آخر الأخبار

نفايات البناء تغزو شوارع البيضاء.. وأكوام الركام تشوه العاصمة الاقتصادية - العمق المغربي

شارك

تعيش مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، على وقع أزمة بيئية خانقة بسبب تكدس النفايات الهامدة في عدد من الأحياء والشوارع، ما جعل المشهد الحضري للمدينة يتعرض لتشويه كبير، وأثار استياء عارما لدى السكان، الذين باتوا يعتبرون أن أوضاع النظافة وصلت إلى مستويات مقلقة تنعكس سلبا على الحياة اليومية وجودة العيش.

في جولة قصيرة بعدد من مقاطعات الدار البيضاء، يلحظ الزائر بسهولة تراكم الأتربة وبقايا مواد البناء والركام في الأزقة والفضاءات العامة وحتى بالقرب من المؤسسات التعليمية والإدارات.

هذه النفايات المتراكمة، التي يفترض أن تجمع وتنقل بشكل دوري، تحولت إلى نقاط سوداء ثابتة، بل أصبحت جزءا من المشهد العام، ما يطرح أسئلة ملحة حول نجاعة البرامج التي يروج لها مجلس المدينة في قطاع النظافة.

ويشير عدد من المواطنين إلى أن انتشار هذه الأكوام لا يشكل فقط خطراً على جمالية المدينة، بل يترتب عنه أضرار صحية وبيئية متعددة، حيث تتحول إلى مصدر للغبار والأتربة التي تهدد الجهاز التنفسي، خاصة لدى الأطفال وكبار السن، فضلا عن كونها بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والقوارض.كما أن وجود هذه النفايات في أماكن قريبة من الطرقات يعيق حركة المرور ويشكل خطرا على سلامة السائقين والراجلين.

في المقابل، يرى بعض المراقبين أن أزمة النفايات الهامدة لا يمكن تحميلها لمجلس المدينة وحده، بل هي مسؤولية مشتركة بين السلطات المحلية والمجتمع المدني والمواطنين.

وحسب مهتمين بالشأن المحلي، فإن الكثير من هذه النفايات مصدرها أوراش البناء والإصلاحات الفردية، حيث يقوم بعض المواطنين بالتخلص منها عشوائياً في الأزقة والفضاءات العامة، ما يفاقم من حجم الظاهرة.

وقال مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بقطاع النظافة، إن المجلس الجماعي الحالي وجد نفسه منذ توليه المسؤولية أمام معضلة حقيقية تتمثل في الانتشار الكبير وغير المسبوق لما يعرف بـ”النفايات الهامدة”، موضحا أن هذه الكميات المهولة فاقت كل التوقعات وأصبحت تشكل ضغطا كبيرا على المنظومة البيئية والجمالية للعاصمة الاقتصادية.

وأكد أفيلال أن المجلس لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الوضع المقلق، بل شرع في البحث عن حلول عملية لتفادي تدهور صورة المدينة وتفاقم المشاكل المرتبطة بالنظافة، لافتا إلى أن جماعة الدار البيضاء اضطرت إلى طلب رخصة استثنائية من وزارة الداخلية للتخلص من هذه النفايات التي تتطلب معالجة خاصة ومجهودات لوجستيكية ومالية كبيرة.

أمام هذا الوضع، يجد مجلس جماعة الدار البيضاء، برئاسة نبيلة الرميلي، نفسه في موقف حرج، إذ يوجه عدد من المتتبعين والفاعلين الجمعويين أصابع الاتهام إلى ضعف آليات المراقبة والتتبع، وتراخي الشركات المفوض لها تدبير قطاع النظافة.

ويعتبر هؤلاء أن المجلس لم ينجح في فرض استراتيجية واضحة للتخلص من النفايات الهامدة، رغم الميزانيات الضخمة التي تخصص سنويا لهذا القطاع الحيوي.

ورغم الوعود التي قطعت خلال الحملات الانتخابية بشأن إحداث نقلة نوعية في تدبير قطاع النظافة، فإن ساكنة الدار البيضاء ما تزال تنتظر حلولا ملموسة. فغياب نقاط مخصصة لرمي النفايات الهامدة وغياب عقوبات رادعة ضد المخالفين يزيدان من تفاقم الأزمة.

ويطالب سكان العاصمة الاقتصادية بوضع مخطط عملي يدمج الجانب التوعوي مع التدبير الصارم، مع توفير أماكن خاصة للتخلص من هذه المخلفات.

وأشار المسؤول الجماعي إلى أنه ورغم الجهود المبذولة، فإن ظاهرة النفايات الهامدة عادت بقوة خلال الأشهر الأخيرة، مما يدل على استمرار عجز بعض القطاعات عن التحكم في مصادرها، خصوصا المرتبطة بورشات البناء والهدم وأشغال الأشغال العمومية، وهو ما يطرح تحديات مضاعفة أمام السلطات المحلية.

وأضاف أن الإكراه الأكبر الذي تواجهه الجماعة يكمن في محدودية السيولة المالية، إذ لا تتوفر ميزانية كافية لنقل هذه الكميات بشكل يومي إلى المطرح المخصص لها، مما يجعل بعض الأحياء تعاني بشكل متكرر من تراكم الأتربة ومخلفات البناء، وهو ما يغرق الدار البيضاء في أجواء غير لائقة بمكانتها كعاصمة اقتصادية للمغرب.

وفي ختام تصريحه، شدد أفيلال على أن المجلس الجماعي خصص مطرحا خاصا للتخلص من هذه النفايات تفاديا لتحويل المدينة إلى مكب عشوائي، لكنه أكد في الوقت ذاته أن نجاح هذه المقاربة يتطلب تضافر جهود جميع المتدخلين، من سلطات محلية ومقاولات ومواطنين، بهدف وضع حد نهائي لهذا المشهد الذي يسيء لجمالية الدار البيضاء ويمس بجاذبيتها الاستثمارية والسياحية.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا