أطلقت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، اليوم الاثنين، البرنامج الوطني “تدرّج” الخاص بالتكوين بالتدرج المهني، الموجّه لقطاع الصناعة التقليدية، في حفل رسمي شهد توقيع 16 اتفاقية شراكة بين وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني؛ وذلك بهدف تنفيذ برنامج تنمية التكوين بالتدرج المهني 2025-2030.
ويأتي هذا البرنامج، الذي أعطى انطلاقته كل من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات ووزير الصناعة التقليدية، كترجمة فعلية لخارطة الطريق الحكومية في مجال التشغيل، الهادفة إلى إدماج الشباب، لاسيما غير الحاصلين على شهادات، في سوق الشغل عبر التكوين التطبيقي والميداني داخل الورشات والحرف التقليدية.
ويأتي هذا البرنامج الطموح في إطار خارطة الطريق الحكومية للتشغيل في أفق 2030، ويُعدّ أحد الأوراش الاستراتيجية الرامية إلى تمكين الشباب من ولوج سوق الشغل عبر التكوين العملي والنظري في المهن الحرفية، مع تخصيص ميزانية إجمالية تناهز 800 مليون درهم برسم سنتي 2025-2026.
كما عرف الحفل توقيع 16 اتفاقية شراكة لإنجاز برنامج تنمية التكوين بالتدرج المهني 2025-2030؛ منها 12 اتفاقية مع غرف الصناعة التقليدية، و4 اتفاقيات مع جمعيات لمراكز التكوين والتأهيل في الحرف التقليدية.
وأكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، أن التدرج المهني يشكل أحد الحلول الناجعة لمعالجة معضلة البطالة في صفوف فئة واسعة من الشباب الذين لا يتوفرون على شهادات أكاديمية.
وأوضح السكوري، في كلمته، أن “ثلثي العاطلين بالمغرب، أي حوالي 900 ألف شخص، لا يتوفرون على شهادات؛ وهي فئة تفتقر إلى برامج كافية تستهدفها بشكل مباشر”.
وأضاف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات أن عدد المستفيدين من التدرج المهني حاليا لا يتجاوز 25 ألف شخص في جميع القطاعات، مما يجعل توسيع هذا النظام أولوية وطنية.
وأفاد المسؤول الحكومي بأن التدرج المهني يقوم على مزاوجة بين التكوين التطبيقي والنظري، حيث “يقضي المتدرج 80 في المائة من وقته في التكوين التطبيقي لدى الصانع التقليدي، و20 في المائة في التكوين النظري داخل مؤسسات التكوين”، لافتا إلى أن هذا النموذج يتيح فرصا حقيقية لاكتساب مهارات عملية وإدماج فئات محدودة التعليم في سوق العمل.
وتابع السكوري أن الحكومة تستهدف من خلال هذا البرنامج بلوغ 100 ألف متدرج في السنوات القادمة، مشددا على أن “تعميم التدرج المهني من أبرز الإجراءات المدرجة ضمن السياسة الحكومية في مجال التشغيل”.
وتابع الوزير موضحا: “لقد أحصينا أكثر من 200 مهنة خاضعة للتدرج المهني؛ من بينها حوالي 80 مهنة في قطاع الصناعة التقليدية، وهو ما يعكس تنوع الفرص التي يمكن أن يستفيد منها الشباب. هذا الورش ليس مجرد مشروع تقني، بل هو ورش اجتماعي وتنموي بامتياز، يُترجم الإرادة الملكية في إتاحة الفرص المتكافئة وتمكين الشباب”.
من جهته، عبّر لحسن السعدي، الوزير المنتدب المكلف بالصناعة التقليدية، عن اعتزازه بإطلاق هذا البرنامج الذي وصفه بأنه “ثمرة تنسيق وتعاون مؤسساتي بين قطاعي التشغيل والصناعة التقليدية، بعد أشهر من العمل والتشاور مع مختلف الفاعلين”.
وقال الوزير المنتدب المكلف بالصناعة التقليدية في كلمته: “اليوم نُحقّق هدفا نبيلا تم التأسيس له عبر نقاش عميق مع السيد يونس السكوري وفريقه، من أجل تطوير عرض التكوين بالتدرج ليكون في مستوى تطلعات الشباب المغربي، ومتوافقا مع خريطة التشغيل الجديدة التي وضعتها الحكومة”.
وأشار السعدي إلى أن البرنامج يأتي استجابة لحاجات ملحّة لسوق الشغل، حيث تعرف البلاد طلبا متزايدا على يد عاملة مؤهلة في مجالات البناء والصناعة والخدمات الحرفية، خاصة في ظل الأوراش الكبرى التي تشهدها المملكة استعدادا لتنظيم كأس العالم 2030.
وأوضح المسؤول الحكومي أن قطاع الصناعة التقليدية “ليس فقط إرثا ثقافيا بل ركيزة اقتصادية واجتماعية”، مشيرا إلى أن التدرج المهني سيساهم في الحفاظ على المهن المهددة بالانقراض عبر تكوين جيل جديد من الحرفيين، مؤكدا أن “البرنامج سيُمكّن من إخراج آلاف الشباب إلى سوق العمل، سواء كأجراء أو كأصحاب ورشات ومقاولات صغيرة”.
وأضاف السعدي: “هذا المشروع يعكس رؤية ملكية واضحة لتمكين الشباب المغربي من فرص النجاح، وهو ورش سيُدار بشفافية ومصداقية، بفضل انخراط كل الفاعلين من وزارات وغرف مهنية ومراكز تكوين، حتى يكون الأثر ملموسا على أرض الواقع”.
بدوره، قال الشكاف سيداتي، رئيس جامعة غرف الصناعة التقليدية، إن هذا البرنامج يشكل “منعطفا استراتيجيا في مسار النهوض بقطاع الصناعة التقليدية، وتعزيز التشغيل الذاتي والمهيكل”، لافتا إلى أن “التكوين بالتدرج المهني يعكس إرادة الدولة في تحقيق التنمية المندمجة والمستدامة التي يكون فيها التشغيل حجر الزاوية للكرامة والمواطنة الكاملة”.
وأكد الشكاف أن الصناعة التقليدية ليست مجرد نشاط اقتصادي؛ بل “ذاكرة وطن وهوية حضارية”، وأن دعمها عبر برامج التكوين هو “حفاظ على تراث الأجداد ونقل الخبرة إلى الأجيال الجديدة”.
ويُنتظر أن يسهم برنامج “تدرّج” في تمكين آلاف الشباب، خاصة في المناطق القروية وشبه الحضرية، من اكتساب مهارات مهنية حقيقية تُمكّنهم من الولوج إلى سوق الشغل، سواء في إطار التشغيل الذاتي أو عبر الاندماج في المقاولات. كما يُعوّل على هذا الورش في إعادة الاعتبار لمكانة التكوين المهني، وتثمين المهن اليدوية والحرفية التي تشكل رافعة أساسية للتنمية المحلية وخلق القيمة المضافة، في انسجام مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تعزيز فرص العمل اللائق وتحقيق العدالة المجالية.
المصدر:
هسبريس