آخر الأخبار

أحزاب تتفادى اقتراح "اشتراط التعليم".. مقتضيات دستورية أم رهانات انتخابية؟

شارك

باستقراء ما رشح ـ إلى حدود الساعة ـ من المذكرات المرفوعة إلى وزارة الداخلية بشأن مراجعة المنظومة الانتخابية المؤطرة للانتخابات المقبلة، اتضح أن جُلّ الأحزاب السياسية المغربية لم تتقدم بمقترحات لاشتراط مستوى تعليمي محدد بالنسبة للمترشحين لعضوية مجلس النواب.

ويأتي ذلك في ظل مطالب مدنية وشعبية بـ”اشتراط البكالوريا”، على سبيل المثال، بالنسبة للأفراد المقبلين على الترشح لعضوية هذا المجلس، بما من شأنه “دعم نجاعة المؤسسة التشريعية وتعزيز رقابتها على المؤسسة التنفيذية”.

وفي المقابل لا يشترط القانون التنظيمي رقم 04.21 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب شروطا بشأن المستوى التعليمي الأدنى المطلوب للترشح للانتخابات التشريعية، ما يراه البعض “فراغا قانونيا يسمح بولوج ذوي المستوى التعليمي المحدود إلى المؤسسة”.

وتشير قراءات متطابقة إلى أن من بين ما يحول دون تقدم الأحزاب بمقترحات حول المستوى التعليمي للمترشحين لعضوية مجلس النواب “عدم دستورية” هذه النقطة. ويبرز أيضا المبرّر الآخر المرتبط بالتأثير المتوقع للأمر على نتائج الأحزاب في الانتخابات، مادام أن جزءا من ترشيحاتها يؤول إلى الأعيان و”مّالين الشكارة”، ممن يشكلون جوهر رأسمالها الانتخابي.

ويرى حميد بحكاك، باحث في مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، أن “التوجس حاضر لدى هذه الأحزاب بشأن هذه النقطة، ولاسيما مع الحديث عن عدم دستوريتها وإمكانية رفضها وإسقاطها من قبل المحكمة الدستورية”.

وقال بحكاك، في تصريح لهسبريس، إن “شرط المستوى التعليمي مهم بالنسبة للنخبة البرلمانية، غير أنه ليس كافيا من أجل تجاوز كل الملاحظات المثارة بشأن عمل المؤسسة التشريعية”، موضحا أن “شكاوى النسيج المدني أو الحقوقي لا تركز على هذا الشرط بالشكل الذي تتحدث به عن كل ما يتعلق بالنزاهة والشفافية”.

وبشأن تمثيلية الأعيان لفت الباحث في الشأن الحزبي المغربي إلى أن “المشكل ليس في وصولهم إلى البرلمان أو في مستواهم التعليمي في حد ذاته، وإنما في طريقة وصولهم، وذلك باستحضار النقاش المتواصل حاليا بشأن مواجهة بعضهم، اليوم، مساطر قضائية”.

وأفاد المتحدث في السياق نفسه بأن “موضوع المستوى التعليمي يبقى تفصيلا جزئيا، ولا يتحكم في جودة العمل التشريعي، ولاسيما إذا لم يصاحب بشروط أخرى، خصوصا المتعلقة بالنزاهة في المحطات الانتخابية”.

في سياق متصل أوضحت كريمة غراض، باحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن “اقتراح مستوى البكالوريا بالنسبة للنواب البرلمانيين تُمليه ظروف الاشتغال داخل اللجان البرلمانية وإعداد مقترحات القوانين، ولاسيما أن (القوانين المؤسّسة) التي مرت في هذه الدورة التشريعية قبل الصيف، مثل القانون التنظيمي للإضراب، عرف تغيّب حوالي 291 نائبا عن جلسة التصويت الخاصة به”.

وأكدت غراض، في تصريح لهسبريس، ما مفاده أن “النقاش بشأن إصلاح منظومة العدالة، على سبيل المثال، عرف تغيّب حوالي 333 نائبا برلمانيا”، مردفة: “لو كانت هذه القوانين ذات جاذبية بالنسبة لهذه النخبة، ولو تم استحضار المسؤولية الوطنية إزاء صفة ‘ممثل الأمة’، لكان الحضور متميزا ومقنعا، وكان سيوازيه نقاش عال ومستفيض”، مبرزة أن ذلك “لن يتأتى إلا بحضور نخبة لها مسار تعليمي يكفل لها نقاش مثل هذه القضايا”.

وزادت المتحدثة ذاتها: “تراجع الأحزاب السياسية عن تضمين الشرط المذكور ضمن مذكراتها الخاصة بالانتخابات ليس بفعل تخوفها من عدم الدستورية، بل ربما أعادت حساباتها بخصوص الدوائر التي تنوي الترشح فيها للحصول على مقاعد، وهو ما لن يتأتى إلا بترشيح الأعيان وبعض ذوي النفوذ والمال (مالين الشكارة) الذين يبقى مستواهم دون الباكلوريا عادة”.

وأفادت الباحثة ذاتها بأن “البلاد تحتاج إلى نخبة وطنية حقيقية تمثلها في تدبير الشأن العام”، خاتمة: “النواب الذين يعتبرون ممثلي الأمة يجب أن يحظوا بشرف التمثيل بالحضور والنقاش المستفيض. وعلى الأحزاب أن تؤطر مناضليها في مدارس التكوين الحزبي، على اعتبار أنها تتلقى دعما ماليا، وبالنظر إلى أن الدستور أناط بها تأطير المواطنين”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا