شهد السوق الدوائي المغربي، خلال الأيام الأخيرة، حدثا بارزا تمثل في الإطلاق الرسمي لدواء “أوزمبيك” من لدن مختبرات “نوفو نورديسك”؛ وهو دواء مخصص أساسا لعلاج مرضى السكري من النوع الثاني، لما له من فعالية في تنظيم مستويات السكر في الدم وتحسين الاستجابة للأنسولين.
غير أن دخول الدواء إلى الصيدليات المغربية أعاد إلى الواجهة النقاش العالمي والمحلي حول سوء استخدامه لأغراض التخسيس السريع من لدن أشخاص لا يعانون من داء السكري؛ ما دفع مختصين وأطباء إلى دق ناقوس الخطر بسبب مخاطره الصحية الجدية.
على غرار ما وقع في الولايات المتحدة وأوروبا، بدأ “أوزمبيك” يكتسب شعبية وسط بعض الراغبين في إنقاص الوزن بسرعة، خاصة مع انتشار محتوى يُروَّج له على منصات التواصل الاجتماعي، دون اعتبار لاختصاصه الأصلي ودون استشارة طبية.
وفي هذا الصدد، حذر الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات الصحية، بشدة من هذا الاستخدام غير المراقب، مبرزا أن الدواء ليس آمنا لمن لا يحتاجه طبيا ويجب عدم التعامل معه كوسيلة تجميلية.
وقال حمضي، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الآثار الجانبية الممكنة لأوزمبيك هي القيء والإسهال والإمساك والتهاب البنكرياس وهو إصابة خطيرة، وإصابة الكلى وإصابة العين والحصى في المرارة، وربما أورام أو سرطان في الغدة الدرقية… إضافة إلى الصداع والإرهاق وفقدان الشهية وهبوط السكر في الدم، وهي مضاعفات قد تكون خطيرة”.
وأكد الطبيب والباحث في السياسات الصحية أن هذه المخاطر تبقى أقل من فوائده حين يتعلق الأمر بمريض سكري يحتاج الدواء فعلا؛ لكن حين يستعمله شخص غير مصاب، فإن ميزان المخاطر يصبح “غير قابل للتحمل”.
وأضاف حمضي: “”أوزمبيك” موجه لعلاج السكري، وليس لإنقاص الوزن. والدواء المخصص للوزن هو نظيره بجرعات مختلفة. استعمال أوزمبيك من لدن أشخاص لديهم فقط 5 أو 6 كيلوغرامات زائدة يشكل خطرا كبيرا، خصوصا أن كثيرين لا يرون إلا نتائج النزول السريع في الوزن دون معرفة الحالات التي أصيبت بأمراض خطيرة بسبب سوء الاستعمال”.
من جهتها، شددت أسماء زريول، المتخصصة في التغذية، على أن “أوزمبيك” ليس “عصا سحرية”، وأنه لا يمكن استعماله بمعزل عن نظام غذائي دقيق ومراقبة طبية مستمرة.
وأبرزت زريول، ضمن تصريح لهسبريس، أن “”أوزمبيك” يساعد على التحكم في نسبة السكر لدى مرضى السكري من النوع الثاني؛ لكن الخطأ هو الاعتقاد بأن استعماله يغني عن الحمية أو الرياضة. هذا غير صحيح، فالدواء يُعطى في حالات محددة فقط، ويحتاج دائما إلى نظام غذائي مواكب.
وشرحت أستاذة التعليم العالي المتخصصة في التغذية أن الدواء يبطئ عملية الهضم؛ ما يجعل بعض المستخدمين يعانون من الغثيان والدوخة وثقل المعدة، وفقدان وزن كبير قد يشمل فقدان الكتلة العضلية أيضا؛ ما يستوجب تتبعا غذائيا دقيقا.
وأضافت المتحدثة عينها: “إذا لم تتم متابعة المريض غذائيا، فهو معرض لمضاعفات مهمة. وحتى مع الأدوية، يبقى النظام الغذائي المناسب هو الأساس في علاج السكري أو في إنقاص الوزن”.
مع دخول “أوزمبيك” رسميا إلى المغرب، يبدو أن التحدي الأكبر ليس فقط ضمان توفره لمرضى السكري الذين يحتاجونه؛ بل منع استعماله العشوائي الذي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خصوصا وسط فئات غير مريضة تنجذب إلى إعلانات سريعة على الشبكات الاجتماعية.
كما يحذر متخصصون من أن الإقبال غير المبرر على الدواء قد يؤدي إلى نقصه في الصيدليات، كما حدث في دول عديدة؛ مما يحرم المرضى الحقيقيين من علاج حيوي.
المصدر:
هسبريس