آخر الأخبار

كتاب جديد يرصد عناية إمارة المؤمنين بالمولد النبوي الشريف في المغرب

شارك

صدر عن المركز الثقافي الكنتي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف كتاب جديد بعنوان: “إمارة المؤمنين بالمغرب بين حراسة الدين وسياسة الدنيا: العناية المولوية بالمولد النبوي الشريف أنموذجًا”، من تأليف الدكتور أمين انقيرة، إمام مرشد بالمجلس العلمي المحلي بمراكش، والدكتور ياسين بن روان، عضو المجلس العلمي المحلي بالعيون.

ويُعد هذا الكتاب مساهمة توثيقية وتحليلية ترصد أوجه العناية التي توليها مؤسسة إمارة المؤمنين في المملكة المغربية لهذه المناسبة الدينية، باعتبارها إحدى أبرز المحطات التي تعكس تداخل البعدين الديني والسياسي في سير عمل الدولة المغربية.

ينطلق المؤلفان من مقاربة تؤكد أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في المغرب ليس تقليدًا عابرًا أو ممارسة فلكلورية، بل هو فعل متجذر في الوجدان الديني للمغاربة، تؤطره شرعية دينية مستمدة من مقاصد الشريعة، وتدعمه مشروعية سياسية متصلة بأدوار إمارة المؤمنين في حراسة الملة والدين.

ويعرض الكتاب سياقات هذا الاحتفاء، الذي يمتد تاريخيًا على مدى قرون من الحكم الإسلامي في المغرب، مرورًا بالدولة الموحدية والمرينية والسعدية، وصولًا إلى الدولة العلوية، حيث تبلورت أشكال مؤسساتية للاحتفال بهذه الذكرى، وارتبطت مباشرة بالسلطان بصفته أميرًا للمؤمنين.

ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول، تتناول الجوانب المختلفة للعناية المولوية بالمولد النبوي، وتُستعرض من خلالها نماذج عملية من الخطب الملكية، وكلمات وزراء الأوقاف، والأنشطة الرسمية التي تواكب هذه المناسبة سنويًا، وخاصة في عهد الملك محمد السادس، بإحياء ليلة المولد النبوي في تقليد ديني رسمي يُجسد الصلة الوثيقة بين إمارة المؤمنين والمرجعية النبوية.

كما يسلط الكتاب الضوء على مساهمات المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى في تخليد هذه الذكرى، من خلال تنظيم محاضرات وندوات دينية، وتلاوة السيرة النبوية، وختم كتاب الشفا للقاضي عياض، وقراءة قصائد المديح النبوي، وعلى رأسها بردة الإمام البوصيري التي اكتست بطابع مغربي خاص في الإنشاد والأداء.

لا يغفل المؤلفان أهمية الزوايا الصوفية في ترسيخ مظاهر الاحتفال بالمولد، ويخصصان حيّزًا للحديث عن الزاوية الكنتية باعتبارها نموذجًا بارزًا لعناية العلماء والصلحاء بالمولد النبوي، من خلال حفظ المخطوطات وقراءة القصائد والمدائح، ويستعرضان كذلك مساهمات الزاوية البصيرية والتيجانية، بما يكشف عن تفاعل البنية الدينية التقليدية للمغرب مع مرجعية إمارة المؤمنين.

ويتوقف الكتاب أيضًا عند نماذج من احتفالات الملوك والسلاطين العلويين بالمولد الشريف، منذ المولى محمد الثالث إلى الملك محمد السادس، مما يعكس استمرارية هذا النهج في ارتباطه بالوظيفة الدينية والسياسية للعرش المغربي.

يمثل الكتاب امتدادًا لمشروع علمي يتبناه المؤلفان في مجال التوثيق لثوابت المملكة، وهو يستند إلى قراءة متأنية للمعطى الديني الرسمي، ويراهن على إبراز التماهي القائم بين حب المغاربة للنبي صلى الله عليه وسلم وارتباطهم بمؤسسة إمارة المؤمنين باعتبارها حامية للملة والدين، وراعية للهوية الإسلامية السنية المالكية الوسطية.

ويؤكد المؤلفان في تقديمهما أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس فقط مناسبة للتعبير عن الفرح والبهجة، بل هو لحظة تربوية يتجدد فيها الولاء للجناب النبوي والبيعة الشرعية للعرش العلوي، ويُستحضر من خلالها النموذج النبوي باعتباره مصدرًا للقيم والمثل، ومُنطلقًا للتربية الروحية والأخلاقية.

يتوّج الكتاب بكلمة تقديمية للدكتور حبيب الله الكنتاوي، رئيس المركز الثقافي الكنتي، الذي يرى أن هذا العمل يندرج في إطار الجهود الرامية إلى تحصين ثوابت الأمة، وتعزيز الصلة بسيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، لا سيما في زمن تتكاثف فيه محاولات الطعن في المقدسات والرموز الجامعة، مؤكدا أن ما قام به الباحثان يمثل نموذجًا لما يجب أن تكون عليه الكتابة الدينية المعاصرة، التي تنهل من التراث، وتستند إلى المشروعية العلمية، وتخدم المصلحة العليا للبلاد.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا