آخر الأخبار

رحلة العمر: من مأساة 1445 إلى انضباط 1446.. موسم يمهد لمضاعفة الحجاج إلى 5 ملايين (الحلقة 17) - العمق المغربي

شارك

سلسلة رحلة العمر.. انطباعات حاج مغربي

الحج ليس مجرد سفر أو تنقل بين شعائر وأمكنة، بل هو عبور روحي عميق يعيد صياغة علاقة المسلم بربه ونفسه والعالم من حوله، فمنذ أن نادى الخليل إبراهيم عليه السلام في الناس بالحج، ظل هذا الركن العظيم يجمع المسلمين من كل فج عميق، في مشهد مهيب تتجلى فيه وحدة الأمة ومساواتها أمام الله.

في هذه السلسلة التي تنشرها جريدة “العمق”، يوثق الحاج المغربي أحمد الطلحي، المنحدر من مدينة طنجة والخبير البيئة والتنمية والعمارة الإسلامية، تفاصيل رحلته إلى الديار المقدسة خلال موسم 1446 هـ، بعد سنوات طويلة من الانتظار والدعاء.

بين الشوق قبل السفر، والسكينة في المشاعر، والمواقف المؤثرة في عرفات والطواف، يقدم الطلحي شهادة صادقة وتأملات روحية وإنسانية وتنظيمية، يشارك من خلالها القارئ مواقف لا تُنسى، ونصائح قد تعين المقبلين على هذه الفريضة العظيمة.

ـــــــــــــ

الحلقة 17:

1- تذكير بأحداث موسم 1445:

في هذا الموسم، وربما لأول مرة، كان عدد الوفيات من جراء ارتفاع درجات الحرارة هو الأكبر، مقارنة بالماضي. فحصيلة الوفيات المرتفعة في السابق كانت في الغالب نتيجة حوادث الازدحام أو الحرائق.

فوفقًا لتقارير رسمية، توفي 1301 حاج خلال موسم الحج 1445، وقدرت تقارير غير رسمية أن عدد الوفيات وصل إلى 1426. وكانت معظم هذه الوفيات نتيجة لارتفاع درجات الحرارة في مكة التي تجاوزت 50 درجة مئوية.

وكان أغلب المتوفين من الحجاج غير النظاميين، الذين يحجون بدون ترخيص، ويدخلون إلى المشاعر المقدسة على الأقدام وبعيدا عن الطرق والشوارع، مخافة الوقوع في الأسر من قبل الأمن، وحسب وزير الصحة السعودي تصل نسبتهم إلى 83 بالمائة.

وأغلب الحجاج غير النظاميين كما هو معلوم من المقيمين في السعودية، خصوصا المصريين الذين كانوا هم أكثر الضحايا إذ تجاوز عددهم 660 متوفيا.

وبالنسبة للحجاج المغاربة لم تسجل أية حالة وفاة في هذه الحوادث، حسب تصريح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي لوكالة المغرب العربي للأنباء بتاريخ 21 يونيو 2024، وهذا أمر طبيعي لأن كل الحجاج المغاربة هم حجاج نظاميون.

2- تنظيم جيد لموسم حج 1446:

مقارنة مع المواسم السابقة، كان تنظيم الحج لعام 1446 جيدا بشهادة الجميع، فلم تسجل أحداث كبيرة ولا عدد كبير من الأرواح والمتضررين.

وتفاديا لتكرار فاجعة موسم 1445، اتخذت السلطات السعودية مجموعة من الإجراءات الفعالة والصارمة، وهو ما انعكس بالإيجاب على تنظيم الحج لموسم 1446. فحسب وكالة الأنباء السعودية، سجلت وزارة الصحة انخفاضًا بنسبة 90 بالمائة في عدد حالات الإجهاد الحراري بين الحجاج هذا الموسم مقارنة بالعام الماضي.

وأهم هذه الإجراءات ما يتعلق بمحاربة ظاهرة الحجاج غير النظاميين الذين يشكلون دائما غالبية الحجاج، وهي كانت كالتالي:

– سن قوانين رادعة:

بحيث تم تغليظ العقوبات على الحجاج غير الرسميين وعلى كل من ساعدهم في ذلك، من غرامات مالية كبيرة تصل إلى 50 ألف ريال سعودي، والسجن لمدة قد تصل إلى ستة أشهر، والترحيل من السعودية والمنع من دخولها لمدة قد تصل إلى عشرة أعوام.

– تنظيم حملة إعلامية واسعة تحت شعار “لا حج بدون تصريح”:

ففي كل وسائل الإعلام وفي اللوحات الإعلانية في الشوارع والساحات العمومية وعبر الرسائل النصية في الهواتف، انتشرت وبشكل مكثف وصلة إعلانية بعبارة “لا حج بدون تصريح”. والهدف من هذه الحملة الإعلامية هو أن يتوفر كل من يرغب في أداء فريضة الحج، من المواطنين السعوديين والمقيمين، على تصريح رسمي من الجهات المختصة.

مصدر الصورة

– دعم هيئة كبار العلماء للقرار:

حيث أصدرت الهيئة بيانا بتاريخ 26 أبريل 2024، أوضحت فيه أن أداء الحج بدون تصريح مخالفة يتعدى ضررها إلى الآخرين، وإثمها أعظم: “إن الالتزام باستخراج تصريح الحج مستند إلى ما تقرره الشريعة الإسلامية من التيسير ‏على العباد، في القيام بعبادتهم وشعائرهم ورفع الحرج عنهم، والإلزام باستخراج تصريح الحج إنما جاء بقصد تنظيم عدد الحجاج بما يمكن هذه الجموع الكبيرة من أداء هذه الشعيرة بسكينة وسلامة وهذا مقصد شرعي صحيح تقرره أدلة الشريعة وقواعدها.. وكلما كان عدد الحجاج متوافقًا مع المصرح لهم كان ذلك محققًا لجودة الخدمات التي تقدم للحجاج، ويدفع مفاسد عظيمة من الافتراش في الطرقات الذي يعيق تنقلاتهم وتفويجهم وتقليل مخاطر الازدحام والتدافع المؤدية إلى التهلكة.. الحج بلا تصريح لا يقتصر الضرر المترتب عليه على الحاج نفسه وإنما يتعدى ضرره إلى غيره من الحجاج الذين التزموا بالنظام، ومن المقرر شرعًا أن الضرر المتعدي أعظم إثمًا من الضرر القاصر..”.

– تعزيز الحملة الأمنية لملاحقة المخالفين لقانون الترخيص للحج:

ولقد حققت نتائج مهمة، فحسب مدير الأمن العام ورئيس اللجنة الأمنية للحج، أبعدت قوات الأمن أكثر من 205 ألف شخص من مكة المكرمة كانوا يريدون الحج بدون تصريح، وتم ضبط أكثر من 415 مكتبًا وهميًا للحج، وأن قوات الأمن أعادت أكثر من 269 ألف شخص لم يحملوا تصاريح حج، كما تم تطبيق عقوبات على أكثر من 75 ألف مخالف لأنظمة الحج، وتم ضبط 1239 شخصًا حاولوا نقل حجاج غير نظاميين، كما تمت إعادة 110 آلاف سيارة من مداخل مكة لنقلها حجاجًا غير مصرح لهم.

– تعميم وإجبارية حمل الحجاج لبطاقة “نسك”:

“بطاقة نسك هي بطاقة تعريفية ذكية تُمنح لحجاج بيت الله الحرام، تحتوي على معلوماتهم الشخصية والطبية، وتسهل عليهم خدمات الحج وتعزز الأمن والسلامة. تُصدر هذه البطاقة من قبل وزارة الحج والعمرة السعودية، وتتوفر بنسختين: رقمية على تطبيق نسك، ومطبوعة تُسلم للحاج”.

وأهمية البطاقة، بحسب السلطات السعودية، تكمن في:

” – تسهيل التنقل والإرشاد

– تُمكن الحجاج من التنقل بسهولة بين المشاعر المقدسة ومناطق مكة المكرمة

– تحسين الخدمات

– تُسرع إجراءات الخدمة وتقدم المساعدة للحاج في حالات الطوارئ أو الضياع

– تأكيد نظامية الحاج

– تثبت أحقية الحاج في أداء المناسك، وتسهل على الجهات المعنية تقديم الخدمات

– التحقق من الهوية

– تساعد في التعرف على الحجاج وتحديد هويتهم بسرعة”.

وعمليا، لم تطلب هذه البطاقة منا، سواء في مكة أو في المشاعر، ربما لأن الهدف منها وهو منع الحجاج غير الرسميين قد تحقق بالوسائل الأخرى.

3- مقترحات لتطوير وتجويد تنظيم موسم الحج:

من خلال ملاحظاتي الميدانية، ومن أجل تيسير الحج أكثر، أرى بأنه يستحسن القيام بعدد من الإجراءات والإصلاحات التي لن تعجز السلطات السعودية إن شاء الله على تحقيقها بما لها من إرادة قوية ودائمة للإصلاح والتجويد، ومن إخلاص وتفان في خدمة ضيوف الرحمان، وبما عرف عليها من سخاء في الإنفاق على تعظيم الأماكن المقدسة، ولما تملكه من عقول خلاقة.

وتتمثل هذه الإجراءات والإصلاحات في الآتي:

1.3- على مستوى المسجد الحرام والخدمات الدينية:

أصبح النظر إلى الكعبة غير ميسر بشكل واسع، والنظر إليها عبادة أيضا. وعليه أقترح إزالة أقواس وتوسيع فتحة باب الملك عبد العزيز، حتى يتمكن الحجاج من رؤية الكعبة من الساحة المجاورة. وكذلك إزالة كل الحواجز الداخلية في المسجد التي تمنع من رؤية الكعبة من جميع الطوابق والاتجاهات.

كما أن الطواف في الطوابق العليا وفي السطح يحتاج للتشوير خصوصا إشارة بلوغ الركن اليماني.

وأقترح كذلك أن يتم تثبيت المظلات الضخمة في الساحات المحيطة بالمسجد الحرام وفي أسطحه، مثل المظلات الموجودة في المسجد النبوي.

وأرى أن يتم الاحتفاظ بالمنطقة الشمالية للمسجد فارغة حتى تحتضن التوسعة القادمة إن شاء الله.

وبالنسبة للخدمات الدينية، يرجى من السلطات الدينية المزيد من التسامح والانفتاح، وأقترح في هذا المجال:

– العمل على توفير المصاحف بالقراءات الأخرى، خصوصا قراءة ورش، وكذلك ترجمات معاني القرآن الكريم بمختلف اللغات

– السماح للمرشدين والوعاظ التابعين لبعثات الحج بتقديم الدروس والإرشادات لحجاج بلدانهم. ولقد عاينت منع مرشد تابع للبعثة المغربية من إلقاء الدروس في الفندق الذي كنا نقيم فيه

– استقدام كبار القراء من مختلف البلدان الإسلامية للإمامة في المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال موسم الحج، كما يتم ذلك بشكل محدود خلال فترات السنة

– السماح للنساء بزيارة مقبرة البقيع، وعدم حرمانهن من أجرها، على أن تخصص لهن مواعيد مخالفة لمواعيد زيارة الرجال.

2.3- اقتراح أشغال تهيئة في منى:

في منطقة الجمرات هناك ضعف في التشوير، وأقترح وضع لوحات إرشادية بالنسبة لكل جمرة من الجمرات الثلاث، بالإضافة إلى لوحات تذكر الحجاج بما يسن العمل به فيها.

كما لا بد من تقليص مسافة الطريق التي يقطعها الحجاج ذهابا وإيابا لرمي الجمرات، والتي قدرتها بحوالي 9 كلم، وذلك تخفيفا على كبار السن والمرضى من الحجاج.

كذلك ضرورة تهيئة أماكن لوقوف الحافلات في منى كما هو الأمر في عرفات، فالملاحظ أنه تقع فوضى على الطريق المؤدية إلى مكة بسبب ركن الحافلات على جانبيها.

3.3- تحسين الإقامة في الحرمين والمشاعر المقدسة:

ينبغي التنويه بالعمليات الكبيرة التي تهم القضاء على البناء العشوائي في الحرم المكي، وكذلك بعمليات التجديد الواسعة للفنادق حيث يتم هدم الفنادق القديمة وبناء فنادق ضخمة بطاقة استيعابية كبيرة وبمرافق جيدة.

ومن الأمور التي أرى أنها ضرورية لتحسين الإقامة في فنادق مكة المكرمة والمدينة المنورة، هو تخفيض عدد المقيمين في الغرف بتعميم فقط الغرف الثنائية، ومنع الغرف الثلاثية والرباعية والخماسية (وربما هناك غرف يكون فيها أكثر من خمسة أشخاص). وسيساهم هذا التخفيض من تقليل المشاكل التي تقع بين الحجاج والمعتمرين المتساكنين لغرفة واحدة، ويحد بنسبة مهمة من انتقال الأمراض بين الحجاج، ويحول دون تفريق الأزواج عن زوجاتهم والأولاد عن آبائهم أو أمهاتهم… ولقد حكى لي حاج شاب مغربي أن المنظمين منعوهم من الإقامة في غرفة واحدة هو وأخوه ووالديهما بدون أي مبرر شرعي أو منطقي. وهذا الإجراء يقتضي مضاعفة أعداد الغرف وأعداد الفنادق، خصوصا في مكة المكرمة، وهو أمر ممكن مع عمليات التجديد القائمة، ومع إمكانية تعمير المناطق الخالية الواسعة والقريبة من المسجد الحرام.

أما في منى وعرفات، فلا بد من الانتقال من المخيمات إلى البناء العمودي، من أجل تحسين ظروف الإقامة من جهة، ومن جهة ثانية، من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج في المستقبل. فالظروف الحالية في المخيمات سيئة جدا بشهادة الجميع، وليس هناك إمكانية للتحسين. وبالإقامة في البنايات بدل الخيم ولو بكثافة مرتفعة، ستكون الأحوال أفضل، ويمكن المساواة نوعا ما مع الحجاج الذين يقيمون في الفنادق والإقامات حاليا بدل الخيام.

كما أنه لا بد من حل معضلة النزول والمبيت في مزدلفة، فكما هو معلوم من الواجب المبيت في هذا المشعر، أو النزول فيه على الأقل لمدة قصيرة لأصحاب الرخص الشرعية لأداء صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا وجمع الحصيات. وذلك، بتهيئة المزيد من الطرقات والساحات، في كل المجال الترابي لمزدلفة، لاستيعاب الملايين من الحجاج.

4.3- ضرورة الاهتمام أكثر بالمزارات:

توجد مواقع تاريخية ومعالم أثرية مهمة بكل من مكة المكرمة والمدينة المنورة وبالمشاعر المقدسة وفي أماكن أخرى متفرقة، إما لا يعرفها الزوار، أو يصعب الوصول إليها، أو أنها في حالة غير مناسبة. وعليه لا بد العناية بها وترميمها وتهيئتها أولا، والترويج لها ثانيا، وبرمجتها في رحلات منظمة ثالثا.

5.3- تيسير التنقل على الأقدام بين المشاعر المقدسة:

من الملاحظ أن نسبة كبيرة من الحجاج تفضل الانتقال مشيا على الأقدام بين المشاعر المقدسة. وهناك طريق مخصصة لذلك تسمى طريق المشاة والمعروفة أيضا بـ “طريق المشاعر المقدسة”، والتي تربط بين عرفات ومنى، مرورا بمزدلفة. هذه الطريق عرفت مؤخرا عددا من أشغال التهيئة، ولكنها لا زالت تحتاج للمزيد من التحسين والتوسعة، والربط الكامل بين المشاعر المقدسة والمسجد الحرام.

وحاليا تمتد الطريق على مسافة تزيد عن 25 كيلومترًا، مما يجعلها من أطول طرق المشاة في العالم، حسب صحيفة الوطن. وتتكون من أربعة مسارات مجهزة “بأحدث المواصفات والخدمات لتيسير حركة الحجاج، بما في ذلك بلاط “الإنترلوك”، وكراسي للاستراحة، ومظلات لوقاية الحجاج من الشمس، وأعمدة الرذاذ لتلطيف الأجواء، ولوحات إرشادية، وأعمدة إنارة عالية التقنية، وكشافات، وسلات المهملات.. وممرًا خاصًا لذوي الاحتياجات الخاصة، وحواجز خرسانية لمنع دخول المركبات”.

6.3- النقل الأخضر، البديل المقترح لمشاكل التنقل داخل مكة المكرمة:

لحل مشكل الازدحام المروري داخل مكة المكرمة، ولتأمين نقل سريع ومريح للحجاج والمعتمرين، وللحفاظ على البيئة وعلى صحة الحجاج والمعتمرين والمقيمين من التلوث بجميع أنواعه، خصوصا التلوث السمعي والتلوث الغازي الذي تنتجه مختلف وسائل النقل الحالية، لا بد من التفكير الجدي والحاسم في توفير نقل صديق للبيئة.

بالإضافة إلى وسائل النقل البديلة، لا بد من تعبيد طرق وبناء منشئات فنية من قناطر وأنفاق، تكون مخصصة بالأساس للمشاة. ففي الشوارع الرئيسية المؤدية إلى المسجد الحرام مثل شارع إبراهيم الخليل وشارع أجياد والشارع المؤدي إلى جبل الكعبة، يمكن بناء أجزاء من هذه الشوارع من طابقين أو أكثر، يخصص طابق للمشاة وآخر للمركبات.

مصدر الصورة

أما بالنسبة لوسائل النقل الجماعية الصديقة للبيئة والتي ستكون أفضل بديل لوسائل النقل العادية، أقترح كلا من القاطرات المعلقة والقطار المغناطيسي المعلق والترامواي:

– القاطرات المعلقة:

القاطرة المعلقة المعروفة أكثر ب”تلفريك”، وهي وسيلة نقل تعمل بالكهرباء، وتستعمل في المناطق الوعرة في الجبال والمرتفعات، كما تستعمل داخل المدن. وتتراوح حمولتها ما بين 8 إلى 60 راكبا كما هو الشأن بالنسبة لتلفريك كابريو بسويسرا. أما سرعته فقد تصل إلى 150 كلم في الساعة كما هو الشأن بتلفريك دبي.

وإنجاز واستعمال التلفريك في مكة المكرمة لن يكون صعبا، بسبب انتشار هذه الوسيلة في عدد من المناطق داخل السعودية، فهي موجودة في أبها والطائف، باستخدام سياحي أساسا.

كما أقترح إنجاز خطوط للتلفريك، لتيسير زيارة كل من غار حراء وغار ثور، لوقوعهما في قمة جبلين، يصعب على أغلب الحجاج والمعتمرين الوصول إليهما.

– القطار المغناطيسي المعلق:

وهو يعرف اختصارا ب”الماجليف”، وهو بإمكانه أن ينقل أعدادا كبيرة من الركاب في كل رحلة، فمثلا قطار شنغاي في الصين ينقل 574 راكبا، أي أكثر من أي وسيلة نقل تقليدية. ورحلاته كذلك أسرع من أية وسيلة نقل أخرى فسرعته يمكن أن تصل إلى 600 كلم في الساعة.

– الترامواي:

الترامواي هو عبارة عن وسيلة نقل مثل القطار تسير على سكة حديدية، لكنها تعبر نفس الشوارع التي تستعملها السيارات. وأغلب أنظمة الترامواي تشتغل بالكهرباء، مما يجعلها صديقة للبيئة. بالإضافة إلى أنها تنقل أعدادا كبيرة من الأشخاص في كل رحلة، وأسرع من الحافلات العمومية.

مصدر الصورة

7.3- نحو مشروع الحرم الأخضر والمشاعر المقدسة الخضراء:

لماذا لا نفكر في حرم أخضر ومشاعر مقدسة خضراء، تستعمل فيها فقط الطاقات النظيفة المتجددة في إنتاج الكهرباء والنقل وفي تشغيل محطات معالجة المياه العادمة ومحطات تحلية مياه البحر، وتعميم التشجير على الطرقات وفي الحدائق والساحات العمومية…

وهنا يجب التنويه بمبادرة السعودية الخضراء التي انطلقت في عام 2021 “بهدف مكافحة تغير المناخ ورفع مستوى جودة الحياة وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة”، مع تسجيل بعض الملاحظات على بعض مشاريعها.

4- مقترحات لمضاعفة عدد الحجاج:

حسب الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، بلغ عدد الحجاج في موسم 1446 ما مجموعه 1,673,230 حاجًّا وحاجَّة، منهم 166,654 من داخل السعودية من المواطنين والمقيمين. وكما هو معلوم يتم تخصيص حصة لكل دولة إسلامية وللمسلمين في الدول غير الإسلامية، بنسبة 1 في الألف من إجمالي السكان. لكن في الواقع، يُقدر عدد المسلمين في العالم بحوالي ملياري نسمة، أي ربع سكان العالم، وعليه كان من المفترض أن يكون عدد الحجاج هو مليوني حاج مضافا إليها عدد حجاج السعودية. لذلك ينبغي الرفع من عدد الحجاج اعتمادا على الإحصائيات المحينة.

مثلا عدد الحجاج المغاربة لموسم 1446 هو 34 ألف حاج وحاجة، منهم 22 ألف و400 من التنظيم الرسمي الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، و11 ألف و600 من تنظيم وكالات الأسفار والسياحة. بينما عدد السكان القانونيين للمغرب حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 هو 36.828.330 نسمة، أي أنه ينبغي أن تكون حصة الحجاج المغاربة هي 36800 حاج، بمعنى أقل ب2800 حاج.

وكما هو منتشر في معظم الدول الإسلامية، عدد طلبات الحج تكون أضعاف عدد المقاعد المخصصة لها. فمثلا في المغرب، بالرغم من عدم وجود أرقام رسمية عن عدد المغاربة المشاركين في قرعة الحج كل سنة، لكن وحسب متابعاتي، عددهم يزيد على الأقل بعشرة أضعاف عدد المقاعد.

لذلك وجب الرفع من عدد الحجاج، ولما لا مضاعفته، للاستجابة لطلبات المسلمين المتزايدة كل عام، لعدة أسباب، أهمها: انتشار التدين، وارتفاع مستوى الدخل، والتقدم الكبير في وسائل النقل وتراجع أسعارها…

والسلطات السعودية واعية بموضوع الزيادة في عدد الحجاج، وتعمل من أجل ذلك. وحسب وكالة الأنباء السعودية نقلا عن أمير منطقة مكة المكرمة، فإن الدراسات المتعلقة بمشروع تطوير المشاعر المقدسة التي انطلقت في عام 2018، قد أصبحت جاهزة، وأن مشروع التطوير يهدف لاستيعاب 5 ملايين حاج مستقبلا. وتضمن المشروع اعتماد الحج الذكي وتطوير البنية التحتية للمشاعر.

ولبلوغ هذا الهدف، أرى أنه لا بد من التوسعة العمودية فهي الخيار الاستراتيجي، وذلك ببناء الأبراج العملاقة، والانتهاء من نظام المخيمات.

ـــــــــــ

* أحمد الطلحي: إطار مغربي وخبير في البيئة والتنمية والعمارة الإسلامية

العمق المصدر: العمق
شارك

الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا