في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أثار ملصق مأخوذ من مقطع فيديو ترويجي لمشروع المراحيض الذكية بمراكش موجة من الجدل، بعد أن ظهرت فيه قصبة أيت بنحدو الشهيرة مرفقة بعنوان يشير إلى أنها ضمن المجال الترابي لمدينة مراكش، في حين أن الموقع العالمي المصنف ضمن تراث اليونسكو يوجد فعليا بإقليم ورزازات.
وأظهرت الصورة المتداولة التي إطلعت عليها جريدة “العمق”، استعمال القصبة في حملة تواصلية تتعلق بمشروع “Marrakech Mobility”، الأمر الذي اعتبره عدد من النشطاء والفاعلين المحليين خطأ جغرافيا وترويجا لمعلمة تراثية خارج نفوذ مراكش الحمراء.
وفي هذا السياق، تطالب فعاليات مدنية وسياسية بجهة درعة تافيلالت القائمين على الحملة بتصحيح الخطأ واحترام الارتباط الترابي والتاريخي للقصبة، باعتبارها إحدى أبرز المعالم السياحية والثقافية لورزازات، ومحجا للزوار والمنتجين السينمائيين من مختلف أنحاء العالم.
وفي هذا الإطار، عبّر زكرياء أجديك، فاعل مدني بدرعة تافيلالت، عن صدمته من إستعمال شركة التنمية بمراكش لصورة قصبة أيت بن حدو التي تعد معلمة تاريخية عالمية ومسجلة ضمن تراث اليونسكو، وتقديمها على أنها تابعة للمدينة الحمراء، مؤكدا أن “الأمر لايتعلق بخطأ بصري عابر، بل هو تزوير للجغرافيا ومسخ للهوية الثقافية”.
وأوضح أجديك في تصريح لجريدة “العمق”، أن “قصبة أيت بن حدو ليست ديكورا يتم إستعماله كيفما اتفق؛ بل هي جزء من ذاكرة الجنوب الشرقي، ومن تاريخ إقليم ورزازات، ومن حق سكان المنطقة وكل المغاربة أن تحترم هذه الرموز كما هي وفي سياقها الحقيقي”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “أي استعمال لمعلم بهذا الحجم خارج مكانه الأصلي هو اعتداء على الذاكرة الجماعية قبل أن يكون مجرد خطأ إعلاني”، لافتا إلى أن “المطلوب في هذه الحالة هو الاعتراف بالخطأ وتصحيحه، واحترام التراث الوطني بكل تنوعه وثراءه”.
من جانبه، قال الفاعل المدني والمهني في القطاع السياحي بورزازات، هشام أيت شامان، إن “ما يتم تداوله خلال الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حول الخلط بين الانتماء الترابي لقصر آيت بنحدّو يوحي وكأن الأمر مستجد، في حين أن أصل الإشكال قديم ويتعلق بطريقة توظيف هذا الموقع العالمي في البرامج السياحية”.
وأوضح أيت شامان في تصريح لجريدة “العمق”، أن “مراكش كانت لسنوات طويلة تعتمد قصر آيت بنحدّو ضمن برامج الرحلات اليومية، حيث يقوم السياح بزيارة الموقع والعودة مباشرة إلى مراكش دون المبيت في ورزازات، وهو ما حرم الإقليم من استفادة حقيقية من الحركة السياحية ومن ليالي المبيت”.
وأشار المتحدث ذاته أن “الصورة قبل سنة 2008 كانت مختلفة تماما، إذ كان السائح يتنقل عبر آيت بنحدّو، ثم يزور قصبة تاوريرت، قبل أن يقضي ليلته في ورزازات، وفي طريق العودة يكتشف واحة فينت، وتيفولتوت، وأستوديوهات السينما، ما جعل المدينة جزءا أساسيا من التجربة السياحية وليس مجرد نقطة عبور”.
وأضاف أنه “عاين شخصيا، هذا التحول بوضوح، وذلك باعتباره يشتغل في القطاع،” معتبرا أن “الحركة السياحية تراجعت، وليالي المبيت انخفضت، والمدينة التي كانت مرحلة رئيسية داخل المسار السياحي أضحت اليوم تستعمل كطريق فقط”.
وختم المصدر نفسه تصريحه بالقول، إن “ورزازات ليست مدينة عبور، بل وجهة سياحية قائمة بذاتها، تتوفر على تراث عالمي وتاريخ سينمائي ومؤهلات طبيعية وثقافية فريدة، إضافة إلى كرم الضيافة الذي يميز ساكنتها، وأن المدينة تستحق استرجاع مكانتها الحقيقية داخل الخارطة السياحية الوطنية”.
من جهته، قال عبد العالي نعيم، المستشار الجماعي بجماعة ورزازات، أن السطو على الموروث الثقافي والسياحي لمدينة ورزازات من طرف شركة التنمية المحلية مراكش Marrakech mobility ممارسة غير مقبولة ومرفوضة جملة وتفصيلا.
وأكد نعيم في تدوينة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك”، أن هذه الممارسة تُشكّل انتهاكا صارخا لحقوق الساكنة المحلية في الاستفادة من تراثها وتنمية إقليمها.
وفي السياق ذاته، دخل المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات على خط ما تم تداوله على وسائل التواصل الإجتماعي، معتبرا أن الأمر يتعلق بمقطع فيديو ترويجي لمشروع المراحيض الذكية لشركة التنمية المحلية بمراكش، ويظهر فيه استعمال صورة قصر آيت بنحدّو في سياق الاستعدادات لكأس إفريقيا للأمم “المغرب 2025”.
وأوضح المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات في بلاغ إخباري حصلت جريدة “العمق”، على نسخة منه، أن إدراج هذه الصورة يأتي ضمن رؤية ترويجية تهدف إلى إبراز المعالم السياحية الوطنية وتقديم المنتوج السياحي المغربي في شموليته خلال هذا الحدث القاري الهام.
وأشار المجلس الإقليمي المذكور، إلى أن هذا الأمر يأتي في إطار الترويج للمعالم السياحية الوطنية وإبراز الرموز التراثية للمملكة بشكل موحّد، وذلك ضمن رؤية عامة تهدف إلى التعريف بالمنتوج السياحي المغرب.
في المقابل، أبرز المجلس أنه لا ينبغي إغفال كون هذه المعلمة التاريخية تنتمي لإقليم ورزازات، وبالضبط لجماعة آيت زينب، باعتبارها جزءا من الهوية التراثية والثقافية للإقليم.
وسجل المصدر ذاته أنه من الضروري، في إطار أي حملة ترويجية، توطين كل معلمة تاريخية في مجالها الترابي الصحيح، حفاظا على قيمتها الثقافية، وتثمينا لمجهودات الفاعلين المحليين في حمايتها وترويجها.
وشدد المجلس على أن قصر آيت بنحدّو، باعتباره موقعا مصنفا تراثا عالميا، يظل رمزا بارزا في الذاكرة المغربية، ومعلمة ذات إشعاع دولي لا تحتاج إلى تعريف، وأن التنسيق والتكامل بين الجهات يبقى خيارا استراتيجيا لتعزيز جاذبية الوجهة السياحية للمغرب، خاصة في ظل التحضيرات لاحتضان «الكان 2025».
وخلص المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات بالتأكيد على إلتزامه بالتعاون مع مختلف المتدخلين والمؤسسات، دعما للترويج السياحي الوطني، وتكريسا لدور السياحة كقاطرة للتنمية المحلية ومحركا لخلق فرص الشغل والقيمة المضافة.
المصدر:
العمق