آخر الأخبار

مشروح: المبادرة الأطلسية مشروع ملكي مزدوج يتجاوز الأمن إلى التنمية في 27 دولة إفريقية - العمق المغربي

شارك

كشف جمال مشروح، الباحث في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد والأستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، عن تفاصيل دقيقة للهندسة الاستراتيجية للمبادرة الملكية المتعلقة بـ”إفريقيا الأطلسية”، مؤكدا أن هذه الرؤية لا تقتصر على مبادرة واحدة، بل هي مشروع ملكي مزدوج يستهدف 27 دولة إفريقية، بهدف إعادة النظر في القارة من منظور التنمية والازدهار، بعيدًا عن النظرة الأمنية البحتة التي طالما طغت على السياسات تجاه إفريقيا.

جاء ذلك خلال مداخلته في ندوة حول “المبادرة الأطلسية .. نحو رؤية إفريقية مندمجة للفضاء الأطلسي”، الثلاثاء 30 شتنبر 2025، ضمن فعاليات الدورة الـ46 لموسم أصيلة الثقافي الدولي، حيث شدد مشروح على أن الرؤية الأطلسية المغربية تمثل استمرارية طبيعية للسياسة الخارجية للمملكة، وليست قطيعة ظرفية مع الخيارات الاستراتيجية السابقة.

ولفهم المبادرتين الملكيتين، أوضح المتحدث، أن المبادرة الأولى تتعلق بالدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، وعددها 23 دولة تمتد من المغرب عند رأس سبارطيل إلى جنوب إفريقيا عند رأس الرجاء الصالح، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي لهذه المبادرة يتمثل في تعزيز التكامل الاقتصادي بين هذه الدول وتنسيق السياسات السياسية، بما يساهم في بناء فضاء إقليمي قوي وفاعل على المستوى القاري والدولي.

في المقابل، تركز المبادرة الثانية على الدول غير الساحلية، وتشمل في المرحلة الحالية كلًا من مالي، النيجر، بوركينا فاسو وتشاد، وتهدف إلى تسهيل وصول هذه الدول إلى المحيط الأطلسي وفتح آفاق اقتصادية جديدة، بما يتجاوز مجرد إنشاء طرق وممرات تربطها بالبحر إلى مفهوم أشمل يشمل البنية التحتية والتنمية الاقتصادية والإدماج السياسي والفكري، وصولًا إلى ربط هذه الدول بالاستقرار والازدهار.

وأشار مشروح إلى أن هذه المبادرة تستند إلى ثلاث قناعات أساسية تعكس الرؤية الاستراتيجية للمغرب تجاه إفريقيا. أولها تتمثل في أهمية البحر كمصدر للثروة، إذ لم يعد المحيط الأطلسي مجرد وسيلة لنقل الثروات، بل أصبح عنصرا فاعلا في خلق الثروة نفسها، سواء عبر موارد الطاقة البحرية أو الكابلات البحرية التي تعتمد عليها الاتصالات العالمية، معتبرا أن مشاركة هذا الوعي مع الشركاء الأفارقة أمر بالغ الأهمية لتعزيز الاستفادة المشتركة من الموارد البحرية.

أما القناعة الثانية، فهي قيمة التكامل الاقتصادي بين الدول، إذ يشير مشروح في مداخلته إلى أن التجارب الدولية تظهر أن التعاون الإقليمي يتيح تحقيق القوة والفاعلية بشكل أكبر من العمل المنفرد، مؤكدا أن المغرب يسعى إلى بناء تعاون هيكلي يعزز التبادلات التجارية بين الدول الإفريقية الأطلسية، ويمنحها صوتا مسموعا في القضايا التجارية الدولية، بما يعزز مكانة القارة في الاقتصاد العالمي.

وبخصوص القناعة الثالثة، وهي الربط بين الأمن والتنمية، أكد مشروح أن النظر إلى إفريقيا يجب أن يجمع بين البعد الأمني والبعد الاقتصادي، بعيدا عن السياسات الأمنية الصرفة التي لا تقدم حلولًا مستدامة للتحديات التي تواجه دول الساحل، والتي تتعرض لظواهر الإرهاب والعزلة الاقتصادية في آن واحد.

وأشار إلى أن الدول غير الساحلية تخسر نحو 20% من ناتجها الداخلي الخام نتيجة عدم الوصول إلى البحر، ما يوضح أن ربط هذه الدول بالمحيط الأطلسي يسهم بشكل مباشر في تحقيق التنمية والاستقرار، ويخفف من المخاطر الأمنية المرتبطة بالفقر والانغلاق الاقتصادي.

في غضون ذلك، أكد على أن مفتاح نجاح المبادرة يكمن في التملّك والتقاسم، مشيرا إلى ضرورة إقناع جميع الشركاء بأن المشروع يمثل مصلحة حيوية للمغرب ولكافة الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب أهمية مشاركة الوسائل والقدرات بين الدول لضمان الأمن البحري وتعزيز البحث العلمي.

واستشهد بالخطوة العملية التي نفذها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري المغربي بإرسال سفينة أبحاث علمية إلى دول مثل بنين وليبيريا للمساعدة في رسم خرائط المخزونات السمكية، وهي المرة الأولى التي تتلقى فيها هذه الدول سفينة أبحاث بقيادة خبراء أفارقة، ما يعكس نجاح استراتيجية التعاون القاري الفعلي ويجسد الرؤية الملكية للأطلسي الإفريقي.

العمق المصدر: العمق
شارك

الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا