أشرف كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي التضامني، لحسن السعدي، رفقة كريم زيدان، وزير الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، الجمعة بمدينة أكادير، على تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لأمهر الصناع، في نسختها التاسعة المنظمة برعاية ملكية تحت شعار “الصناعة التقليدية المغربية: إرث وإبداع متجدد”.
وقال لحسن السعدي في الكلمة الافتتاحية لحفل التتويج إن الجائزة “تحظى هذا العام، بكل فخر واعتزاز، بالرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة، وهي تشكل إحدى المحطات البارزة للاحتفاء والاعتراف بالكفاءات والمهارات الحرفية الوطنية، حيث نحتفي اليوم بنخبة من الصانعات والصناع الذين تميزوا بإبداعهم وعطائهم، وكرسوا جهودهم للحفاظ على أصالة الصناعة التقليدية المغربية وتطويرها بما يعكس غناها الفني وقيمتها الاقتصادية والثقافية، باعتبارها رافدا أساسيا لصون الهوية الوطنية وتعزيز مسار التنمية المستدامة”.
وأضاف المسؤول الحكومي أن “الصناعة التقليدية، على امتداد العصور، شكلت إحدى ركائز الحضارة المغربية، باعتبارها النواة الأولى للصناعة الوطنية، ومكونا رئيسيا في دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بفضل إسهامها في تلبية حاجيات المواطنين في مجالات الملبس، التأثيث، التزيين، البناء والعمران وتقديم الخدمات؛ إذ إنه رغم التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، ظل الحرفيون المغاربة أوفياء لهذا الإرث العريق، محافظين على استمراريته عبر تناقل المهارات جيلا بعد جيل، مؤكدين قدرة الصانع المغربي على الإبداع والتجديد، ضمن إطار أصيل يحترم الخصوصية الثقافية والتراثية للمملكة”.
“وإنني أعبر عن بالغ اعتزازي بانتمائي لهذا الوطن العزيز، وافتخاري بالانتماء لأسرة الصناعة التقليدية، التي أؤمن إيمانا راسخا بقدرتها على مواصلة مسيرة التحديث، والاضطلاع بأدوار متقدمة ضمن النسيج الاقتصادي والاجتماعي الوطني، في ظل التقدير المتزايد الذي يحظى به القطاع لدى عموم المواطنين، وانسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، وتنفيذا لمضامين البرنامج الحكومي، تعمل كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني على تنزيل مجموعة من الأوراش الاستراتيجية، وفق مقاربة مندمجة ترتكز على التنسيق، الشراكة، البعد الترابي، ومفهوم “المنظومة”، يورد السعدي.
وبالمناسبة، عبر لحسن السعدي عن بالغ التقدير والامتنان لجميع الصانعات والصناع المشاركين في هذه الدورة، “الذين أبانوا عن مستوى عال من الحرفية والإبداع، تجسد في جودة وتنوع المنتجات المعروضة، وهو ما يعكس دينامية حقيقية للقطاع، ويبرهن على استجابة الحرفيين لمختلف برامج التأهيل والدعم”، منوها بالمجهودات التي قامت بها لجنة التحكيم، “التي تحملت عبء التنقل عبر جهات المملكة لاختيار المنتجات المؤهلة للمرحلة النهائية، في مهمة دقيقة تتطلب خبرة وموضوعية”، شاكرا أيضا السلطات بمختلف جهات المغرب، إلى جانب غرف الصناعة التقليدية وجامعة الغرف والمديريات الترابية للقطاع والشركاء من القطاعين العام والخاص على الجهود “التي بذلت لإنجاح هذا الحدث”.
أما كريم زيدان، وزير الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، فأبرز أن هذه الجائزة تعد محطة سنوية لتكريم المبدعين الذين أسهموا بشكل بارز في تطوير الصناعة التقليدية الوطنية، موردا أن قطاع الصناعة التقليدية يعد “رافعة أساسية للتنمية الشاملة والمستدامة لوطننا، لما يوفره من فرص واسعة للإدماج الاقتصادي والاجتماعي وخلق فرص الشغل في جميع أنحاء المملكة، خاصة لفئة الشباب، دون إغفال دوره في الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية وتعزيز التراث المغربي”.
وأشار زيدان إلى أن الأرقام تؤكد مكانة القطاع المتميزة، حيث “يضم هذا القطاع ما يقارب 2.6 مليون صانعة وصانع، أي ما يعادل 22% من الساكنة النشطة، ويساهم بنسبة 7% في الناتج الداخلي الخام. كما سجل رقم معاملات هذه الفئة أكثر من 160 مليار درهم، فيما تجاوزت قيمة صادراته 1.11 مليار درهم خلال سنة 2024،” مضيفا أن “تثمين وتنمية وتأهيل قطاع الصناعة التقليدية يظل رهينا بتضافر جهود كل الفاعلين والمتدخلين المعنيين: مسؤولين، منتخبين، وفاعلي المجتمع المدني، من خلال العمل على الرفع من قدرات النسيج الحرفي المحلي لتقديم عرض غني وبمعايير جودة عالمية، خاصة ونحن مقبلون على تنظيم تظاهرات عالمية، على رأسها بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 التي ستشكل لا محالة بوابة رئيسية للترويج لصورة وكفاءات المملكة في هذا المجال”.
وقال المسؤول ذاته: “في إطار العمل الحكومي المنسجم والمتكامل، انخرطت الوزارة في دعم المجهودات التي تبذلها كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني من أجل دعم الصانع التقليدي بالتوقيع على اتفاقية إطار لتطوير منظومة الحلي والمجوهرات إلى جانب عدد من القطاعات الوزارية والمؤسسات الوطنية، تندرج هذه الاتفاقية ضمن رؤية استراتيجية شاملة تروم تثمين قطاع الصناعة التقليدية وتعزيز مكانته الاقتصادية من خلال دعم الحرفيين، وتشجيع الابتكار، وتطوير قنوات التسويق”.
وأشرف كل من لحسن السعدي وكريم زيدان على تسليم الجوائز لأمهر الصانعات والصناع التقليديين الذين أبدعوا في فروع الديكور والأثاث والمجوهرات والألبسة والإكسسوارات، كما تم برسم هذه الدورة تكريم “لمْعلّم” محمد الأكحل، صانع تقليدي في حرفة الدرازة التقليدية، اعترافا بخبرته ومساهمته بمختلف أعماله للحفاظ والنهوض بالصناعة التقليدية وتطويرها.
وتشتمل “الجائزة الوطنية لأمهر الصناع” على الأصناف التالية: الجائزة الوطنية للتفوق، الجائزة الوطنية للتميز، الجائزة الوطنية التشجيعية والجائزة التكريمية. وقد بلغ عدد الصانعات والصناع المشاركين 598، أما مجموع المؤهلين للنهائيات فهو 207، منهم 92 صانعة تقليدية. وقد توج في هذه الدورة التاسعة 12 صانعة وصانعا تقليديا في الفروع الأربعة سالفة الذكر.