آخر الأخبار

في قلب المتوسط .. موقع المغرب يتعزز داخل الهندسة الأمنية لحلف "الناتو"

شارك

تداولت الصحافة الإسبانية، خلال الساعات الماضية، خبرا مفاده أن البحرية الإسبانية والبحرية الملكية المغربية أجرتا مؤخرا مناورات مشتركة في مياه مضيق جبل طارق؛ وذلك في إطار عملية “حارس البحر” التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وتأتي هذه العملية في سياق مهام شاملة تشمل رصد حركة الملاحة البحرية ومتابعة الأنشطة والتهديدات المحتملة وضمان الأمن البحري، مع إمكانية التدخل للتصدي للإرهاب عند الضرورة.

وحسب ما نقلته وسائل الإعلام الإسبانية اعتمادا على هيئة الأركان المشتركة الإسبانية، فقد شاركت في هذه التدريبات فرقاطتان هما: “رينا صوفيا” الإسبانية و”طارق بن زياد” المغربية.

الأبعاد الجيو إستراتيجية للمناورات

وفي هذا السياق، أكد الشرقاوي الروداني، الخبير في الدراسات الجيوإستراتيجية والأمنية، أنه “في وقت تشهد فيه الساحة البحر-الأطلسية والمستقبل المتوسطي تحولات متسارعة باتت مسألة الأمن البحري والتعاون العسكري متعدد الأطراف محورا استراتيجيا لا محيد عنه”.

وقال الروداني ضمن تصريح لهسبريس: “من جهة، تكشف المناورة البحرية المشتركة بين المغرب وإسبانيا في مياه مضيق جبل طارق من خلال الفرقاطة المغربية طارق بن زياد والفرقاطة الإسبانية التابعة للقيادة البحرية لحلف الناتو تحولا استراتيجيا يتجاوز البعد التقني أو التدريبي؛ فهي تعكس في عمقها إدراكا متصاعدا لدى القوى الأطلسية بأن المغرب أصبح فاعلا مركزيا في أمن البحر الأبيض المتوسط وغربه وفي حماية الممرات البحرية الحيوية التي تعتمد عليها أوروبا والناتو”.

وذكر الخبير في الدراسات الجيوإستراتيجية والأمنية أن “مشاركة المغرب في هذه المناورة يأتي مباشرة بعد مشاركته في مناورة الدول الناتو Nurest 2025 التي احتضنتها تركيا تجسيدا جديدا أولا للالتزام الرباط بالخط الأطلسي وتوسع رقعة شراكته العملياتية، وثانيا تجسد قوة المغرب على الالتزام بخطوط التشبيك الاستراتيجي بين البحر الأطلسي والمتوسط والمسرح الأورومتوسطي في لحظة تتعاظم فيها التهديدات البحرية والهجينة وتعيد صياغة أولويات الناتو”.

وأكد المتحدث ذاته أن “المغرب لا يشارك فحسب في مناورات أو تدريبات؛ ولكن أصبح يحتل مركز ثقل في معادلة أمنية جديدة تحدد كيفية حماية الممرات البحرية”.

موضحا دلالة مشاركة الفرقاطة المغربية “طارق بن زياد”، أضاف الروداني: “هذا الأمر يتبين من خلال مشاركة الفرقاطة المغربية طارق بن زياد، من فئة SIGMA 10513، نموذجا متقدما في تحديث الأسطول المغربي، وقد صُممت لتكون متوافقة تماما مع معايير الناتو من حيث الأنظمة والاتصال والتشغيل والجاهزية القتالية”.

وقال الخبير سالف الذكر إن Sea Guardian هي مناورة عسكرية بحرية جديدة وهي صيغة محدثة للعمليات Active Endeavour التي انطلقت سنة 2001 من أجل تدعيم الدعم المشترك للدول الناتو طبقا للمادة الخامسة من اتفاقيات التحالف الأطلسي.

قدرات الفرقاطة المغربية “طارق بن زياد”

وعدد الروداني خصائص تقنية وعسكرية للفرقاطة المغربية “طارق بن زياد” تؤهلها للاندماج الكامل في العمليات متعددة الجنسيات؛ أبرزها: أنظمة قيادة وتحكم متطورة (Combat Management System)، إذ تعتمد نظام TACTICOS المعتمد داخل العديد من أساطيل الناتو، ما يتيح إدارة الاشتباكات وتنسيق العمليات وربطا عملياتيا فوريا مع المنصات الحليفة.

