في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكدت فيدرالية رابطة حقوق النساء أن استمرار “الاختلالات البنيوية” وتنامي العنف ضد المرأة “يستدعي مقاربة شاملة تتجاوز حدود التعديلات المتجزأة للنصوص القانونية؛ لتشمل مراجعة جوهرية للقوانين والممارسات والسياسات العمومية”، مطالبة بـ”تجريم جميع أشكال العنف الأكثر انتشارا؛ وعلى رأسها الاغتصاب الزوجي والعنف الاقتصادي، والعنف الرقمي بكافة مظاهره الحديثة”.
وكشفت المعطيات الإحصائية، التي وثقتها فيدرالية رابطة حقوق النساء بتنسيق مع شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع وشبكة نساء متضامنات، عن “استمرار هيمنة العنف النفسي على حالات العنف المصرح بها بنسبة 47 في المائة، يليها العنف الاقتصادي والاجتماعي بنسبة 23 في المائة، فيما توزعت باقي أشكال العنف بين العنف القانوني بنسبة 10 في المائة”.
أشارت المعطيات التي قدمتها كل من جميلة كرمومة، نائبة رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، وسعاد بنمسعود، منسقة شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، ونجية تزروت، رئيسة الشبكة ذاتها، صباح الخميس، إلى “العنف الجسدي بنسبة 8 في المائة والعنف الرقمي بنسبة 7 في المائة والعنف الجنسي بنسبة 5 في المائة”، مبرزة أنه “على مستوى تفاصيل الأفعال تصدر الضرب والجرح العنف الجسدي بنحو 57 في المائة”.
كما بينت المعطيات المقدمة، التي تضمنت قراءة تحليلية للمعطيات الإحصائية للفترة الممتدة من 01 يوليوز 2024 إلى 30 يونيو 2025، أن “السب والشتم تصدر العنف النفسي بنسبة 23 في المائة، والاغتصاب الزوجي جاء على رأس العنف الجنسي بنسبة 21 في المائة”؛ بينما “برزت هزالة المستحقات المحكوم بها كأهم مظاهر العنف القانوني بنسبة 17 في المائة، وتصدر السب والشتم الرقمي العنف المعلوماتي بنسبة 28 في المائة”.
وذكرت المعطيات الواردة في التقرير السنوي حول العنف ضد النساء لسنة 2025 أن “العنف القائم على النوع لا يزال ظاهرة بنيوية مقلقة تتفاقم في مختلف الفضاءات؛ بما فيها الفضاء الرقمي”، مسجلة أنه “رغم الإصلاحات التشريعية التي توجت بصدور قانون 103.13 فإن أثر هذه المكتسبات على حماية النساء والفتيات لا يزال محدودا أمام قصور التجريم القانوني لعدد من أشكال العنف الأكثر انتشارا؛ وعلى رأسها الاغتصاب الزوجي”.
أشارت فيدرالية رابطة حقوق النساء إلى “ضعف الإجراءات المسطرية المواكبة لولوج النساء إلى العدالة، إضافة إلى هشاشة المواكبة النفسية والطبية للضحايا؛ مما يفاقم الآثار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للعنف على أوضاع النساء وأطفالهن”.
وأوردت الهيئة النسائية ذاتها أنه “رغم تراجع عدد طلبات تزويج الطفلات وتراجع عدد الأذون الصادرة عن المحاكم بهذا الخصوص، وهو ما يعكس المجهودات المبذولة من أجل تطويق هذه الظاهرة، فإن باب التحايل ما زال مفتوحا على المقتضيات القانونية المتعلقة بتقييد تزويج الطفلات وتعدد الزوجات”.
ووضحت أن ذلك يتم “من خلال إعادة أحياء مسطرة ثبوت الزوجية، رغم انتهاء الأجل القانوني المحدد لها، حيث يسجل التزايد المقلق في عدد الأحكام القضائية الصادرة بثبوت الزوجية”، مسجلة كذلك “استمرار العنف السياسي والانتخابي ضد النساء، سواء في الفضاء العام أو الفضاء الرقمي عن طريق استهداف الناشطات والمناضلات والحقوقيات عبر خطابات تمييزية كمحاولة لثنيهن عن ممارسة حقوقهن السياسية والمدنية”.
وتطرقت الرابطة إلى “تزايد جرائم تقتيل النساء التي باتت تتخذ أشكالا أكثر قسوة وخطورة، سواء داخل بيت الزوجية أو بالفضاء العام؛ في غياب تشخيص حقيقي لأسباب هذه الجرائم ودوافعها، ومدى ارتباطها بعدم تفعيل تدابير الحماية المقررة في القانون 103.13 وهشاشة آليات الوقاية من الجرائم التي تستهدف النساء لكونهن نساء”، مبرزة “استمرار وقائع وفيات النساء والرضع أثناء الولادة في عدد من مناطق المغرب كمؤشر خطير على هشاشة المنظومة الصحية الوطنية، خاصة في المناطق القروية والجبلية التي تفتقر إلى البنيات التحتية الملائمة ووسائل النقل الآمنة والموارد البشرية الطبية الكافية والفعالة”.
من جهة أخرى، رصدت فيدرالية رابطة حقوق النساء في سنة 2025 “ارتكاب عدد من جرائم تقتيل النساء، حيث تبرز المواكبة الإعلامية لهذا الموضوع استمرار خطورة هذا الشكل من العنف، وتوسع حضوره في الفضاء العمومي، إذ سجلت وسائل الإعلام الوطنية عددا من الحالات التي هزت الرأي العام وكشفت عن أنماط متكررة من العنف القائم على أساس النوع”.
واعتبرت الفيدرالية ذاتها أن هذه الجرائم “تتراوح بين التقتيل في سياق الخلافات الزوجية أو العائلية، والاعتداءات المرتبطة بالاغتصاب، أو الاستغلال، وصولا الى الجرائم التي ينفذها مجهولون أو أغيار في ظروف مختلفة”، مبرزة أن “هذه الجرائم اتخذت أشكالا عابرة للحدود بين الدول”.
ومن خلال تحليل نوعية القرابة التي تربط المتابعين في جرائم تقتيل النساء مع الضحايا، منذ دخول القانون 103.13 حيز التنفيذ، وضح المستند أن “الأغيار يمثلون الفاعل الأكثر ارتكابا لهذه الجرائم بنسبة تقارب 66.8 في المائة”، وقالت: “وهو ما يعكس هشاشة وجود النساء في الفضاءات العامة، واستمرار تعرضهن لاعتداءات جنسية وجسدية تنتهي أحيانا بالقتل، في ظل محدودية آليات الحماية واليقظة المجتمعية”.
كما أشارت فيدرالية رابطة حقوق النساء إلى أن “الأزواج يحتلون المرتبة الثانية بنسبة تقارب 24 في المائة؛ مما يبرز استمرار خطورة الفضاء الأسري وما يشهده من عنف زوجي قاتل، يضعف التدخل المبكر في مواجهته وتفشل فيه الوساطات التقليدية التي غالبا ما تؤدي إلى تفاقم النزاعات بدل احتوائها”، مضيفة أن “العنف العائلي يبرز بصور أخرى من خلال جرائم التقتيل المرتكبة من لدن الأبناء والإخوة والآباء والأمهات بنسبة إجمالية تبلغ حوالي 8 في المائة، في مؤشر على التصدعات العميقة داخل منظومة العلاقات العائلية، وما يرتبط بها من اختلالات اجتماعية واقتصادية ونفسية”.
المصدر:
هسبريس