آخر الأخبار

"عام كامل بلا مستحقات".. فلاحو الكيف بتاونات يتهمون شركات بـ"الاستيلاء على أرزاقهم" - العمق المغربي

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

يعيش المئات من مزارعي “الكيف” بإقليم تاونات أزمة خانقة بسبب عدم أداء بعض الشركات لمستحقاتهم منذ ما يقارب العام، في وقت سجل فيه المغرب إنتاجا قياسيا خلال 2024 تجاوز 4 آلاف طن من القنب الهندي المقنن. وبينما تَعِد الوكالة الوطنية بتعزيز هيكلة القطاع والانفتاح على الأسواق الدولية، يظل المزارعون يطالبون فقط بصرف مستحقاتهم وإنقاذ أسرهم من الفقر والديون.

وكشفت مصادر من داخل عدد من تعاونيات زراعة القنب الهندي (الكيف) بإقليم تاونات، أن بعض الشركات المتعاقدة معها لجمع وتحويل وتثمين محاصيل القنب، تواصل الامتناع عن أداء مستحقات المحاصيل التي تسلمتها منذ ما يقارب السنة، في خرق واضح لمقتضيات القانون الذي يُلزم الشركات بأداء مستحقات التعاونيات في أجل لا يتجاوز شهرا واحدا.

وبحسب معطيات حصلت عليها جريدة “العمق”، فإن أكثر من 24 تعاونية فلاحية لم تتوصل إلى حدود الساعة بمستحقاتها المالية، رغم مرور قرابة عام على تسليم المحاصيل، حيث تضم كل تعاونية عشرات الفلاحين، ما يعني أن عدد الفلاحين المتضررين يُقدر بالمئات.

وتشير مصادر جريدة “العمق” إلى أن إحدى الشركات المتعاقدة لوحدها مع 18 تعاونية، بينها تعاونيات تضم أكثر من 100 مزارع، كانت قد تسلمت محاصيلهم في أكتوبر 2024، غير أن المستحقات المالية لم تُؤدَّ حتى اليوم بعد مرور زهاء عام من تسليم المحاصيل.

بالمقابل، تُرجع هذه الشركة -وفق ما كشفته مصادر أخرى- سبب التأخير في أداء مستحقات التعاونيات إلى “تعقيدات مسطرية” مرتبطة بعدم قدرتها على تسويق منتجاتها بسبب اشتراط المعايير الدولية للجودة، التي تلزمها بالتوفر على شهادات مطابقة، معتبرة أن الأمر خارج عن إرادتها.

بين القضاء والاحتجاجات

في هذا الصدد، كشف رؤساء عدد من التعاونيات المتضررة، أن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي نصحتهم باللجوء إلى القضاء لاسترجاع حقوقهم، غير أنهم يخشون هذا المسار لأنه قد يعرضهم لفقدان التراخيص، بموجب القانون الذي يمنح الوكالة صلاحية سحب التراخيص من الشركات والتعاونيات التي تخرق التزاماتها.

والمثير -حسب نفس المصادر- هو أن التعاونيات المتضررة ملزمة، وفق العقود الموقعة، بتسليم محاصيل الموسم الجديد للشركة نفسها، رغم عدم أدائها المستحقات السابقة، وإلا فإن القانون يُلزم الوكالة بإتلاف تلك المحاصيل.

إقرأ أيضا: العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي.. خطوة تاريخية تعيد تشكيل مستقبل زراعة “الكيف” بالمغرب

هذا الوضع دفع عشرات المزارعين ورؤساء التعاونيات إلى تنظيم مسيرة احتجاجية على الأقدام في غشت الماضي، انطلقت من جماعة غفساي في اتجاه عمالة تاونات، للمطالبة بصرف مستحقاتهم العالقة منذ أكتوبر الماضي.

وقال أحد الفلاحين المحتجين لجريدة “العمق”: “نعيش أوضاعا مأساوية رفقة عائلاتنا دون أي مورد رزق، شهور من العمل ضاعت وتم أخذ أرزاقنا دون وجه حق، ومنا من غرق في ديون الزراعة، والوعود التي تلقيناها من السلطات والوكالة لم تنفذ”، وفق تعبيره.

وأضاف آخر: “بدل نصحنا بالتوجه إلى المحاكم، كان الأولى على الوكالة رفع ملتمس لوزارة الداخلية للتدخل. نحن لا نطالب إلا بمستحقاتنا، لا أكثر ولا أقل”، مشيرا إلى أن المزارعين أصبحوا يعانون الفقر المدقع، والديون أثقلت كاهلهم، وحتى أصحاب محلات المواد الغذائية أفلسوا بسبب كثرة ديون الفلاحين، وفق قوله.

فقدان الأمل والتهديد بالتصعيد

رئيس إحدى التعاونيات التي تضم 42 مزارعا، قال للجريدة إن “صاحب الشركة نصب علينا منذ دجنبر 2024، ونحن اليوم على حافة الانهيار الاجتماعي والصحي”، لافتا إلى أن المزارعين فقدوا الأمل في الوعود الرسمية، ويعتزمون تنظيم مسيرة أخرى نحو العاصمة الرباط للاعتصام أمام مقر وزارة الداخلية.

كما انتقد فلاحون آخرون مقترح الوكالة الوطنية بالتعاقد مع مستثمر جديد مقابل الحصول على 50% فقط من قيمة المحصول، واصفين ذلك بـ”الحيف والظلم”.

وقال أحدهم: “لقد سلمنا محاصيلنا إلى أياد غير آمنة، ووُعِدنا بأن تجربة الكيف المقنن ستدر علينا دخلا وتسهم في تنمية المنطقة، لكن النتيجة هي الاستيلاء على أرزاق منطقة كاملة دون وجه حق” حسب تعبيره.

يُشار إلى أن القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستخدامات القانونية للقنب الهندي، يفرض على الفلاحين الانخراط في تعاونيات خاصة، وإبرام عقود مع الشركات المرخصة لجمع وتصنيع المحصول، على أن تُتلف الوكالة الوطنية أي فائض إنتاج خارج العقود.

إنتاج غير مسبوق ورخص متزايدة

وخلال سنة 2024، حقق المغرب إنتاجا غير مسبوق من القنب الهندي المشروع، بلغ 4082.4 طن بمردودية متوسطة تصل إلى 20 قنطارا للهكتار، موزعة على 2786.7 طن من الصنف المحلي “بلدية” و1295.7 طن من الأصناف المستوردة.

وحسب معطيات الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، فقد تمت زراعة 2169 هكتارا من طرف 2647 فلاحا منخرطين في 189 تعاونية، إلى جانب اعتماد 7.6 مليون بذرة مستوردة، ومنح تراخيص باستخدام 1717 قنطارا من بذور بلدية.

كما درست الوكالة خلال سنة 2024 ما مجموعه 4158 طلب ترخيص، منحت على إثرها 3371 رخصة، من بينها 3056 رخصة لفائدة 2907 فلاحين في نشاط الزراعة والإنتاج، إضافة إلى رخص للتحويل (77)، والتسويق (83)، والتصدير (67)، واستيراد البذور (35)، والنقل (50)، وغيرها.

وأكدت الوكالة أن جميع الأنشطة المرتبطة بالقنب الهندي خضعت للمقتضيات التنظيمية، مشيرة إلى أنها بصدد مضاعفة جهودها خلال سنة 2025 لتعزيز هيكلة هذا القطاع، وتعبئة التمويل لفائدة المزارعين الصغار، والانفتاح على الأسواق الدولية، بما يضمن ممارسة آمنة وذات مردودية للأنشطة، ويساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمناطق المعنية بالتقنين.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا