آخر الأخبار

رئيس النيابة العامة يدعو إلى تسريع أبحاث قضايا الفساد وتشديد العقوبات

شارك

ترأس هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم الإثنين، الجلسة الافتتاحية للدورات التكوينية المتخصصة في الجرائم المالية، المنظمة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بحضور ممثلين عن المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي.

ويتضمن البرنامج التكويني المُفتتَح ثلاث حلقاتٍ تمتد على مدى ثلاثة أشهر (أكتوبر، نونبر ودجنبر)، ويستهدف قضاة الحكم والقضاة العاملين بأقسام الجرائم المالية، إلى جانب قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية.

وخلال كلمته الافتتاحية بمقر رئاسة النيابة العامة بالرباط أكد هشام بلاوي أن “مهمة حماية المال العام تُعتبر من المهام الجسيمة التي تتطلب اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات، سواء التشريعية منها أو القضائية، التي تهدف بالأساس إلى صون حقوق المجتمع وتخليق الحياة العامة من خلال ترسيخ قيم النزاهة والشفافية وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات العمومية”.

وأوضح بلاوي أن “الجرائم التي تمس المال العام لا تقتصر آثارها على الخسائر المادية المحضة فحسب، بل تتجاوزها إلى أبعد من ذلك، إذ تمتد لتقوّض أسس التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي”، مبرزًا أن “مهمة حماية المال العام صعبة، لكنها جوهر العدالة التي نحن جميعًا مؤتمنون عليها في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده”.

وحثّ المتحدث ذاته بالمناسبة قضاةَ النيابة العامة على “مواصلة جهودهم في مكافحة الفساد بما يتناسب وأولويات السياسة الجنائية، مع العمل على تسريع وتيرة إنجاز الأبحاث والمساهمة في تجهيز الملفات المعروضة على القضاء، وتفعيل إجراءات البحث الخاصة، والتماس الحكم بعقوبات تحقق الردع العام والخاص”.

مصدر الصورة

تكوين مستمر

يأتي إطلاق البرنامج التخصصي لفائدة القضاة وضباط الشرطة القضائية، وفق المسؤول ذاته، “قصد تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم، إيمانًا منا بأن التكوين المستمر والتخصصي هو خيار إستراتيجي وحتمي ينبغي التمسّك به وإعطاؤه الأولوية من أجل مواكبة المستجدات القانونية والواقعية ذات الصلة بالموضوع، وتمكين أجهزة العدالة الجنائية من الكفايات اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الإجرام ومواجهته والتصدي له، خاصة أمام تطور وتعقيد آليات وأساليب عمليات اختلاس وتبديد الأموال العامة، وما يستتبع ذلك من جرائم أخرى أكثر خطورة، ولاسيما ما يرتبط بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

كما يأتي البرنامج “بعد عملية تشخيص دقيقة لواقع العمل بأقسام الجرائم المالية، وبعد الاطلاع على كيفية تدبير الأبحاث القضائية، والوقوف على مجموعة من الإشكالات والصعوبات الفنية والتقنية لدى الفاعلين والمكلفين بالدراسة والبحث والبت في هذا النوع من القضايا، إذ اتضح أن الحاجة أصبحت ملحّة لتعزيز قدرات السادة القضاة وضباط الشرطة القضائية، والتركيز بشكل أساسي على محاور تقنية تشكل جوهر عملهم في مكافحة الجرائم المالية”، وفق المصدر ذاته.

وذكّر رئيس النيابة العامة بأن آخر تكوين تخصصي استفاد منه المعنيون “كان سنة 2020، أي منذ أكثر من خمس سنوات، وهي مدة طويلة بالنظر إلى الدينامية والحركية الطبيعية التي تعرفها وضعياتهم المهنية؛ ما يؤدي حتمًا إلى تكليف قضاة وضباط جدد بمهام أخرى”، وزاد: “يجعل ذلك من واجبنا الحرص على تمكينهم من التكوين والتأطير اللازمين حتى يتسنى لهم تجديد معارفهم القانونية والعلمية، والاطلاع على آخر المستجدات في مجال مكافحة الجرائم المالية وتعزيز الشفافية وحماية المال العام”.

في سياق ذي صلة بيّن المسؤول ذاته أن البرنامج المذكور يهتدي بـ”التوجيهات الملكية السامية التي ما فتئ جلالة الملك نصره الله يؤكد من خلالها على الاهتمام الجيد بالتكوين، وعبّر عنها في العديد من خطاباته السامية، من بينها خطاب جلالته بمناسبة افتتاح السنة القضائية بتاريخ 29 يناير 2003 بمدينة أكادير، الذي جاء فيه: ‘إن تأهيل العدالة رهين بالتكوين الجيد للقضاة…'”.

وموازاة مع إعلانه الاستعداد لإعداد برنامج تكويني آخر خاص بسنة 2026 أبرز بلاوي الحرص على “ألاّ يقتصر هذا التكوين على القضاة العاملين بأقسام الجرائم المالية فقط، بل تم تعميمه ليشمل كافة محاكم المملكة، من خلال اعتماد تقنية التناظر المرئي عن بُعد، إذ يتابعنا في هذه الأثناء مجموعة من قضاة الحكم والنيابة العامة من مختلف محاكم المملكة، وهي آلية من شأنها توسيع دائرة الاستفادة وتكريس مبدأ نقل الكفاءات بما ينسجم مع الدينامية المتجددة للوضعية المهنية للسادة القضاة”.

مصدر الصورة

تطوير المهارات

قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أيضًا إن “رئاسة النيابة العامة، وعيًا منها بأهمية التكوين التخصصي والمستمر، تضع على عاتقها مسؤولية دعم كل المبادرات الرامية إلى تعزيز قدرات السادة القضاة وضباط الشرطة القضائية لتجاوز كافة الصعوبات والإشكالات التي تعترض عملهم في مواجهة هذا النوع من الإجرام الخطير؛ فالتكوين المستمر يُعتبر منهجًا لا غنى عنه لتعزيز دقة البحث والتحقيق والبت في القضايا، إذ تتطلب جرائم الأموال من أجهزة العدالة الجنائية فهمًا عميقًا للأنظمة المالية والمحاسبية، وقدرة على تحليل البيانات المالية المعقدة، وإتقانًا لتقنيات التتبع الرقمي لهذه التحويلات وكشف الأشخاص المتورطين”.

وأكد المتحدث أن “هذه المهارات لا يمكن أن تتقوّى إلا من خلال تكوين تقني عميق ومستمر، كما تتطلب من أجهزة العدالة الجنائية التعامل يوميًا مع ملفات وقضايا مالية غاية في التعقيد، ما يفرض عليهم الإلمام بمجموعة من الأدوات المعرفية والتقنية التي تمكنهم من تحليل وتفكيك شبكات الفساد المالي، وفهم آليات التمويه التي قد تُستعمل في ارتكابها، وتقدير حجم الأضرار التي تلحق المال العام”.

واعتبر المسؤول المذكور أن “تنظيم مثل هذه الدورات التكوينية يخلق لغة مشتركة وتعاونًا بنّاءً بين جميع الفاعلين في مجال مكافحة الجرائم المالية، من قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق والحكم وضباط الشرطة القضائية؛ وهي فرصة نؤكد من خلالها أن هذا التعاون هو الغاية المنشودة لما يحققه من نتائج مهمة وينعكس بشكل إيجابي على جودة الأبحاث، ويساهم في فهم الإشكالات التقنية المرتبطة بها وتحليل الشبكات المعقدة من الأرقام والبيانات الناتجة عنها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا