أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير، الثلاثاء، حكمين قضائيين متتاليين في قضيتين أثارتا جدلا واسعا داخل جامعة ابن زهر، بعدما شكلتا محور نقاش عمومي حول النزاهة البيداغوجية وحكامة التسيير الجامعي بالمؤسسات التابعة للجامعة.
ففي القضية الأولى، قضت المحكمة المذكورة بإلغاء نتائج الامتحانات النهائية للسنة الثانية بالأقسام التحضيرية للمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير برسم الموسم الجامعي 2024-2025، وذلك بعد الطعن الذي تقدم به عدد من الطلبة الذين اعتبروا أنفسهم ضحايا ما وصفوه بـ“الترسيب الجماعي”.
ولم يقتصر الحكم على إلغاء النتائج فحسب، بل تضمن غرامة تهديدية قدرها 30 ألف درهم عن كل ساعة تأخير في تنفيذ الحكم، تحتسب بعد مرور سبعة أيام من تاريخ التوصل به، مع النفاذ المعجل ضد مدير المؤسسة وهيئة الأساتذة المعنيين.
ووفق تقديرات قانونية، فإن قيمة الغرامة قد تتجاوز 72 مليون سنتيم يوميا في حال التماطل في التنفيذ، ما يجعل الحكم سابقة في تاريخ النزاعات الجامعية بالمغرب.
ويأتي هذا الحكم القضائي بعد سلسلة احتجاجات طلابية متصاعدة شهدتها المؤسسة خلال الأشهر الماضية، بدعم من هيئات نقابية وحقوقية، إثر إعلان نتائج وصفت بـ“الصادمة”، شملت ترسيب 124 طالبا دفعة واحدة، وتأخر إعلانها لأكثر من شهر، وهو ما اعتبره البعض “خلل تربوي يهدد مصداقية التكوين الهندسي العمومي”.
وألزمت المحكمة إدارة المؤسسة بإعادة المداولات وفق المعايير البيداغوجية العادلة، وضمان تكافؤ الفرص بين الطلبة، مع الدعوة إلى فتح تحقيق أكاديمي وإداري شفاف لتحديد المسؤوليات في هذا الخلل الذي هز صورة إحدى أبرز مؤسسات التكوين التقني بالمغرب.
وفي قضية أخرى موازية، قضت ذات المحكمة، علنيا وابتدائيا وحضوريا، في ملف أثار هو الآخر ضجة داخل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول التابعة بدورها لجامعة ابن زهر، بالحكم على الأستاذ “ن.ا” بتسليم أوراق امتحان وحدة “الاستراتيجية الرقمية وتدبير الابتكار في الرياضة” إلى عمادة الكلية، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 10 آلاف درهم عن كل يوم تأخير، مع تحميله الصائر وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وصدر هذا الحكم، بعد سلسلة جلسات مرافعة وتأمل امتدت على مدى أسابيع، ليشكل القرار سابقة قضائية داخل جامعة ابن زهر، بين أحد الأساتذة وإدارة الكلية حول صلاحيات تسليم أوراق الامتحان.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى يوليوز الماضي، حين أعلنت الكلية نتائج الوحدة المذكورة ضمن ماستر “التميز في اقتصاد وتدبير الرياضة”، والتي خلفت موجة استياء واسعة بعدما حصل أزيد من 120 طالبا على معدلات تراوحت بين 0 و0.25 على 20، باستثناء طالبة واحدة نالت 14/20.
هذا الوضع دفع عددا من الطلبة إلى الاحتجاج والمطالبة بالاطلاع على أوراقهم الامتحانية، متهمين الأستاذ المعني بعدم احترام معايير التصحيح.
وأكدت مصادر من الكلية آنذاك لجريدة العمق المغربي، أن العمادة وجهت مراسلة رسمية إلى الأستاذ لتسليم الأوراق قصد عرضها على لجنة التتبع البيداغوجي، غير أنه رفض ذلك، ما أدى إلى تأجيل الامتحان الاستدراكي إلى أجل غير مسمى.
عميد الكلية رحيم الطور، استقبل حينها عددا من الطلبة المتضررين، مؤكدا لهم أن حقهم في الاطلاع على أوراقهم مكفول قانونا، لكنه مشروط بتسلمها رسميا من الأستاذ المعني، حفاظا على مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص، .
في المقابل، نفى الأستاذ “ن.ا”، في تصريح سابق لجريدة “العمق المغربي”، كل الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن تسليم أوراق الامتحانات “شأن أكاديمي بحت” يخضع لمقتضيات قانونية محددة، وليست من اختصاص الإدارة.
واستند “ن،ا” إلى المادة الرابعة من المرسوم رقم 2.23.545 المتعلق بالنظام الأساسي للأساتذة الباحثين، التي تنص على أن من مهام الأستاذ تقييم المعارف والمشاركة في المداولات، مؤكداً أن تدخل الإدارة في هذه العملية “يمس بصلاحيات الأستاذ وسلطته التقديرية في التصحيح”.
المصدر:
العمق