أجلت غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الخميس، النظر في قضية المتهمين في ما بات يعرف إعلاميا بملف “إسكوبار الصحراء”، وذلك عقب تعرض أحد أعضاء هيئة الحكم، التي يرأسها المستشار علي الطرشي، لعارض صحي طارئ حال دون مواصلة الجلسة.
وقررت الهيئة القضائية إرجاء المحاكمة إلى الأسبوع المقبل، حيث ينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعات دفاع المتهمين، في مرحلة حاسمة من هذا الملف الذي أثار جدلا واسعا بالنظر إلى تشعب خيوطه وتعقيد مساراته القانونية.
وخلال الجلسة السابقة، كانت النيابة العامة قد قدمت مرافعة مطولة أكدت فيها أن العقود المتعلقة بفيلا موضوع النزاع شابتها خروقات خطيرة تمس سلامة الإجراءات القانونية لنقل الملكية وأداء الثمن، معتبرة أن عملية التفويت بأكملها بنيت على تزوير واضح، قبل أن تؤكد بلهجة حاسمة: “ما بني على زور فهو مزور”.
وأشار نائب الوكيل العام إلى وجود تناقضات وصفها بـ”الفاضحة” في رواية المتهم قاسم بلمير، الذي ادعى أن رجل الأعمال المالي أحمد بن إبراهيم طلب منه مساعدته في العثور على مطعم يقدم وجبة “الكسكس” بالسعيدية، ثم استضافه في منزله قبل أن يطلب السكن في فيلا بالدار البيضاء.
وتساءل ممثل النيابة مستنكرا: “كيف لرجل لم يسبق أن زار الفيلا أن يعرف موقعها وملكيتها؟”، معتبرا ذلك محاولة بئيسة لتبرير أفعال جرمية ثابتة.
وفي إطار تفكيك عناصر التزوير، سلطت النيابة العامة الضوء على عقد توثيقي أبرم سنة 2017 بين سعيد الناصري والقاسم بلمير، مؤكدة أنه عقد مزور من الناحية المعنوية، ومبينة أن الثمن المذكور فيه هو نفسه الذي بيعت به الفيلا سنة 2013، رغم الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار العقار خلال تلك الفترة، مما ينفي ـ وفق تعبيرها ـ حسن نية المشتري.
وكشفت النيابة العامة عن معطيات اعتبرتها “حاسمة”، من بينها تنفيذ عملية اقتناء الفيلا باسم شركة “برادو” التابعة للناصري ونجله، رغم أن رأسمالها لا يتجاوز 100 ألف درهم، في حين بلغت قيمة الصفقة مليارا و650 مليون سنتيم، وتم توثيقها في عقد واحد غير مصحح الإمضاء، مما يفقده أي حجية قانونية.
كما أوردت أن الشيكات المستعملة في هذه العملية صدرت عن شركة لم يعد للناصري أي ارتباط بها منذ سنة 2007، وهو ما اعتبرته دليلا دامغا على التزوير واستعمال وثائق منعدمة القيمة.
ولم تتوقف النيابة عند هذا الحد، بل أشارت أيضا إلى تسجيل عنوان شركة “برادو” بالفيلا نفسها قبل شرائها، وإلى تصريحات وُصفت بـ”السريالية”، منها ادعاء أحد الشهود أنه قام بتأثيث الفيلا بزرابي إيرانية بوساطة من الناصري، وهو ما اعتبره ممثل الحق العام أمرا غير قابل للتصديق.
وفي ختام مرافعتها، التمست النيابة العامة إدانة جميع المتهمين بالتهم الموجهة إليهم، مع مصادرة الأموال المتأتية من جرائم المخدرات وما يتفرع عنها، وإتلاف كل الوثائق المزورة ماديا أو معنويا، مؤكدة أن الأدلة المعروضة أمام المحكمة كافية لإثبات المسؤولية الجنائية.
المصدر:
العمق