دعت حركة “صحراويون من أجل السلام”، المنشقة عن جبهة “البوليساريو” الانفصالية، من على منصة الأمم المتحدة، إلى إنهاء معاناة “الصحراويين” المستمرة منذ نصف قرن، عبر تبنّي مقاربة جديدة قوامها الحوار والتعايش، بعيدا عن الشعارات والمواقف المتصلّبة التي عطّلت فرص حلّ النزاع في الصحراء وأبقت آلاف الأسر في حالة تيه ومعاناة داخل المخيمات.
وأكد ممثّلون عن حركة “صحراويون من أجل السلام”، خلال جلسة النقاش باللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مشروع الحركة يعبّر عن إرادة حقيقية لطيّ صفحة الماضي، من خلال مبادرة واقعية تستند إلى مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب، داعين المنتظم الدولي إلى دعم مساعيهم الرامية إلى بناء مستقبل جديد للصحراء في إطار احترام سيادة المملكة المغربية وضمان حقوق “الصحراويين” في تدبير شؤونهم بحرية وديمقراطية.
أحمد باريكلي، السكرتير الأول للحركة سالفة الذكر، قال، في كلمة له بهذه المناسبة: “يشرفني أن أتحدث للمرة الأولى أمام هذه اللجنة باسم حركة صحراويون من أجل السلام، وهي تنظيم سياسي صحراوي أصيل وُلد قبل خمس سنوات، تعبيرا عن تعب وإحباط شعبنا بعد نصف قرن من المعاناة”.
وأضاف: “لسنا صوت “البوليساريو”، ولا صوت المغرب، ولا أي طرف أو دولة مجاورة في المنطقة. نحن صحراويون تعبوا من الحرب والمنفى؛ ولكننا أيضا صوت أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بمستقبل من السلام”، مبرزا أنه “على مدى أكثر من خمسين عاما، عاش شعبنا عالقا بين المواجهة واللايقين؛ أسرٌ مفرقة، شباب بلا أفق، أطفال يولدون تحت الخيام، وشيوخ يموتون بعيدا عن أرضهم”.
وزاد: “إننا اليوم لا نأتي لتكرار الشعارات، ولا لنغرق في مواقف متصلبة احتكرت هذا النقاش لعقود، بل جئنا لنقترح طريقا آخر؛ طريق الحوار، والتعايش، والالتزام… طريق يرفض الحدّية والتطرف، لأننا نعلم أن التعصب والراديكالية، مثل الأسلحة والجدران، لا تجلب أبدا الحرية ولا الازدهار”.
وتابع: “إن صوتنا هو صوت الشيوخ الذين يحلمون في صمت بالعودة قبل رحيلهم، وصوت الشباب الذين يرفضون أن يرثوا منفى لا نهاية له، وصوت الأمهات اللواتي يتمنين تربية أبنائهن تحت سماء السلام والحرية، لا تحت ظل بندقية أو أداة موت أخرى. نحن كثيرون ممن قرروا وضع حد لهذه الرحلة الطويلة والمؤلمة إلى المجهول، وإغلاق فصل المواجهة وفتح فصل الأمل، مهما كانت التضحيات”.
وشدد على أن “حركة صحراويون من أجل السلام هي شريك جديد، واقعي وبنّاء للأمم المتحدة في سعيها لمساعدة الصحراويين والمغاربة على كتابة صفحة جديدة من السلام والتعايش في الصحراء وفي عموم شمال غرب إفريقيا”.
من جهته، قال محمد شريف، مسؤول العلاقات الخارجية لحركة صحراويون من أجل السلام، إن “المنظمة وُلدت من إرادة آلاف الصحراويين الراغبين في طيّ صفحة الصراع وبناء مستقبل يسوده السلام. فخلال المؤتمر الثاني للحركة، المنعقد في دكار في أكتوبر 2023، قدّمنا أسس نظام خاص لإقليم الصحراء، يحترم بشكل كامل سيادة المملكة المغربية ورموزها الوطنية، ويضمن في الوقت نفسه للصحراويين نظاما سياسيا وتشريعيا وقضائيا منسجما مع المعايير الدولية للحكم الذاتي”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “هذا المشروع يشكّل بمثابة الميثاق الأعظم للصحراويين، إذ يمنحهم إمكانية تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال مؤسسات عصرية قائمة على المواطنة والمساواة والديمقراطية”، مبرزا أن “هذا النظام يتضمن جهازا تنفيذيا وبرلمانا منتخبا ومجلسا للأعيان وقضاء مستقلا وقوات أمن محلية تعمل بتنسيق تام مع مؤسسات المملكة”.
وذكر أن “إدماج هذا النظام الخاص ضمن الدستور المغربي، مع ما يلزم من ضمانات، سيفتح الطريق أمام مصالحة تاريخية، وينهي صراعا دام قرابة نصف قرن، وسيتيح للصحراويين فرصة العودة إلى أرضهم، واستعادة كرامتهم، والمشاركة الفاعلة في تنمية منطقتهم، بدلا من البقاء أسرى وضع مؤلم وجامد في مخيمات تندوف”.
واعتبر أن الحركة استلهمت هذه المبادرة من “تجارب ناجحة عبر العالم، من كردستان العراق إلى كاتالونيا والباسك. كما تستند إلى مقترح الحكم الذاتي الواسع، الذي قدّمه المغرب سنة 2007 والذي نعتبره منطلقا متينا للحل”، داعيا المجتمع الدولي إلى “دعم هذه المبادرة الواقعية والبراغماتية التي توفّق بين الحقوق المشروعة للصحراويين وبين المصالح الحيوية للمملكة المغربية”.