يشهد المستشفى الإقليمي بمديونة وضعا مقلقا في قسم المستعجلات، حيث تحولت هذه المصلحة، التي من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول لإنقاذ الأرواح، إلى مصدر معاناة يومية للمواطنين، في ظل غياب أبسط مقومات العمل الطبي العاجل.
فحسب شهادات عدد من المرتفقين، فإن مستعجلات مستشفى مديونة تفتقر إلى التجهيزات الضرورية، والتنظيم الداخلي الفعال، وسرعة الاستجابة للحالات الحرجة، مما يجعل حياة المرضى في خطر حقيقي.
“اللي كيمشي للمستعجلات كايغامر بحياتو”، بهذه العبارة المؤلمة يلخص أحد المواطنين معاناة ساكنة الإقليم مع هذا المرفق الحيوي، الذي لا يتوفر على الحد الأدنى من مقومات الخدمة الصحية.
والأخطر من ذلك، أن القسم المذكور يشتغل في الغالب بطبيبة واحدة خلال فترات المداومة، رغم أن المستشفى يغطي خمس جماعات ترابية كاملة ضمن إقليم مديونة.
وشدد العديد من الفاعلين على أن هذا الوضع يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى قدرة هذا الطاقم المحدود على تلبية حاجيات ساكنة تفوق عشرات الآلاف من المواطنين.
وإذا كانت قلة الأطر الطبية مشكلا قائما، فإن غياب سيارة الإسعاف الخاصة بالمستشفى يزيد من تعقيد المأساة، إذ غالبا ما يجد الأطباء أنفسهم مضطرين لتحويل الحالات الحرجة نحو المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، لكن من دون وسيلة نقل طبية.
وهنا تبدأ معاناة جديدة للمواطن البسيط الذي يُطلب منه تأمين سيارة إسعاف خاصة بمبلغ قد يتجاوز 400 درهم، وهو مبلغ يستحيل على كثير من الأسر الهشة توفيره في لحظة طارئة.
هذا الواقع المرير يكشف عن اختلالات عميقة في تدبير قطاع الصحة بالإقليم، ويؤكد الحاجة الملحة إلى تدخل عاجل من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والمندوبية الإقليمية، ومجلس جهة الدار البيضاء-سطات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل وقوع كوارث لا تحمد عقباها.
فالأرواح ليست مجالا للتجارب، والمواطن المغربي من حقه أن يعالج في ظروف إنسانية تحفظ كرامته، وتضمن له الحد الأدنى من الخدمات الصحية اللائقة.
إن الوضع الحالي بمستشفى مديونة لم يعد يحتمل الانتظار، وآن الأوان لوقفة جادة ومسؤولة، لأن صحة الناس ليست ترفا بل حق أساسي لا يقبل المساومة.
ووصف حسن التمامي، عضو التنسيقية الخاصة بساكنة إقليم مديونة المكلفة بالترافع عن القطاع الصحي، الوضع بالمستشفى الإقليمي للإقليم بـ”الكارثي”، مؤكدا أن المرفق الصحي أصبح يشكل خطرا مباشرا على حياة المواطنين.
وقال التمامي في تصريح لجريدة “العمق المغربي” إن “الوضعية الحالية تتطلب تدخل السلطات المعنية بشكل عاجل، بل يجب النظر في إغلاق هذا المستشفى مؤقتا، لإنهاء سياسة بيع الوهم للمواطنين الذين يأتون طلبا للعلاج دون أن يجدوا أبسط الخدمات الطبية”.
وأوضح التمامي أن المستشفى يفتقر لأدنى مقومات العمل الطبي، مشيرا إلى أن “نقص التجهيزات والأجهزة الطبية الأساسية أصبح يهدد سلامة المرضى، ولا سيما في حالات الطوارئ، ما ينذر بوقوع أزمة صحية غير مسبوقة داخل الإقليم”.
وأضاف أن “الخصاص في الأطر الطبية أصبح هائلا، ولا يوجد عدد كاف من الأطباء والممرضين لتغطية احتياجات المرضى، وهو ما يفاقم معاناة المواطنين ويعرض حياتهم للخطر”.
وأبرز المتحدث أن “حتى الطبيب المتخصص الذي من المفترض أن يقوم بقراءة تقارير الأشعة السينية (السكانير) غير متواجد بانتظام داخل المستشفى، حيث يتم في غالبية الحالات إرسال النتائج عن طريق تطبيق الواتساب”، وهو ما يعكس ضعف التنظيم وعدم احترام المعايير الطبية الأساسية في التعامل مع الحالات الحرجة.
المصدر:
العمق