خلصت نتائج دراسة أنجزها “Careers in Morocco”، وهو مكتب للتدريب والتوظيف والدعم، إلى أن “خريجي المدارس العليا للتجارة والمهندسين والمهندسين المعماريين بالمغرب يختارون الوظيفة العمومية كخيار أول، لما توفره من مزايا واستقرار، ولإمكانية الموازنة بين الحياة المهنية والشخصية”.
وأكدت الدراسة التي شملت أزيد من 1000 من خريجي المدارس الكبرى بالمملكة، خلال الفترة ما بين 26 يونيو و22 يوليوز الماضيين، أنه “رغم كون الشركات متعددة الجنسيات مازالت تجذب غالبية الكفاءات الشابة إلا أن عددًا من المكاتب والوزارات والمؤسسات العمومية باتت تبرز كخيارات مهنية مفضلة لدى الجيل الجديد من الخريجين”.
ولفت المصدر ذاته إلى أن “هذا التحول يُعبّر بوضوح عن تغيّر في صورة العمل في القطاع العمومي، إذ إن أغلب الشباب يميلون إلى العمل في الدولة، لما يوفره ذلك من استقرار وظيفي وأجور ومزايا باتت أكثر تنافسية مقارنةً مع القطاع الخاص؛ بل وتتجاوزه في بعض الحالات، خاصة بالنسبة للأطر المؤهلة والمناصب العليا”، وبيّن أيضا أن “الزيادات المتكررة في الأجور على مدى العقود الماضية ساهمت في تلبية مطالب الموظفين العموميين وسد الفجوة مع القطاع الخاص، بل وتتجاوزها في بعض الأحيان”.
وبالنسبة لتفضيلات خريجي المدارس الكبرى (مدارس المهندسين، مدارس التجارة والتسيير، الجامعات المرموقة)، توصلت الدراسة نفسها إلى أن “وزارة الاقتصاد والمالية تتصدر قائمة الوزارات ذات الجاذبية، إذ تجذب 43 في المائة من الخريجين، خاصة خريجي مدارس التجارة وتخصصات المالية، وتُعتبر خيارًا مفضلًا بفضل أهمية مهامها الإستراتيجية، وجودة المشاريع، وآفاق الترقّي داخل الوظيفة العمومية العليا”.
وتأتي وزارة الداخلية في المرتبة الثانية بنسبة استقطاب تصل إلى 32 في المائة، إذ تجذب أساسًا الكفاءات المهتمة بالحكامة والإدارة العمومية؛ في حين تأتي وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المرتبة الثالثة نظير جذبها اهتمامات 14 في المائة من الخريجين، وخصوصًا المهتمين بمسائل الابتكار والقضايا الطاقية.
أما وزارة التجهيز والماء فحظيت بنسبة 11 في المائة من اهتمام الخريجين؛ ومع ذلك فإنها “تبقى وجهة مفضلة لمهندسي الأشغال العمومية، ولاسيما المهتمين بالمشاريع الكبرى والبنية التحتية في ظل الأوراش المفتوحة استعدادًا لكأس العالم 2030”.
في سياق متصل يتصدر المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) قائمة المؤسسات العمومية الجاذبة لخريجي المدارس الكبرى بالمغرب، إذ يجذب اهتمام 41 في المائة منهم، نظير مشاريعه الصناعية ومستوى الأجور؛ الأمر الذي يجعله “وجهة مفضلة للمهندسين في مجالات الهندسة الصناعية والميكانيكية، إضافة إلى تخصصات المالية”.
ومن بين المؤسسات التي وظّفت بشكل كبير سنة 2025، وفق المصدر ذاته، المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE)، “الذي يجذب أساسًا مهندسي الكهرباء والهيدروليك بفضل مشاريعه الإستراتيجية في مجالي الطاقة والماء”، متفوقًا بذلك على الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية (ANCFCC) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS).
ويوجد المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) أيضًا ضمن قائمة هذه المؤسسات والمكاتب، إذ يستقطب الكفاءات في مجالي الهندسة المدنية واللوجستيك، جنبًا إلى جنب مع المكتب الوطني للمطارات (ONDA) الذي يحل في المرتبة الرابعة، متبوعًا بالوكالة المغربية للطاقة المستدامة (MASEN) التي تجذب المهتمين بمجال الطاقة المتجددة والحلول المستدامة.
أما الوكالات ذات الطابع التنظيمي أو التنموي القطاعي، مثل الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT) والمكتب الوطني المغربي للسياحة (ONMT)، فهي “تركز اهتمامها على تخصصات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتسويق”، بحسب المصدر ذاته.
وسجّلت “Careers in Morocco” أن “الأرقام تفيد بأن المكاتب والوكالات والشركات العمومية التي توفر مشاريع تقنية مبتكرة وذات قيمة وطنية عالية تُعتبر جذابة بشكل خاص للكفاءات الشابة المغربية”، وخلصت إلى أن “نجاح الوزارات والمكاتب والشركات العمومية مستقبلا سيعتمد على قدرتها على تقديم مسارات مهنية محفزة، ومشاريع مبتكرة، وفرصٍ للقيادة، وذلك بغرض جذب والاحتفاظ بالجيل الجديد من الكفاءات المغربية الباحثة عن الجمع بين الإسهام الوطني والتطور المهني”.