ومن بين الخصائص التي ذكرها الخبير تسليح متعدد الوظائف، قائلا: يتضمن صواريخ Exocet MM40 Block 3 بمدى يفوق 180 كلم، وصواريخ دفاع جوي MICA VL، ومدفع OTO Melara 76mm، إضافة إلى منظومات حرب إلكترونية متقدمة. وأيضا قدرات متقدمة للرصد والاستشعار، تشمل رادارات ثلاثية الأبعاد وسونارا قويا ومنظومات VBSS الخاصة بتفتيش السفن واعتراضها.

وذكر الروداني أيضا خاصية “جاهزية عالية للمرافقة والحماية؛ بما في ذلك حماية خطوط الملاحة واعتراض السفن المشبوهة وتنفيذ مهام بحرية طويلة المدى”. كما منصة مروحيات متكاملة، قادرة على استقبال مروحيات NH90 أو Panther AS565 لتعزيز المراقبة والإنزال السريع.

ومن بين الخصائص التي ذكرها الخبير وجود معايير تشغيل مطابقة للناتو، مع أنظمة اتصال مشفرة وبصمة صوتية منخفضة تناسب مهام مكافحة الغواصات.

واختتم الروداني تحليله بالقول إن هذه القدرات تعزز دور المغرب في: تقوية المراقبة البحرية المشتركة في غرب المتوسط والمحيط الأطلسي، ودعم الإنذار المبكر ضد الإرهاب والتهديدات الهجينة، وكذا تعزيز الردع البحري، وتطوير التنسيق الاستخباراتي في الساحل وجنوب الصحراء، مع المساهمة في أمن الطاقة عبر تأمين ممرات الغاز والنفط؛ وهو ما جعله، حسب الخبير، جزءا أساسيا من شبكة الدفاع الأمامي للناتو.

مخاطر مشتركة وتعاون متصاعد

من جهته، أبرز عبد الرحمان مكاوي، الخبير العسكري، أن لهذه المناورات سياقا أمنيا حساسا، قائلا: “المناورات العسكرية المغربية الإسبانية تأتي في سياق تعاون الاستراتيجي لحماية غرب البحر الأبيض المتوسط، وخاصة مضيق جبل طارق الذي تمر عبره أكثر من 40 في المائة من التجارة الدولية وخاصة الطاقة”.

وقال مكاوي، ضمن تصريح لهسبريس، إن “هذه المناورات بناء على معلومات استخباراتية، الآن سواء الجماعات الإرهابية أو التنظيمات الجريمة العابرة للحدود والقارات، توظف وسائل تكنولوجية متطورة: مسيرات، وزوارق مسيرة وكذلك حتى الطائرات المختلفة”.

وأضاف الخبير العسكري موضحا طبيعة التهديدات: “المناورات تأتي لبناء أولا على معلومات استخباراتية عسكرية تقرر الجيوش المتعاونة والمتحالفة القيام بمحاكاة محاربة إما الجريمة المنظمة التي قد تهدد أمن هذه المنطقة البحرية أو بناء على تهديدات أو مخاطر توصلت بها قيادات الجيش الإسباني والمغربي، الجيش الملكي المغربي؛ فمحاكاة هذه التهديدات وهذه المخاطر إضافة إلى الهجرة السرية التي أصبحت الآن مصدر أساسي لدخل المافيا في أوروبا وخاصة المافيا الإسبانية”.

كما شرح مكاوي البعد التقني لهذه التمارين: “فهذه المناورات كذلك مناسبة لاستعمال أسلحة جد متطورة، خاصة تلك التي تنتمي إلى الجيل السادس حيث نرى أن إسبانيا والمغرب بدأ يهتمان بالصناعة العسكرية الذكاء الاصطناعي العسكري وقد يستعمل في هذه التمارين العسكرية المشتركة؛ نظرا لكون السلاح الجديد، خاصة في الطيران أصبح محوريا وأساسيا للتفوق، سواء على الجماعات الإرهابية أو جماعات الجريمة المنظمة التي تتطور بتطور التكنولوجيا”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا