انتقد أعضاء مجلس جهة الدار البيضاء سطات خلال الدورة العادية، الطريقة التي يدبر بها عبد اللطيف معزوز مجموعة من الملفات والقضايا، في ظل غياب مشاريع واتفاقيات جديدة تحمل نفسا تنمويا قادرا على تحريك دينامية الجهة، التي تعد الأكبر من حيث الكثافة السكانية والوزن الاقتصادي على الصعيد الوطني.
الدورة التي عقدت بمقر الجهة، اقتصرت إلى حد كبير على دراسة تعديلات وإلغاءات لملاحق اتفاقيات سابقة، دون تقديم مبادرات جديدة أو برامج ذات بعد استراتيجي، وهو ما أثار ملاحظات وانتقادات في الأوساط السياسية والجهوية، بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه مختلف أقاليم الجهة في مجالات البنية التحتية والتجهيز والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن المجلس الجهوي يعيش نوعا من “التعثر الإداري والبرود السياسي”، بعد أن أصبحت عدد من دوراته تقتصر على النقاط التقنية المرتبطة بتصحيح أو تعديل اتفاقيات قديمة، في غياب واضح لرؤية متكاملة تسعى إلى استشراف حاجيات الأقاليم والمدن الكبرى داخل الجهة.
كما أن معدل التأشير على الاتفاقيات من طرف السلطات الولائية ظل محدودا، إذ لم يتجاوز 199 اتفاقية من أصل 466، وهو رقم يعكس حجم الملاحظات التقنية والتنظيمية التي ترافق عددا من المشاريع المقترحة.
من جهة أخرى، يثير تأخر نشر محاضر الدورات السابقة، إلى جانب عدم عرض تقارير التدقيق المالي السنوي، قلق عدد من المتتبعين حول مستوى الشفافية وتدبير الزمن الإداري داخل المجلس، خاصة وأن هذه التقارير تعتبر آلية أساسية لتقييم الأداء وتوجيه الإصلاحات.
ويجمع عدد من المتابعين للشأن الجهوي على أن مجلس جهة الدار البيضاء – سطات في حاجة إلى “نفس جديد” يعيد الثقة في العمل الجهوي ويؤسس لمرحلة أكثر فعالية، قائمة على التخطيط الاستراتيجي، والتنسيق مع الفاعلين المحليين والاقتصاديين، والقطع مع منطق التدبير اليومي الذي يحصر دور المجلس في تصريف القرارات الشكلي
وأكد سفيان إنشاء الله، المستشار بمجلس جهة الدار البيضاء – سطات، أن الدورة العادية للمجلس المنعقدة مؤخرا “لم ترق إلى مستوى تطلعات ساكنة الجهة”، معتبرا إياها “دورة باهتة بكل المقاييس، في ظل غياب مشاريع جديدة واتفاقيات كبرى من شأنها أن تُحدث نقلة نوعية في التنمية الجهوية”.
وأوضح إنشاء الله، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن جدول أعمال الدورة “اقتصر بشكل شبه كامل على تعديلات وإلغاءات وملاحق لاتفاقيات سابقة، دون أي مبادرات نوعية أو ملفات ذات بعد استراتيجي”، مشيرا إلى أن ذلك “يعكس حالة الإفلاس التنموي التي يعيشها المجلس الحالي، وعجزه عن بلورة رؤية طموحة تواكب حجم التحديات التنموية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه أقاليم الجهة”.
وأضاف المتحدث أن “مجلس الجهة بات يعيش على وقع التكرار وإعادة الإنتاج دون أي إضافة حقيقية”، مبرزا أن “دورة يوليوز الماضية وحدها تضمنت أكثر من 50 في المائة من نقاطها عبارة عن تعديلات وإلغاءات، وهو ما يعكس غياب الجدية والفعالية في إعداد المشاريع”.
وأشار في السياق نفسه إلى أن “السلطات الولائية رفضت التأشير على عدد كبير من الاتفاقيات، بالنظر إلى ضعف مضامينها أو غياب دراسات دقيقة تبرر جدواها، حيث لم يتم التأشير سوى على 199 اتفاقية من أصل 466، وهو رقم يعكس هشاشة التدبير وضعف التنسيق بين مكونات المجلس”.
وأعرب إنشاء الله عن استغرابه من “غياب محاضر دورة يوليوز المنصرمة إلى حدود الساعة”، معتبرا ذلك “مؤشرا على ارتباك إداري وتنظيمي داخل هياكل المجلس”، مضيفا أن “أعضاء المجلس لم يتوصلوا كذلك بمحضر التدقيق السنوي، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول الشفافية والالتزام بمقتضيات الحكامة الجيدة”.
وختم المستشار تصريحه بالتأكيد على أن “الديمقراطية الجهوية لا يمكن أن تختزل في عقد دورات شكلية أو المصادقة على تعديلات تقنية، بل تقتضي رؤية متكاملة، وتخطيطا استراتيجيا، ومصارحة للرأي العام حول حصيلة التدبير والنتائج المحققة”، داعيا إلى “إعادة الاعتبار لمفهوم الجهة كرافعة للتنمية المندمجة، وليس مجرد جهاز إداري لتصريف الملفات”.