آخر الأخبار

أزمة الماء بالمغرب تتعمق.. حقينة السدود عند 31.8% والحكومة تراهن على التحلية والربط المائي - العمق المغربي

شارك

تعيش المملكة المغربية مرحلة دقيقة على المستوى المائي، بعد أن كشفت أحدث المعطيات الرسمية عن استمرار تراجع مخزون السدود إلى مستويات مقلقة، تعكس استمرار أزمة الجفاف الممتدة منذ سنوات. فبحسب البيانات التي نشرتها المنصة الإخبارية “الما ديالنا”، بلغت نسبة ملء السدود الكبرى بالمغرب حتى يوم الاثنين 20 أكتوبر 2025 نحو 31.8 في المئة فقط، وهي نسبة تؤشر على وضع مائي حرج يفرض تسريع وتيرة تنفيذ البرامج الاستراتيجية لتأمين الموارد الحيوية.

هذا التراجع، الذي يمثل انخفاضا بنحو ثماني نقاط عن النسبة المسجلة في شهر ماي الماضي (40 في المئة)، يعمق المخاوف بشأن قدرة البلاد على تلبية حاجياتها من مياه الشرب والري خلال الموسم المقبل، لا سيما في الأحواض الجنوبية التي تشهد هشاشة مائية متزايدة.

جفاف استثنائي وتحديات غير مسبوقة

في عرض أمام البرلمان، أكد وزير التجهيز والماء نزار بركة أن المغرب يعيش سنة جفاف سابعة على التوالي، معتبرا أن الوضع المائي الراهن استثنائي من حيث حدته وتأثيراته. وأوضح الوزير أن التراجع الكبير في حقينة السدود يرتبط بعاملين رئيسيين: الضغط المتزايد لتلبية الطلب المتصاعد على المياه الصالحة للشرب والفلاحة، إلى جانب التبخر غير المسبوق نتيجة موجات الحرارة الشديدة التي اجتاحت البلاد خلال العام الجاري.

وأشار بركة إلى أن خسائر التبخر بلغت نحو 650 مليون متر مكعب من المياه، وهو ما يعادل سعة سد كبير، مؤكدا أن العجز المائي الوطني يقدر حاليا بحوالي 58 في المئة مقارنة بالمتوسط السنوي العادي، رغم التحسن النسبي في التساقطات المطرية خلال الموسم الماضي والتي بلغ متوسطها الوطني 142 مليمترا.

في مواجهة هذا الوضع المقلق، تواصل الحكومة تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي يشكل الإطار المرجعي لسياسة تدبير الموارد المائية في البلاد. وأبرز وزير التجهيز والماء أن الجهود الحالية تتركز على تسريع وتيرة إنجاز 14 سدا كبيرا قيد البناء، إضافة إلى مشروع طموح لبناء 155 سدا صغيرا خلال الولاية الحالية، بهدف تأمين مياه الشرب والمواشي في المناطق القروية والجبلية.

استراتيجية حكومية لمواجهة العجز

ويعد مشروع الربط المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق من أبرز المبادرات التي ساهمت في التخفيف من حدة الأزمة، إذ مكن من تحويل أكثر من 871 مليون متر مكعب من المياه بين أكتوبر 2023 وأكتوبر 2025، بما يعزز الأمن المائي لجهة الرباط سلا القنيطرة والجهات المجاورة.

كما تعمل الحكومة على توسيع الاعتماد على تحلية مياه البحر لتغطية أكثر من 60 في المئة من حاجيات المواطنين من الماء الصالح للشرب بحلول عام 2030، مع رفع عدد محطات التحلية المتنقلة لتلبية حاجيات المناطق الأكثر تضررا من الجفاف.

ورغم ضخامة الاستثمارات الموجهة إلى مشاريع البنية التحتية المائية، يقر الوزير بركة بأن نجاح السياسة المائية الوطنية يبقى رهينا بمدى انخراط المواطن في ترشيد الاستهلاك، والوعي الجماعي بخطورة الوضع. فالأزمة المائية، كما شدد الوزير، لم تعد مجرد تحد تنموي ظرفي، بل باتت قضية وجودية تستدعي تعبئة وطنية شاملة لضمان استدامة الموارد الحيوية وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.

وبينما تراهن الحكومة على حلول هيكلية طويلة الأمد، من تحلية وربط مائي وسدود جديدة، فإن الرهان الأكبر يظل على تغيير السلوك المجتمعي في التعامل مع الماء كعنصر نادر واستراتيجي، لا غنى عنه في معادلة التنمية والعيش الكريم.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا