مستهدفا “تعزيز تشغيل الشباب المغربي عبر التكوين والتدرّج المهني” عبر توقيع اتفاقيتَين تنفيذيتين تهدفان إلى تطوير التكوين بالتدرج في قطاعي الفلاحة والصيد البحري للفترة 2025–2030، يتواصل تنفيذ البرنامج الحكومي “تدرّج”، المخصّص لتعميم نمط “التكوين بالتدرج”؛ وذلك في أعقاب اتفاقيات سابقة مع قطاعات حكومية، أكتوبر المنصرم.
وشهدت رحاب معهد الأمير سيدي محمد للتقنيين المتخصصين في التسيير والتسويق الفلاحي بإقليم المحمدية، الثلاثاء 4 نونبر الجاري، المرحلة الجديدة؛ “في إطار الدينامية الوطنية لتنزيل خارطة طريق التشغيل”، ولا سيما المبادرة الرامية إلى توسيع التكوين عن طريق التدرّب ليشمل مجموع القطاعات الإنتاجية المحركة للاقتصاد المغربي.
وحسب ما تابعته جريدة هسبريس، ترأس حفل التوقيع، مساء الثلاثاء، كل من أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ويونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، وزكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، في “محطة أساسية تُفعّل الرؤية الملكية السامية لتأهيل وتشغيل الشباب بالمجالات القروية والساحلية”، وفق بلاغ مشترك صدر عن القطاعات الحكومية الثلاثة.
الفعالية ذاتها أشركت مسؤولين مؤسساتيين وممثلي القطاعيْن، إلى جانب منتخبين ومهنيين وشركاء جهويين، في تجسيد للانخراط الجماعي في جعل التكوين بالتدرج المهني رافعة استراتيجية لتأهيل الشباب وإدماجهم في سوق الشغل.
وفق القطاعات الثلاثة، فإن “هذه المبادرة تأتي تنفيذا للتوجيهات السامية للملك محمد السادس، التي جعلت من الشباب والتكوين والتشغيل في صلب النموذج التنموي الاقتصادي والاجتماعي للمملكة. كما تعكس الإرادة الحكومية في تعزيز إدماج الشباب وتثمين الرأسمال البشري بالمناطق القروية والساحلية، في إطار خارطة الطريق الحكومية للتشغيل، عبر تعميم التكوين بالتدرّج على مختلف القطاعات”، خاصة في أعقاب التوجيهات الملكية الواضحة لتسريع ذلك، والمتضمنة في خطاب افتتاح البرلمان (دورة أكتوبر 2025).
“برنامج “تدرج” يستهدف “تأهيل الشباب وإدماجهم في سوق الشغل من خلال نمط تكوين يجمع بين الدراسة النظرية والممارسة الميدانية بنسبة 20 في المائة داخل مراكز التكوين وبنسبة 80 في المائة داخل المقاولات أو الضيعات الفلاحية”، حسبما شرحه يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في تصريح إعلامي.
ويطمح البرنامج إلى تكوين 15 ألف متدرّب سنويا في القطاع الفلاحي خلال الفترة 2025-2030، وبالنسبة لقطاع الصيد البحري: 1600 متدرب في السنة الأولى و2000 متدرّب سنويا في الفترة 2026–2030.
أوضح السكوري أن “الهدف من البرنامج هو تكوين نحو 17 ألف متدرب ومتدربة؛ منهم 15 ألفا في قطاع الفلاحة، و3 آلاف في قطاع الصيد البحري، في أزيد من 80 تخصصا مهنيا، تتوزع بين المهن البحرية والفلاحية”.
وأشار الوزير، ضمن تصريح بالمناسبة، إلى أن “البرنامج يستهدف فئة غير الحاصلين على الشهادات، لتمكينهم من اكتساب الخبرة والمهارة المهنية عبر تكوين تطبيقي يجمع بين الدراسة والعمل الميداني”.
وأوضح أن “80 في المائة من فترات التكوين تتم داخل المقاولات أو الضيعات الفلاحية؛ وهو ما يتيح للمستفيدين التعلّم في بيئة الإنتاج الحقيقية”، مؤكدا أن هذا النمط من التكوين المهني بالتدرج يُمكّن الشباب من “تحقيق دخل أثناء فترة التكوين، إذ يُعوَّضون عن التنقل والإطعام”.
وقال: “استحضرْنا هذه التكاليف لكونها عبئا ماديا كبيرا على المتدربين، خصوصا خلال فترات التكوين الطويلة التي تمتد إلى أحد عشر شهرا.. لذلك، فالوزارة تُخصص غلافا ماليا يناهز 5 آلاف درهم لكل متدرب/متدربة لتوفير التجهيزات والوسائل الضرورية للتكوين. كما تعمل على تطوير شراكات مع الجهات والمقاولات لدعم المتدربين بمنح إضافية وتسهيلات مادية”.
وختم وزير الإدماج الاقتصادي مشددا على أن “رهان نجاح هذا البرنامج هو تعبئة المقاولات والانخراط الفعّال للجهات، من أجل تمكين الشباب من فرص تكوين حقيقية تفتح أمامهم آفاق التشغيل والمقاولة الذاتية، وتعزز في الوقت نفسه الأمن الغذائي والتنمية القروية بالمغرب”.
بدوره، قال أحمد البواري، وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات، إنه “خلال السنوات الخمس المقبلة سيتم الوصول إلى حوالي 75 ألف مستفيد في القطاع الفلاحي، و10 آلاف تقريبا في قطاع الصيد البحري، واصفا بأن “هذا رقم جدّ مهم يعكس حجم الجهود المبذولة”.
وأضاف البواري، خلال تصريح إعلامي، أن “هذا التوجه يُعدّ الاستثمار الحقيقي في الشباب المغربي، باعتبارهم القوة الحية التي يعوّل عليها لدفع عجلة التنمية، وتشجيع روح المقاولة والابتكار في المجاليْن الفلاحي والبحري، بما يُسهم في تعزيز الأمن الغذائي للمملكة وضمان استدامة مواردها الطبيعية”.
من جهتها، كشفت زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، أن “التكوين سيشمل تخصصات متعددة؛ منها قيادة السفن والميكانيك البحري وصناعة الصيد وتربية الأحياء المائية، وهو مجال يشهد حاليا نقصا كبيرا”.
وأوضحت الدريوش أنه “بفضل هذه الشراكة مع المهنيين، سيتمكن المتدربون من الاندماج مباشرة في سوق العمل بعد إنهاء برنامج التكوين”.
الاتفاقيتان الموقّعتان تجسدان، وفق القطاعات الوصية، “رؤية مشتركة ومتكاملة لتزويد الشباب بكفاءات تتلاءم مع متطلبات سلاسل الإنتاج، وتعزيز قابلية تشغيلهم داخل المجالات القروية والساحلية”.
وتنصّ الاتفاقيتان على “تعبئة الموارد البشرية والمادية والبيداغوجية اللازمة من طرف قطاع الفلاحة وكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري. من جانبه، سيعبّئ قطاع التكوين المهني غلافا ماليا 375 مليون درهم لتنفيذ برنامج التكوين بالتدرّج في قطاع الفلاحة، و48 مليون درهم لفائدة قطاع الصيد البحري. وتتكفل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بعملية استقطاب واختيار المتدرّبين، والمساهمة في تعبئة المقاولات المستقبِلة، كما تواكب الخريجين لإدماجهم المهني”.
في القطاع الفلاحي، يهمّ البرنامج تطوير التكوين بالتدرّج داخل مؤسسات التكوين المهني الفلاحي، ويستهدف تكوين فلاحين شباب، وعمال مؤهلين، وتقنيين ومقاولين في مهن الإنتاج والتحويل والتثمين الفلاحي. كما يسعى إلى تعزيز المهارات التطبيقية للشباب عبر التكوين في الوسط المهني، وتشجيع إدماجهم في سلاسل القيمة النباتية والحيوانية، وإعداد جيل جديد من الفلاحين المؤهلين والمبتكرين.
أما في قطاع الصيد البحري، فيرتكز برنامج “تدرج” على تطوير التكوين بالتدرّج داخل معاهد تكنولوجيا الصيد البحري ومراكز التأهيل المهني البحري، بهدف مواكبة تحديث مهن البحر، وتكوين بحّارة وتقنيين ومشغّلين مؤهلين. ويساهم هذا التكوين في تعزيز السلامة البحرية، وجودة المنتجات وتتبعها، ودعم استدامة وتنافسية أنشطة الصيد البحري وتربية الأحياء المائية، تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية لتطوير اقتصاد أزرق مستدام.
وترتكز هذه التكوينات المؤهّلة والمُعتمدة على “هندسة بيداغوجية مجدّدة، تُدمج الرقمنة والاستدامة والمهارات الخضراء، بما يتماشى مع متطلبات سوق الشغل والأولويات الوطنية في مجال السيادة الغذائية والبحرية”؛ في حين “يعتمد البرنامج على مقاربة تشاركية تُشرك مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين، وترتكز على تحديث أساليب التكوين، وتجهيز الورشات والمزارع التطبيقية، ووضع نظام لتتبّع مؤشرات الجودة والإدماج المهني”.
يشار إلى أن “حكامة البرنامج على مستويين متكاملين: لجنة وطنية للتتبع والتنسيق والتقييم، تُشرف على القيادة العامة للبرنامج، ولجان جهوية للتتبع، تُكلّف بالتنزيل الميداني وضمان ملاءمة التكوين مع خصوصيات كل جهة”، وفق ما أعلنه بلاغ مشترك.
المصدر:
هسبريس