماد مقاربات تُفرَض من أعلى”، مشيرا إلى أن القرارات التشاركية وحدها كفيلة بإرساء خدمة جامعية عمومية عادلة ومقبولة من الجميع”.
وأكد المتحدث أن “إكراه الأجراء والموظّفين وذوي الدخل المحدود على الأداء لولوج مسالك الماستر أو الدكتوراه يشكّل تقويضا مباشرا لحقهم الأساسي في متابعة التكوين العالي”، مبرزا أن “هذا التوجّه يحوّل التعليم إلى امتياز طبقي بدل أن يبقى حقا مكفولا للجميع”، مضيفا أن “الرسوم المعمول بها في عدد من الجامعات مرتفعة للغاية ولا تراعي القدرة المالية للشريحة الواسعة من المهنيين”.
كما أشار الباحث في القانون إلى أن “الدولة مُطالَبة بضمان شروط الولوج المنصف والعادل إلى التعليم العالي، لا خلق حواجز مالية أو تنظيمية تحول دون ارتقاء المواطنين علميا ومهنيا”، موردا أن “هذا الحكم الذي صدر ليس الأول ولن يكون الأخير؛ إذ إنه يندرج ضمن سلسلة من القرارات القضائية التي تؤكد مرة بعد أخرى أن الحق في التعليم ليس مجالا للاجتهاد الإداري، بل هو التزام دستوري محصّن”.
المصدر:
هسبريس