في إطار أشغال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، المنعقدة في مدينة مراكش في الفترة ما بين 24 و27 من الشهر الجاري، يعرض رواق خاص بمعهد العلوم والأدلة الجنائية التابع للمديرية العامة للأمن الوطني أحدث التقنيات والابتكارات العلمية التي يوظفها الأمن المغربي لفك ألغاز الجرائم بمختلف أشكالها، والكشف عن أنماطها، بما يجعل المملكة في مقدمة الدول التي توظف العلم لخدمة العدالة ومكافحة الجريمة.
في هذا الصدد قال رشيد البلغيتي العلوي، عميد شرطة إقليمي بمعهد العلوم والأدلة الجنائية ورئيس مركز التشخيص القضائي بالمعهد ذاته: “إن هذا الرواق واحد من الأروقة التي اختيرت لتمثل المديرية العامة للأمن الوطني في هذا الحدث الأمني العالمي، من ضمن أروقة أخرى، وحاولنا من خلاله إظهار الإمكانيات الحديثة والمتطورة التي يوظفها الخبراء الأمنيون المغاربة”.
وأضاف المسؤول الأمني ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المديرية العامة للأمن الوطني، في إطار التعاون الدولي، تحاول دائمًا أن تكون في المستوى العالمي المطلوب عبر توفير جميع الإمكانيات والتجهيزات، وكذا الأطر والكفاءات، لمواكبة جهود محاربة الجريمة بشتى أنواعها وأشكالها”.
وزاد البلغيتي العلوي: “في إطار إظهار التقنيات الحديثة التي تستعملها الكفاءات الأمنية المغربية نعرض منتجًا تقنيًا حديثًا تستعمله المديرية العامة للأمن الوطني، يتعلق بوحدة التشخيص البيومتري للبصمات وصورة الوجه للأشخاص، التي تعمل بصفة تلقائية وقادرة على القيام بعملية التشخيص في دقائق معدودة”، مردفا بأن “هذه الوحدة يمكن أن تُستعمل في الأماكن البعيدة والوعرة أيضًا، كالمناطق التي تشهد كوارث طبيعية على سبيل المثال”.
ويضم رواق معهد العلوم والأدلة الجنائية لمسة تاريخية لافتة، إذ يُعرض قطعة من متحف المديرية العامة للأمن الوطني، تتمثل في “عدة التصوير الخاصة بالتشخيص القضائي (طقم برتيون)”، باعتبارها إحدى الأدوات التي شكّلت في زمنها نقلة نوعية في مجال التشخيص القضائي. ولا يعد إبراز هذه الآلة داخل هذا الفضاء مجرد استحضار لمرحلة من تاريخ الممارسة الجنائية، بل شاهداً على مسار تطوّر طويل قطعه العمل الأمني بالمغرب، الذي أصبح يعتمد اليوم على منظومات وتقنيات متقدمة تُدار بكفاءات مغربية عالية التدريب.
ويفتح الرواق أيضًا نافذة واسعة على عمل المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية، عبر عرض مجموعة من الأجهزة والمعدات التي يعتمدها في مجالات عمله، كجهاز متطور للكشف عن المكونات الكيميائية الخالصة المتواجدة بالعينات الصلبة والسائلة، وجهاز تحليل الأشعة السينية الفلورية، إلى جانب أجهزة أخرى مثل جهاز كشف عوامل الحرب الكيميائية، وجهاز تحديد النظائر المشعة، وجهاز آنٍ يتيح رصد ومعايرة كميات الحمض النووي، وغيرها من الأجهزة الأخرى.
في هذا الصدد أوردت لمية العمري، عميد شرطة ممتاز، مكلفة بالتحاليل البيولوجية الشرعية: “الرواق يعرض مجموعة من الآليات المتطورة التي يتوفر عليها معهد العلوم والأدلة الجنائية، خاصة المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية التابع له، من خلال مصالحه، وأذكر على سبيل المثال مصلحة البيولوجيا الشرعية ومصلحة الكيمياء الشرعية”.
ومن بين المعروضات جهاز تحديد النمط الوراثي في 90 دقيقة (Rapidhit™ ID System)، الذي يعد منصة مثالية وسريعة لتحليل الأنماط الوراثية وإنتاج ملفات تعريفية انطلاقًا من العينات المرجعية أو العينات المأخوذة من مسرح الجريمة. ويُعد هذا الجهاز نقلة نوعية في تعزيز قدرات مصالح الأمن المغربية، والشرطة العلمية، من خلال تسريع عملية الحسم العلمي.
ولا يقتصر رواق معهد العلوم والأدلة الجنائية التابع للمديرية العامة للأمن الوطني على كونه مجرد مساحة لعرض أحدث التقنيات والابتكارات في مجال البحث التشخيصي والعلمي، بل نافذة حية تكشف تسلح الأمن المغربي بالتكنولوجيا الحديثة والابتكار المستمر لمواجهة الجريمة، من خلال استثمار التقنيات المتطورة من أجل سرعة اتخاذ القرار ودقة النتائج، لتؤكد بذلك المديرية العامة للأمن الوطني أن العمل الأمني بالمغرب وحماية المواطنين والأمن العام يتم في إطار منظومة متكاملة تجعل من العلم شريكًا ثابتًا في كشف الحقائق وترسيخ العدالة.
المصدر:
هسبريس