طالب عدد من أعضاء مجلس مدينة الدار البيضاء بفتح تحقيق إداري عاجل للكشف عن ملابسات القرار الذي منع فريق الاتحاد البيضاوي لكرة القدم “الطاس” من الاستفادة من حصصه التدريبية على أرضية ملعب العربي الزاولي والملعب الملحق به، معتبرين أن ما وقع يمس بشكل مباشر بمصداقية المؤسسات المنتخبة والاتفاقيات الرسمية المصادق عليها.
وأكد المنتخبون أن قرار المنع يشكل خرقا واضحا للاتفاقية التي سبق أن صادق عليها مجلس جماعة الدار البيضاء خلال السنة الماضية، والتي تنص على تمكين الفريق البيضاوي العريق من استغلال الملعب التاريخي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالحي المحمدي وبالذاكرة الرياضية الوطنية.
وشدد أعضاء المجلس على أن مثل هذه القرارات الأحادية الجانب تضرب في العمق مبدأ استمرارية المرفق العمومي واحترام المؤسسات التمثيلية.
وعبّر مستشارون جماعيون، خصوصا المنحدرين من الحي المحمدي، عن رفضهم الشديد لما وصفوه بـ”الحصار الممنهج” الذي يستهدف نادي الاتحاد البيضاوي، معتبرين أن الفريق لا يمثل فقط مؤسسة رياضية، بل يعد جزءا من الهوية التاريخية والاجتماعية للحي ولساكنته.
وأضاف الأعضاء أن ما يحدث اليوم يكشف عن محاولات خفية لطمس الحقيقة وممارسة سياسة “الانتقام الرياضي” من طرف بعض الجهات التي تسعى، حسب تعبيرهم، إلى تهميش النادي وإبعاده عن محيطه الطبيعي.
وطالب المنتخبون أيضا رئاسة المجلس بالتدخل العاجل لإعادة الأمور إلى نصابها، وضمان تمكين الفريق من حقه المشروع في استعمال الملعب، باعتبار ذلك التزاما قانونيا وأخلاقيا في آن واحد.
كما دعا المنتخبون إلى ضرورة تعزيز الشفافية في تدبير المرافق الرياضية الكبرى بالعاصمة الاقتصادية، وتوضيح الجهة المسؤولة عن قرار المنع، مؤكدين أن مثل هذه التجاذبات تضرب في الصميم صورة مدينة الدار البيضاء كحاضرة رياضية واقتصادية لها إشعاع وطني.
وأكد مروان الراشدي، عضو مجلس جماعة الدار البيضاء، أن ملعب العربي الزاولي خضع لعملية إصلاح وتأهيل شامل من طرف شركة “سونارجيس”، وذلك في إطار الدينامية الوطنية التي تعرفها البنية التحتية الرياضية بمختلف جهات المملكة.
وشدد على أن فريق الاتحاد البيضاوي، المعروف اختصارا بـ”الطاس”، يملك حقا تاريخيا في الاستفادة من هذا الملعب باعتباره جزءا من هويته وذاكرته الكروية.
وأوضح الراشدي، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن مجلس جماعة الدار البيضاء سبق أن صادق بشكل رسمي على اتفاقية تنص بوضوح على أحقية الفريق البيضاوي في الاستفادة من ملعب العربي الزاولي ومنحه الأولوية في برمجة تدريباته ومبارياته، غير أن ما يحدث اليوم – حسب تعبيره – “يمثل ضربا لهذا الاتفاق عرض الحائط، بعدما فوجئ الفريق بمنع لاعبيه من إجراء الحصص التدريبية بقرار صادر عن مجلس المدينة نفسه”.
وأضاف المتحدث أن القضية بدأت بشكل تدريجي حين قامت شركة “سونارجيس” في البداية بمنع شبان الفريق من دخول الملعب الملحق، قبل أن يتطور الأمر إلى منع الفريق الأول كليا من الاستفادة من الملعب الرئيسي، وهو ما اعتبره الراشدي أمرا غير قانوني ويتعارض كليا مع القرارات السابقة لمجلس الجماعة.
وتابع قائلا: “إذا خرج أحد أعضاء المجلس ليدعي أن الاتفاقية النهائية لم تتضمن بندا يخص أولوية الاتحاد البيضاوي، فإن ذلك يعد تزويرا واضحا للحقائق”، مذكرا بأن نائب عمدة الدار البيضاء المفوض له تدبير قطاع الرياضة سبق له أن أكد بشكل رسمي مضمون هذه الاتفاقية وحق “الطاس” في الاستفادة من الملعب.
وانتقد الراشدي بشدة ما وصفه بـ”الخرق الصارخ للقانون والتجاوز غير المسبوق داخل مجلس مدينة الدار البيضاء”، معتبرا أن حرمان الاتحاد البيضاوي من ملعبه التاريخي لا يمثل فقط اعتداء على حقوق فريق عريق، بل يشكل أيضا ضربة موجعة لصورة المدينة في مجال تدبير الشأن الرياضي.
كما استنكر ما أسماه بـ”الحصار الممنهج” المفروض على فريق الاتحاد البيضاوي، معتبرا أن شركة “سونارجيس” تختبئ وراء قرارات مجلس المدينة لتبرير ممارساتها، في حين أن الحقيقة معروفة لدى جميع الأعضاء الذين صادقوا على الاتفاقية بوعي ومسؤولية.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن ما يجري “لا يقتصر على نزاع رياضي محلي، بل يعكس خللا عميقا في الحكامة والتدبير داخل المؤسسات المنتخبة، ويكشف عن الحاجة الملحة إلى إعمال الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا تتحول قرارات مثل هذه إلى سوابق تضرب في العمق ثقة المواطنين في المؤسسات”.