دافعت الأغلبية البرلمانية، عن مسار إصلاح التعليم في المغرب، مؤكدة أن الخطوات المتخذة تسير في الاتجاه الصحيح وتحقق تقدما ملموسا. وشددت على أن هذا الملف لا يجب أن يخضع للاصطفافات السياسية الضيقة، بل يتطلب تضافر جهود الجميع لإنجاحه، معتبرة أن التعليم أولوية وطنية تتجاوز كل الحسابات الحزبية
وأكد محمد شوكي، رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، أن عملية إصلاح التعليم في المغرب تسير في الاتجاه الصحيح، مشيرا إلى أن هذا الملف لا ينبغي أن يخضع للاصطفافات السياسية الضيقة.
وأشاد شوكي خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الثلاثاء، بالمطالب الشبابية المتعلقة بتحسين النظام التعليمي، معتبرا أن إصلاح التعليم يعد أولوية وطنية تتجاوز كل الحسابات الحزبية، موضحا أن جميع الفرقاء السياسيين يقرون بأن التعليم هو إحدى القضايا الأساسية بعد الوحدة الوطنية.
ومضى مستطردا: “نختلف في التعبير لكن لا نختلف في القناعة… فالتعليم بعد الوحدة الوطنية، هو أولويتنا القصوى”، مبرزا أن المدرسة المغربية كانت في أزمة حقيقية، لكنها ليست أزمة من إنتاج هذه الحكومة، بل نتاج تراكمات تاريخية تعود لعقود خلت.
واستدل على ذلك بخطاب ملكي تاريخي للملك محمد السادس سنة 1999، الذي شدد فيه على مركزية التعليم في إعداد أجيال الغد، مؤكدًا أن الإصلاح لم يكن غائبًا، بل عرف مراحل مختلفة، من رؤية 2015-2030، إلى القانون الإطار، وصولًا إلى خارطة الطريق 2022-2026.
وفي حديثه عن التقدم المحرز في هذا المجال، أشار شوكي إلى أن إصلاح التعليم في المغرب هو نتيجة لجهود تراكمية بدأت منذ عهد الملك محمد السادس، حيث وضع التعليم في صلب أولويات التنمية، مذكرا بأن هناك عددًا من الإصلاحات التي تم إقرارها في السنوات الأخيرة، مثل الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، والقانون الإطار للتربية والتكوين، وخارطة الطريق 2022-2026.
وفيما يتعلق بأثر هذه الإصلاحات على الوضع الميداني، أكد شوكي أن الحكومة رفعت ميزانية التعليم إلى 83 مليار درهم، وأنها قامت بتفعيل نظام أساسي جديد لرجال ونساء التعليم، وهو ما يمثل خطوة مهمة بعد 20 سنة من التوقف في هذا المجال. كما شدد على أن هذه الإصلاحات يجب أن تؤدي إلى نتائج ملموسة على مستوى تحصيل التلاميذ.
أما عن التعليم العمومي، فقال شوكي إن عدد التلاميذ في المدارس العمومية وصل إلى 7 ملايين، مما يعكس استمرار ثقة الأسر المغربية في هذا القطاع رغم التحديات التي يواجهها. كما دعا إلى تعزيز تدبير التعليم على المستوى الجهوي، مؤكداً ضرورة إشراك الجماعات المحلية في عملية اتخاذ القرار.
وأكد شوكي أن التعليم ليس قضية حزبية، بل هو مسؤولية وطنية جماعية تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة، الأحزاب السياسية، والقطاع المدني. وأشار إلى أن تحقيق الإصلاح المنشود يتطلب بيئة مواتية تتسم بالثقة والتعاون بين جميع الأطراف المعنية.
من جهته، قال النائب البرلماني نور الدين مضيان، عن الفريق الاستقلالي، إن قطاع التعليم في المغرب يعاني من اختلالات بنيوية مستمرة، رغم الإصلاحات المتعاقبة، مشيرًا إلى أن المنظومة التعليمية “أصبحت مجالا لتجريب النماذج واستنساخ التجارب دون تحقيق نتائج ملموسة”.
وأكد مضيان أن المغرب ظل يصنف في مراتب متأخرة دوليًا في مجال التعليم، رغم المجهودات المالية والإدارية المبذولة، معتبرا أن غياب رؤية شاملة ومتكاملة و”إصلاح ينبع من الواقع المغربي” هو السبب الرئيسي في تعثر الإصلاحات السابقة.
ودعا مضيان إلى إشراك مختلف الفاعلين السياسيين والنقابيين والمدنيين في بلورة إصلاح حقيقي للتعليم، يقوم على فهم هوية المجتمع المغربي وانتظاراته، مؤكدًا أن “الإرادة السياسية والدراسة الموضوعية تظل المدخل الأساسي لأي إصلاح ناجح”.
وانتقد النائب البرلماني التفاوت الصارخ بين التعليم العمومي والخصوصي، واصفًا الأول بـ”القطار البطيء” الذي يتوقف في كل محطة ويتسبب في الهدر المدرسي، مقابل التعليم الخصوصي الذي “يسير بسرعة قطار البراق”. كما كشف عن تسجيل أكثر من 240 ألف حالة هدر مدرسي سنويًا، إضافة إلى وجود أكثر من مليون ونصف طفل خارج المدرسة.
وشدد مضيان على أن البنية التحتية المدرسية ونقص الموارد البشرية تبقى من أبرز العوائق أمام إصلاح التعليم، منتقدًا ضعف التنسيق بين وزارة التربية الوطنية والجماعات الترابية، خاصة في ما يخص النقل المدرسي وتأهيل المؤسسات التعليمية في المناطق القروية.
كما طالب بضرورة إدماج الجماعات المحلية في جهود الإصلاح، لاسيما في توفير الدعم اللوجستيكي، كالنقل والسكن المدرسي، معتبرًا أن “غياب التكامل بين الإدارات يعرقل أي مسار إصلاحي حقيقي”، مشددا على أن إصلاح التعليم يجب أن يكون أولوية وطنية، باعتباره الأساس لأي نهضة اقتصادية أو اجتماعية، مؤكدًا أن “نجاح التعليم هو مفتاح بناء الثروة الحقيقية”.