آخر الأخبار

إجراء الفحص النفسي ضرورة للوقاية من أزمات مستقبلية في العلاقة الزوجية

شارك

تُعد العلاقة الزوجية من أعمق الروابط الإنسانية وأكثرها حساسية، إذ تتأثر بعوامل متعددة تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية. وقد أصبح المختصون في علم النفس يؤكدون الدور المتزايد للاضطرابات النفسية في تهديد استقرار الحياة الزوجية، خصوصا عندما تُهمل أو يُساء فهمها، فتتحول إلى مصدر توتر دائم يفقد معه الطرفان القدرة على التواصل والتوازن العاطفي.

وفي هذا الإطار، يرى أخصاصيون في الصحة النفسية أن كثيرا من حالات الطلاق لا تنجم عن خلافات سطحية كما يُعتقد؛ بل عن اضطرابات نفسية غير معالجة تتفاقم بمرور الوقت، مشيرين إلى أن الوعي بالصحة النفسية والاعتراف بالمشاعر والتعامل المسؤول مع الصعوبات يشكلون أساسا لحماية العلاقة الزوجية وتعزيز التفاهم والتماسك بين الزوجين.

مشاكل تهدد الزواج

إبراهيم الحسناوي، اختصاصي نفسي ومعالج إكلينيكي، قال إن “الطلاق ظاهرة معقدة لا يمكن اختزال أسبابها في سبب واحد”، مضيفا أن “التجربة المهنية تُظهر أن الاضطرابات النفسية تحتل مكانا مركزيا في تفكك العلاقات الزوجية، خصوصا عندما تغيب المعرفة والعلاج؛ فيصبح الزواج معرضا فعليا للانهيار”.

وأوضح الحسناوي، في تصريح لهسبريس، أن “الزواج مؤسسة إنسانية قائمة على الثقة والتواصل؛ غير أن دخول المرض النفسي إلى الحياة المشتركة يجعل هذا الأساس يتآكل تدريجيا، إذ يشعر الشريك السليم بالارتباك، بينما يعيش الشريك المريض شعورا عميقا بالذنب والعجز، ما يحول العلاقة إلى صراع يومي ينهك الطرفين”.

وأشار الاختصاصي النفسي إلى أن “الاكتئاب ليس حزنا عابرا، بل مرض يغير كيمياء الدماغ، وهو يجعل المصاب غائبا نفسيا عن شريكه، فتتلاشى الحميمية ويزداد الفتور، بينما يشعر الطرف الآخر بالرفض؛ في حين يغرق المكتئب في دوامة من الذنب والعجز، مما يضع العلاقة داخل دائرة مغلقة من الألم والإجهاد”.

العلاج السلوكي

وأكد الحسناوي أن “الوقاية تبدأ بالتثقيف النفسي الصريح قبل الزواج، ومناقشة التاريخ العائلي للاضطرابات النفسية، إلى جانب نمط حياة صحي”، مشددا على أن “العلاج يجمع بين الدواء والعلاج السلوكي، والعلاج الزوجي ضروري لفهم أن سلوك المريض ليس رفضا شخصيا، بل عرض من أعراض المرض”.

وفي حديثه عن الاضطراب ثنائي القطب، أوضح إبراهيم الحسناوي أن “المريض يعيش تقلبات حادة بين نوبات الهوس والانهيار، مما يرهق الشريك نفسيا وماليا”، مؤكدا أن “التشخيص المبكر والالتزام الدقيق بالأدوية أساسيان للوقاية، والتعرف على علامات بداية النوبة قبل تفاقمها يساعد على حماية العلاقة واستعادة الثقة”.

وأضاف المعالج الإكلينيكي أن “اضطرابات القلق تجعل الشخص يبحث عن طمأنينة مستمرة تفوق قدرة الشريك على التحمل، ما يؤدي إلى اختناق الطرف السليم وانسحابه؛ بينما يفسر الشخص القَلِق ذلك كدليل على الهجر”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “العلاج السلوكي المعرفي والأدوية والعلاج الزوجي تمكن من وضع حدود صحية تُنقذ العلاقة من الاستنزاف المتواصل”.

فحص نفسي قبل الزواج

أوضح الحسناوي أن “اضطرابات الشخصية، وعلى رأسها الحدية والنرجسية، تخلق علاقات معقدة لأن الشخص يعيش أنماطا ثابتة من التفكير والانفعال؛ مما يجعل الشريك في حالة إنهاك دائم”.

وأكد المتحدث ذاته أن “الفحص النفسي قبل الزواج خطوة ضرورية، وأن العلاج يساعد في تعلم ضبط العاطفة، وبناء حدود واقعية تحمي الطرفين”.

وتحدث الأخصائي النفسي عن “أثر الصدمات النفسية والإدمان”، مشيرا إلى أن “المصاب بالصدمة يعيش حالة استعداد دائم للخطر ويتجنب القرب العاطفي والجسدي؛ بينما يدمر الإدمان الثقة بسبب الكذب والسلوك غير المتنبأ به”، موضحا أن “العلاج الشامل والدعم الأسري وبرامج التأهيل ضرورية لإعادة بناء الأمان والاستقرار”.

وختم الحسناوي تصريحه بالتأكيد على أن “الاضطرابات النفسية ليست نهاية الزواج بالضرورة، إذ إن مجموعة من الحالات استعادت توازنها بفضل الاعتراف بالمشكلة والالتزام بالعلاج”، مبرزا أن “الزواج يصبح أقوى عندما يقف الشريكان جنبا إلى جنب، بدل الوقوف في مواجهة بعضهما”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا