آخر الأخبار

"الست" في مراكش .. شريط يعيد رسم أسطورة أم كلثوم برؤية معاصرة

شارك

احتضن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش العرض ما قبل الأول لفيلم “الست” في جلسة صباحية مخصصة للصحافيين، قبل العرض الرسمي المرتقب مساء اليوم، كواحد من أكثر الأفلام انتظارا في هذه الدورة.

ومنذ اللحظة الأولى، بدا واضحا أن الجمهور سيكون أمام تجربة سينمائية لا تسعى فقط إلى إعادة سرد حياة أم كلثوم، بل إلى اقتراح طريقة جديدة لسماعها ورؤيتها، عبر مقاربة فنية تجمع بين السيرة الذاتية والقراءة الإنسانية العميقة لمسار امرأة شكلت وجدان العالم العربي طوال نصف قرن.

مصدر الصورة

الفيلم يفتح نوافذ متعددة على محطات حاسمة في حياة أم كلثوم، من طفولتها وعلاقتها بوالدها، إلى بدايات صوتها وهي تكافح ضد القيود الاجتماعية، وصولا إلى لحظات مجدها الفني التي رافقها جمهور عاشق يملأ المسارح حتى آخر مقعد.

الفيلم لا يمر مرورا عاديا على المشاهد المحفوظة في ذاكرة العرب، بل يعيد بناء لحظات نادرة كحادثة هجوم أحد المعجبين عليها، تلك اللحظة التي تتحول في الفيلم إلى نقطة مضيئة لفهم طبيعة الهالة التي أحاطت بأم كلثوم وحجم الافتتان الشعبي الذي وصل أحيانا حد التماهي المطلق.

مصدر الصورة

يستعيد الشريط أيضا صورا مؤثرة من جنازتها التاريخية، حيث ودعها الملايين من الشعب المصري في مشهد بقي محفورا في الذاكرة. كما يتوقف الفيلم عند دورها الوطني وانخراطها في جمع التبرعات لدعم المجهود الحربي، وهي المرحلة التي كرست فيها أم كلثوم صوتها ووقتها للدفاع عن بلدها في أكثر اللحظات حساسية.

تلك المحطات، بين الفن والسياسة والإنسانية، يقدمها الفيلم بلغة بصرية تجمع بين الدقة التاريخية والخيال السينمائي، لتجعل من “الست” عملا ينتمي إلى زمنه دون أن يفقد عمقه العاطفي.

مصدر الصورة

ومن أكثر رهانات الفيلم جمالا وجرأة، ذلك المزج البصري المرهف بين الأبيض والأسود والألوان. فالأبيض والأسود لا يظهر هنا بوصفه استعادة أرشيفية مألوفة، بل كمسلك زمني، كعتبة يعبر منها المشاهد إلى عمق ذاكرة أم كلثوم وما تراكم فيها من ظلال ومشاعر.

المخرج مروان حامد عبر بعد العرض عن سعادة كبيرة بعودة المشروع إلى مراكش، قائلا إن المهرجان كان أول من احتضن الفيلم عندما كان جنينا داخل “ورشات أطلس”، حيث استفاد الفريق من دعم وتوجيهات ساهمت في دفع المشروع نحو النضج.

مصدر الصورة

وأضاف أن تقديم فيلم عن أم كلثوم في المغرب العربي له رمزيته الخاصة، لأن الجمهور هنا عاشق للست بقدر عشق الجمهور المصري لها.

وأشار حامد، في ندوة صحافية، إلى أنه من محبي السيرة الذاتية، وأن السينما العالمية أصبحت تنتج عشرات الأفلام من هذا النوع سنويا، لأنها ملهمة للأجيال الجديدة وتفتح بابا لفهم التاريخ من زوايا شخصية.

وعن اختياره أم كلثوم تحديدا، قال إن تأثيرها كفنانة وكامرأة في مجتمعها جعل منها شخصية استثنائية تستحق تناولها في عمل روائي كبير، مؤكدا أن الفيلم يتعامل مع مواقف إنسانية لم تكن معروفة من قبل، وأنه يتفهم تماما النقاشات والآراء المتعددة التي ترافق هذا النوع من الأفلام.

مصدر الصورة

أما منى زكي، التي حملت على عاتقها مهمة تجسيد شخصية تكاد تكون الأكثر رمزية في تاريخ الفن العربي، فقد تحدثت بتوتر واضح عن التجربة، مؤكدة أن الدور كان الأصعب في حياتها، وأن الشخصية أكبر من أي ممثلة مهما راكمت من خبرة.

وقالت إن مشاركتها في الفيلم ما كان ليكتب لها النجاح لولا ثقتها في رؤية المخرج وحرصه على مرافقتها في كل التفصيل، خاصة أن السيناريو قدم جانبا إنسانيا غير معتاد عن أم كلثوم، يكشف ضعفها وقسوتها على نفسها ووحدتها ومخاوفها، بعيدا عن الصورة المثالية التي ترسخت عبر عقود.

من جانبه، أكد كاتب السيناريو أحمد مراد أن كتابة فيلم عن أم كلثوم كانت أصعب مهمة واجهها في حياته المهنية، قائلا بجرأة لافتة إن “كتابة فيلم عن الرسول ربما أسهل من الكتابة عن أم كلثوم”، في إشارة إلى حجم التحدي وتراكم الروايات والوقائع المرتبطة بها.

وأوضح أن عمر أم كلثوم الفني والإنساني يسمح بصنع آلاف الأفلام، لكن الفريق اختار رؤية تناسب الجيل الجديد، خاصة الجيل “زد” الذي لم يعش زمن أم كلثوم ويحتاج إلى مدخل حديث لفهم أسطورتها.

من الناحية الإنتاجية، بلغت ميزانية الفيلم حوالي ثمانية ملايين دولار، وهو رقم يعكس طموح صناع العمل لتقديم فيلم عربي بمعايير عالمية، قادر على استعادة أجواء مصر في النصف الأول من القرن الماضي عبر بناء ديكورات ضخمة واستخدام تقنيات بصرية دقيقة وإعادة إحياء مشاهد تعد جزءا من الذاكرة الجماعية.

ويعتبر شريط “الست” ليس مجرد سيرة ذاتية، بل هو محاولة فنية لاستعادة امرأة صنعت أجيالا بصوتها، ولامست الوجدان العربي من المحيط إلى الخليج، وتركت خلفها قصة لا تزال نابضة بالحياة.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا