أكد تقرير صادر عن موقع “جيوبوليتيكال مونيتور” الكندي أن خط أنابيب الغاز نيجيريا–المغرب يشكل فرصة إستراتيجية مهمة لموريتانيا لتعزيز دورها في سوق الطاقة الإقليمي، مبرزًا أن الانخراط في هذا المشروع يتيح للجمهورية الإسلامية الموريتانية، الممتدة بين الساحل والمغرب، تحويل موقعها الجغرافي الهامشي إلى وزن دبلوماسي.
وأبرز التقرير ذاته أن “موريتانيا دخلت معترك السياسة الهيدروكربونية في غرب إفريقيا متأخرة، فقد وصل حقل Greater Tortue Ahmeyim إلى الغاز الأول أواخر 2024، ويضيف حقل BirAllah أكثر من 50 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات، ما يضع البلاد بين أكبر المنتجين المستقبليين في إفريقيا”، مسجّلًا أن “موقف موريتانيا في المشروع يُحدد من خلال ما تقدمه وما تكسبه، فهي تدفع القليل جدًا للمشاركة، بينما تعود المكاسب مباشرة، أي ضمان استقلالية إستراتيجية، وضوح في سياسات الطاقة المغاربية، وضمان مقعد ضمن سرديات التكامل في غرب إفريقيا”.
وسجّل المصدر نفسه أن “مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا–المغرب ظهر في دجنبر من العام 2016 كمبادرة مشتركة بين المؤسسة الوطنية للبترول النيجيرية والمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن بالمغرب، ويضم مسارًا بحريًا طوله حوالي 5600 كيلومتر، يوازي الساحل الغربي لإفريقيا، يمر عبر المغرب إلى خط أنابيب المغرب–أوروبا”، مبرزًا أن “المشروع يُصوّر كممر طموح للتكامل الساحلي، ويتطلع إلى ثلاثة أهداف، هي تحقيق إيرادات من احتياطيات الغاز النيجيرية الضخمة، وتوفير الوصول الإقليمي للغاز على طول ساحل غرب إفريقيا، وتقديم مسار إمداد جديد للأسواق الأوروبية بعيدًا عن الهيدروكربورات الروسية”.
وأوضح موقع “جيوبوليتيكال مونيتور” أن “المراحل الأولى من المشروع تستهدف الاستهلاك الإقليمي في غرب إفريقيا، حيث يبقى الطلب على الكهرباء والصناعات قويًا، بينما تمتد المراحل اللاحقة عبر الساحل الأطلسي، مرورًا بالمغرب نحو أوروبا”، وزاد: “يعكس هذا الترتيب الاعتراف بأن الطلب الأوروبي وحده لا يمكن أن يؤمّن التمويل حاليًا، ذلك أن الاستهلاك الإقليمي يوفر أساسًا أكثر مصداقية”.
ولفت التقرير إلى “دمج موريتانيا في إطار هذا المشروع من خلال مذكرات تفاهم متتالية منذ 2022، جنبًا إلى جنب مع السنغال، غامبيا، غينيا بيساو، ودول ساحلية أخرى”، مردفا: “هذه الاتفاقيات لا تلزم موريتانيا بالبناء أو التمويل، لكنها تضعها ضمن الهيكل السياسي الذي يبنيه المغرب ونيجيريا حول الخط. وهذا مهم لأن موريتانيا تقع عند مفصل الشمال من الساحل الغربي الإفريقي، حيث يبدأ المسار البحري بالانحراف نحو المغرب والبحر الأبيض المتوسط”.
وشدّد المستند على أنه “خلال وضع نفسها في هندسة مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا–المغرب تحصل موريتانيا على قنوات دبلوماسية ومفاوضات وحوارات طاقية كانت ستجري دونها، فوجودها ضمن هذا المشروع يمد الممر شمالًا ويزيد من وضوحها في نقاشات التكامل الإقليمي، خاصة أن المشاركة لا تتطلب استثمارًا ماليًا كبيرًا، لكنها تفتح منصة تربط المنتجين في غرب إفريقيا ببوابة المتوسط، وتضاعف الوزن الرمزي لموريتانيا في منتديات أكواس والمنطقة المغاربية”.
وبين المصدر عينه أن “تحقق المشروع يُكسب موريتانيا مسارات تصدير متنوعة وفرص إيرادات مستقبلية، وإذا لم يتحقق فإن نواكشوط مازالت تستفيد من المنافع الدبلوماسية والوضوح والنفوذ الناتج عن كونها حاضرة في المكان الذي تُشكل فيه الإستراتيجية الطاقية الإقليمية”، معتبرًا أن “التمويل هو التحدي الأكثر إلحاحًا في المشروع، فمع تجاوز التكاليف 25 مليار دولار سيطالب المستثمرون بضمانات مشتريات موثوقة، وهو أمر صعب في ظل انخفاض الطلب الأوروبي وفق مسارات إزالة الكربون”.
وخلص التقرير إلى أن “لموريتانيا جزءًا ضئيلًا من هذه المخاطر، بينما تتحمل نيجيريا مسؤولية تأمين الإمداد وتحريك الاحتياطيات، ويتعين على المغرب ضمان المصداقية الدبلوماسية كراعٍ للمشروع”، مشدّدًا على أن “انضمام موريتانيا إلى إطار خط أنابيب الغاز مع نيجيريا والمغرب يزيد وضوحها في الساحتين الدبلوماسية لغرب إفريقيا والمغرب العربي، فيما توسع المشاركة مساحة التفاوض وتقلل الاعتماد على السنغال، كما تعزز الصورة القائلة إن موريتانيا دولة مفصلية قادرة على الانخراط في تشكيلات إقليمية متعددة”.
المصدر:
هسبريس